إعــــلانات

أسرار عن الوزير الذي حارب «المافيا» على فراش المرض

أسرار عن الوزير الذي حارب «المافيا» على فراش المرض

عاش حياته كافلا للأيتام ورفض الإقامة في نادي الصنوبر 

بختي بلعايب رفض في الثمانينات منح رخصة استيراد لمبعوث من الشاذلي بن جديد

انتقل، أول أمس، إلى رحمة الله، وزير التجارة السابق، بختي بلعايب، بمستشفى في العاصمة الفرنسية باريس، أين كان يعالج من مرض عضال صارعه طويلا، تاركا وراءه 5 أبناء وزوجته، من بينهم ابنتان بالكفالة، هما أصلا ابنتا شقيقه المتوفي في حادث مرور منذ سنوات.

«النهار» تنقلت أمس، إلى مسكن الفقيد الكائن بحي الكثبان في الشراڤة، وتقربت من أفراد عائلته الذين أجمعوا على أن الراحل عاش حياته زاهدا متواضعا، حيث كشفوا أنه رفض الإقامة بنادي الصنوبر مثل زملائه ونظرائه في الحكومة، وفضّل الاحتفاظ بنمط معيشته البسيطة، كما تحمل مسؤولية المنزل حتى في أبسط الأمور. المرحوم، بختي بلعايب، من مواليد 22 أوت 1953، ببلدية ثنية الحد في ولاية تيسمسيلت، متزوج وأب لخمسة أطفال من بينهم بنتا أخيه اللتان كفلهما بعد وفاة أخيه وزوجته في حادث مرور منذ سنوات، فضل العيش في منزله الشخصي بعد استوزاره، وآثر البساطة على معيشة الوزراء والحرس والخدم والحشم في نادي الصنوبر، رغم الدواعي الأمنية التي تفرض ذلك، وظل متمسكا بموقفه ورفض رفضا قاطعا التنقل إلى إقامة الدولة. وفي حديث مع إحدى قريباته، أكدت هذه الأخيرة أن المرحوم «بختي» مثلما يناديه أفراد عائلته ومقربوه، كان يحرص على اليتيمات اللواتي كفلهن منذ نعومة أظافرهن، إلى أن استوفى الأمانة وبلغن أشدهن. وتضيف «قبل ثلاثة أشهر زوّج بختي ابنة أخيه الصغرى، واحتفل بزواجها بالزرنة، ورقص على إيقاعها، والغريب هو أنه كان يشعر بدنو أجله، حيث قال لها مقبّلا جبينها.. أحمد الله أني زوجتك أنت وأختك قبل أن يغلبني المرض ويستوفي الله أمانته»، وأضافت قائلة: «لم يكن يفرق بين فلذات كبدته وبنات أخيه، وكان يحرص على أن تكون معاملته منصفة من دون أن يشعرهن بغياب والدهن». أما صديق عمره «محمد» الذي صعق لفراقه، فقال والدموع تملأ عينيه: «بختي الذي تزوج زميلته في وزارة التجارة آنذاك، قرر وقفها عن العمل معه بالوزارة مباشرة بعد زواجهما تفاديا لأي كلام أو مشاكل قد تحدث له أو تنسب له، خصوصا وأنه يتبوأ منصبا مرموقا، أين طال مكوثها لعدة سنوات بالبيت فاهتمت بأبنائها وبنات أختها، كون الوزير الراحل وأخيه المتوفي قبله تزوجا من أختين. وأكد محمد أنه وطيلة معاشرته لصديقه لم يسمع أن له مشاكل مع زوجته، حيث كان يحبها بجنون». وأضاف: «بدأت معه في قطاع التجارة، لقد كانت لديه شجاعة كبيرة، خاصة لما كان نائب مدير بالوزارة، حيث كان مكلفا بتوقيع رخص الاستيراد، وتعرض آنذاك إلى ضغوطات كبيرة، موضحا في هذا الإطار أنه في عام 1987 تلقى زيارة من شخص قال إنه مبعوث من الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وطلب منه التوقيع على رخصة استيراد، لكن الراحل بختي بلعايب رفض لعدم استيفاء كافة الشروط القانونية». وشدد محدثنا على أن بختي كان رجلا شجاعا وصريحا، والجزائر فقدت رجلا يحب الوطن حقا وواجه «مافيا» الاستيراد في عز قوتها بالرغم من تعرضه لعدة مضايقات وتهديدات، مضيفا أنه كان يذهب بسيارته العادية من نوع «غولف سنة 2011» إلى سوق القرية بزرالدة ليقتني حاجياته كغيره من المواطنين البسطاء، حيث كانت له سمعة طيبة مع التجار هناك، وهو ما أكده الأمين العام لوزارة التجارة الذي قال «كنت أرافقه إلى سوق القرية والتجار هناك يحبونه ويمازحونه وكأنه صديقهم منذ سنوات». وعن السنوات الأخيرة وبعد عودته على رأس وزارة التجارة، قال الأمين العام لوزارة، التجارة الهادي مقبول: «منذ التحاقي بوزارة التجارة قبل شهور كان الوزير بختي في مرحلة متقدمة من المرض لكنه سهر على أداء مهامه بالرغم أن جسده لم يكن يتحمل الإرهاق كثيرا، لدرجة أنه قام بمتابعة شؤون الوزارة من المستشفى وإمضاء وثائق من على سريره بالمستشفى. وأضاف مقبول أنه بالرغم من طلبات إطارات الوزارة من الوزير بمغادرة مكتبه بعد نهاية الدوام، لكنه كان يحرص على البقاء في مكتبه إلى ساعات متأخرة، وكان يستقبل الجميع بمكتبه حتى دون مواعيد مسبقة.

