آداب الســــؤال
نتناول في هذه الحلقة -أيها القارئ الكريم- آداب السؤال وهي مهمّة جدّا، لأن السير على ضوئها والمحافظة عليها كفيلة بجعل صاحبها يستفيد ويفيد، ويرتاح ويُريح،
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إل?ه إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدّين.
نتناول في هذه الحلقة –أيها القارئ الكريم- آداب السؤال وهي مهمّة جدّا، لأن السير على ضوئها والمحافظة عليها كفيلة بجعل صاحبها يستفيد ويفيد، ويرتاح ويُريح، حيث يوفر على نفسه وعلى غيره أوقاتا وجهودًا يحتاجها في مجالات أخرى.إن الله تعالى ورسوله د حثَّ على السؤال للوصول إلى العلم والمعرفة، قال رسول الله د :«ألا سألوا حينَ جهلوا فإنما شفاء العييّ السؤال» رواه أبو داود (337) وغيره وهو حديث صحيح.
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:«نِلتُ العلم بقلبٍ عقول، ولسان سؤول». وقالت عائشة ك:«نِعْمَ النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقَّهن في الدين». وقال محمد بن شهاب رحمه الله تعالى:«لا يتعلم العلم مُسْتَحْيٍ ولا مستكبِر».
على ضوء ما سبق ينبغي للمسلم أن يسأل عما يفيده في أمر دينه ودنياه، حتى لا يَقدُمَ على شيء إلا بعلمٍ بيِّنٍ، وبرهان واضح. غيرَ أن للسؤال –في الإسلام- آدابا يجب على المسلم مراعاتها، وخطوات يجب عليه احترامها، حتى يرجع عليه السؤال بالخير والبركات وليس بالشرِّ والمكدِّرات، فمن هذه الآداب:
1- أن يقصد بسؤاله وجه الله تعالى بالأجر والمثوبة من عنده سبحانه، لأنه بالسؤال يطبّق أمر الله تعالى ورسوله د حيث أمرَ بالسؤال.
2- أن يقصد رفع الجهالة عن نفسه، فإن العلم نور والجهل ظلمات.
3- أن لا يقصد من سؤاله تعجيز المسؤول أو الاستهزاء به أو إتعابه أو إحراجه، قال علي رضي الله عنه اسأل تَفَقُّهًا ولا تسأل تَعَنُّتًا.
4- أن لا يسأل من هبَّ ودبَّ، بل يسأل من كان معروفًا بالعلم ومشهورًا بالتخصص فيه.
5- أن لا يسأل عن حكم أشياء لم تقع، وعن الفرضيات، والتوقعات، بل يسأل عَمَّا هو واقع مما يعنيه ويحتاج إلى معرفة حكم الشريعة ليعمل به، فإذا كان لا يعنيه فلا يسأل عنه، وعليه أن يملأ وقته بالعمل بما بعنيه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من حسن إسلام المرء تَرْكُهُ ما لا يعنيه» رواه الترمذي (2317) وهو حديث حسن.
وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى:«لا أحب السؤال إلا عَمَّا وراءَهُ عَمَلٌ».
6- أن لا يسأل عَمَّا جوابه فيه إساءة له أو للناس أو يُحدث فتنة وبلبلة في الأمَّة.
7- أن لا يسأل عَمَّا أخفاه الله عن عباده ولم يُطلعهم عليه، لأنه لا فائدة من العلم بذلك، كالسؤال عن وقت قيام الساعة، سأل رجُل رسولَ الله د عن الساعة؟ فقال له:«ما أعددت لها؟» رواه البخاري (6171)، ومسلم (2639). فنلاحظ هنا أن النبي د حوّل سؤال الرَّجُل مما لا ينفع إلى ما ينفع وهو الاستعداد للآخرة بالإيمان والعمل الصالخ.
موقف المسؤول من السائل المخالف لآداب السؤال: إذا رأى المسؤول من السائل تجاوزا ومخالفة لآداب السؤال فله أن لا يجيبه، كما يجوز له أن يزجره عن ذلك بكلام مناسب، وأسلوب لائق، ولا يُعتبر هذا حرمانا من حرية التعبير، ولا مانعا من حرية التفكير، بل هو تنظيم لعملية التعليم، وإرشاد لحرية التفكير، وتوجيه لحرية التعبير، حتى يستفيد السائل والمسؤول، وتُوَفَّرَ الأوقات والجهود فيما يعود بالنَّفع والفائدة على الجميع قال الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألأوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم” [المائدة:101].
وفقنا الله جميها لما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب.