الإرهاب حرب على الإسلام وأهله
ليس هناك وصف آخر أدق لطبيعة الأعمال الإرهابية. إنها من دون شك حرب الإسلام وأهله، وعمل إجرامي عدواني لقتل الأبرياء، وتشويه صورة الإسلام، وتأخير الإصلاح السياسي والديمقراطي المنشود في العالم الإسلامي.
إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا. هكذا جاء في الحديث الصحيح للنبي صلى الله عليه وسلم. (رواه مسلم) الإسلام دين السلام، شعاره “أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن” (النحل: 125). وحكمه واضح في تحريم القتل، وتأكيد حرمة النفس البشرية.
لذلك فإن الذين يقتلون الأبرياء في شوارع الجزائر والدار البيضاء ولندن ومدريد والرياض ونيويورك وبالي وغيرها من المدن والعواصم العالمية، مدعين رفع لواء الإسلام، إنما يعلنون الحرب على الإسلام والمسلمين، بتشويه حقيقة دين السلام والوئام والتآخي بين البشر، وتحويل أكثر المسلمين إلى مشتبه بهم في بلدانهم وخارج بلدانهم، وإفساد علاقات الصداقة بين الدول الإسلامية والعالم.
الإرهاب عملية سطو مكشوفة على دين ما يقرب من مليار ونصف مليار إنسان، وجريمة جبانة يقوم بها عدد قليل جدا من الناس الذين سيطرت على عقولهم تأويلات فاسدة للدين وقراءات فاسدة للعصر، فجعلتهم قنابل يتحركون بين الناس، ينشرون الموت خبط عشواء في صفوف الآمنين الغافلين.
هناك سؤال معروف في كل الروايات والأفلام البوليسية بكل لغات العالم. كلما ارتكبت جريمة، سأل المفتش المختص نفسه ومساعديه: من المستفيد منها؟ وعلينا جميعا أن نتساءل: من المستفيد من هذه الجرائم الإرهابية التي تتبناها جماعات إجرامية تنسب نفسها للإسلام؟
هل الإسلام مستفيد؟ أبدا. لا عاقل يقول بهذا أبدا. هل المجتمعات الإسلامية مستفيدة. أبدا. لا يقول بهذا عاقل أبدا. هل هناك قضية عادلة واحدة تخدمها هذه العمليات الإرهابية؟ أبدا. لا يقول بهذا عاقل أبدا. على العكس تماما، فإن خانة المتضررين من هذه الجرائم الإرهابية، تضم على رأس القائمة الإسلام والمسلمين والقضايا العادلة للمسلمين.
كما أن الإرهاب ضربة في الصميم لمساعي الإصلاح السياسي وتعميق التقاليد الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية بوجه خاص، وفي العالم بأسره أيضا. فسبببه، وبضغوطه المباشرة على صناع القرار في العالم، يجد خصوم الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية وفي العالم ما يكفي من المبررات للتمادي في انتهاك حقوق الإنسان، ومصادرة الحريات الأساسية للشعوب، التضييق على الحريات الإعلامية.
الإرهاب شر كله. ويجب على علماء الإسلام، وعلى قادة الفكر والرأي والتيارات السياسية في العالم الإسلامي أن يدينوه إدانة مطلقة من دون ذرة تحفظ، ومن دون أية إشارة قد يفهم منها تبريره بشكل أو بآخر. ولأن الإسلام هو المتضرر الأول من جرائم الإرهابيين، فإن على علماء الإسلام ودعاته أن يكونوا في الصف الأول في المعركة ضد الإرهاب، وأن يجردوه من كل غطاء ديني وأخلاقي، وأن يشاركوا في مواجهته بعزم وتصميم، إلى أن تختفي هذه الظاهرة السوداء من حياتنا.