الكلمة الطيبة
هل جربت الكلمة الطيبة كوسيلة لحل الخلافات بينك وبين أصدقائك وجيرانك وعموم الناس؟ إن كنت لا تتذكر متى استخدمتها آخر مرة، فإن هناك ما يدعونا جميعا لاستخدامها في حلحلة أزمة ثقافة الكراهية المستحكمة بين نخبنا العربية.
إذا اشترى الواحد منا جهاز هاتف نقال من شركة نوكيا فإنه يشتري معه كتيبا صغيرا من شركة نوكيا يوضح كيفية استخدامه. وإذا اشترى الواحد منا سيارة من شركة بيجو أو شركة تويوتا فسيجد كتيبا مشابها يشرح مبادئ استخدام تلك السيارة.
الإنسان مخلوق من مخلوقات الله عز وجل. الله تعالى خلقه وسواه وعدله، وهو به عليم خبير. من موقع الخالق العليم بنفسية الإنسان، وما يؤثر فيها سلبا أو إيجابا، كشف لنا ربنا عز وجل هذا السر في شخصية بني آدم كافة، في كل الأزمان والبلدان. قال تعالى:
“ولا تستوي الحسنة ولا السيئة. ادفع التي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم”. وقال تعالى: “وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن، إن الشيطان ينزغ بينهم”.
أكثر الناس يدخلون في خصومات مع أناس أخرين، لذلك يحتاجون لهذا التوجيه الرباني الصادق قطعا ومن دون أدنى ذرة شك.
وفي مجتمعاتنا العربية هناك خصومات مرة تلحق أضرارا بالغة ببلداننا وشعوبنا، وتجعل منها “مسخرة” أمام شعوب العالم الأخرى. إنها بالأخص خصومات العلمانيين والإسلاميين، أو الليبراليين والمحافظين، بالإضافة إلى خصومات الحكام والمعارضين في كثير من البلدان.
تجد بعض العلمانيين يعلن جهرا أنه مستعد للتحالف مع الشيطان للكيد للإسلاميين ومحاصرتهم وإلحاق الأذى بهم. وتجد بعض الإسلاميين ممن يقول إن دخول الجمل في سمّ الخياط أقرب للتحقق من التوصل لتفاهم جدي مع العلمانيين. وتجد حكومات عربية تتفاخر بالحوار مع أبعد الحكومات والتيارات في شرق المعمورة وغربها، لكنها تتمترس بكل وسائل البطش إذا دعيت للحوار مع معارضيها من مواطنيها.
لهؤلاء جميعا ولأمثالهم نزل قوله تعالى “ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم”.
جربوها أيها الحكام. جربوها أيها الإسلاميون. جربوها أيها العلمانيون. لا تستهينوا بالتوجيه الواضح والقاطع في هذه الآية. لنجعل عامنا المقبل عام الكلمة الطيبة، وأجزم أننا سنجني جميعا ثمرتها في أقرب الأوقات.
تنافسوا أيها الإخوة العلمانيون في نشر مدونات الكلمة الطيبة تجاه خصومكم أو أعدائكم من بني أوطانكم إن كنتم ترونهم كذلك. وافعلوا نفس الشيء أيها الإسلاميون. وأنتم أيضا أيها الحكام. سترون في فترة وجيزة جدا أن الدنيا تتسع لكم جميعا، وأن الطاقات الضخمة التي تنفقونها، بعضكم ضد بعض، طاقات ضائعة، عبثية، ولا لزوم لها على الإطلاق!