كان يقول لن أقبل الضغط.. لا أخاف أحدا ولن أكذب على الجزائريين»

الـراحل بلعـايـب وقـف في وجه «المافيـا» وبارونات «الفسـاد»

انتقد مرارا صانعي السيارات ورفض التحايل على الجزائريين بمركبات «فالصو» 

الراحل ألغى قرارا لبن يونس.. وأعاد الاعتبار للغة «الضاد»

عرف الراحل، بختي بلعايب، أنه من بين الوزراء والمسؤولين القلائل الذين وقفوا في وجه المافيا واللوبيات في قطاع التجارة، بعد أن فجّر فضيحة من العيار الثقيل تتعلق بفضيحة فساد على مستوى ميناء الجزائر الدولي تورط فيها إطارات سامية بوزارة التجارة والمتعلقة بحاويات مغشوشة، ممّا استدعى تحرّك وزارة العدل بعد حديث الوزير عن تلقيه تهديدات من هذا البارون. ويشهد للفقيد بختي بلعايب جرأته وحنكته في تسيير قطاع التجارة، حيث صرّح مرارا بأنه سيقوم بكل ما في وسعه من أجل تطهيره من البارونات ورؤوس الفساد التي عشعشت وتحوّلت إلى أخطبوط على حدّ قوله في كثير من المناسبات، حيث عرف بتصريحاته الجريئة خاصة عندما تكّلم عن فضيحة تتعلق بعجز إطارات وزارته عن غلق مطعم «بيتزيريا» تسبب في حالات تسمم لمواطنين، وبعد تحقيقات قام بها بنفسه تبيّن أن المطعم يعود لأحد الأشخاص الذين يملكون نفوذا كبيرا، وهو ما أغضب الوزير الذي قالها صراحة لرجال الإعلام وأمام كاميرات التلفزيون خلال لقاء جمعه بجمعيات حماية المستهلك يوم 20 سبتمبر 2016 «أنا وزير مخضرم وعايشت عدة أجيال في وزارة التجارة ولا أقبل لنفسي الكذب على الجزائريين لأنني في نهاية مشواري، ولم يتبق لي الكثير على رأس هذه الوزارة، أنا أقولها وأتحمل مسؤولياتي، هناك تلاعب كبير في مجال استيراد مختلف أنواع المنتوجات، لكنني من منصبي هذا لن أدخّر أي جهد لكشف المتحايلين وسأحاول بكل قوتي محاربة الفساد». ولم يتوقف الفقيد عند هذا الحد، بل تعداه إلى توجيه اتهامات خطيرة لإطارات بالوزارة قامت بتزوير توقيعه في تحرير تعليمات وإرسالها إلى مديريات التجارة عبر 48 ولاية، من دون أن يتفطن الوزير باعتبار أن التوقيع المزور يشبه إلى حد كبير توقيع الوزير. ومما يسجل للفقيد تحت قبة البرلمان وأمام نواب الشعب، أنه قال يومها «لقد تركت مستقبلي خلفي وقبلت هذا المنصب بعد إلحاح، وسأمارس كل صلاحياتي، ولن أقبل بأيّ ضغط مهما كلفني ذلك من ثمن، وإذا وجدت أنني لا أستطيع مزاولة مهامي كما يجب فسأعود إلى بيتي». وبخصوص سوق السيارات، اعترف الراحل بأنه تم تسجيل حالات يقوم من خلالها صانعو السيارات بصنع مركبات خصيصا للجزائرو والتي تبتعد كل البعد عن المقاييس الدولية، مشددا على ضرورة تنظيم السوق الوطنية للسيارات لكي لا نصبح عرضة للاحتيال ونقص الشفافية. 

الراحل بلعايب ألغى قرارا لبن يونس.. وأعاد الاعتبار للغة «الضاد»

ألزمت وزارة التجارة في عهد الفقيد، بختي بلعايب، جميع المستوردين بضرورة وسم جميع منتوجاتهم المستوردة باللغة العربية، حيث تتم داخل التراب الوطني على مستوى مستودعات المتعاملين الإقتصاديين أو المنشآت المتخصصة لمؤسسة أخرى. ويأتي قرار الوزارة في إطار تحسين مناخ الأعمال، لاسيما الجوانب ذات الصلة بالتجارة عبر الحدود وتسهيل الإجراءات الإدارية للرقابة على مستوى الحدود، وكذا تقليص التكاليف عند الاستيراد. وكان الراحل بختي بلعايب قد أصدر القرار الذي يلغي قرار سابق لعمارة بن يونس الذي كان يشترط وسم المنتجات باللغة الفرنسية.

 

رابط دائم : https://nhar.tv/RrH7M