إعــــلانات

“بارون” مخدرات قتل رهائن أمريكان وبريطانيين في ضيافة محمد السادس!

“بارون” مخدرات قتل رهائن أمريكان وبريطانيين في ضيافة محمد السادس!

“إل تشابو شمال إفريقيا” يتواجد في الأراضي المغربية تحت حماية مخابرات “المخزن”

في صيف عام 1993، رصدت المخابرات الجزائرية، تواجد الإرهابي، عبد الحق لعيايدة، أمير وأحد مؤسسي الجماعة الإسلامية المسلحة “الجيا”، على التراب المغربي.

وقادت تحريات المخابرات الجزائرية في ذلك الوقت، إلى التوصل بالحجّة واليقين، إلى تواجد لعيايدة على الأراضي المغربية، وتحت علم وحماية نظام “المخزن”، وعلى رأسه ملك المغرب في ذلك الوقت، الحسن الثاني.

وفي يوم 29 سبتمبر، وبعدما طار وزير الدفاع في ذلك الوقت، اللواء خالد نزار، في مأمورية إلى المغرب، واجه الأخير المسؤولين المغربيين والملك الحسن الثاني، بالأدلة التي كانت تحوزها المخابرات الجزائرية، وطلب بشكل رسمي تسليمه لعيايدة.

ولأن النظام المغربي تمّ ضبطه متلبسا بالجرم المشهود، لم يكن لديه من حل إلا تسليم لعيايدة، الذي كان يعوّل عليه لإضعاف الجزائر وإجبارها على الإذعان والرضوخ للعرش المغربي والتخلي عن دعم جبهة “البوليزاريو” واستقلال الصحراء الغربية، وربما أيضا التخلي عن بعض المناطق من التراب الجزائري.

إحياء مخطط عمره 25 سنة

اليوم، يعيد التاريخ نفسه، لكن بمسميات وأشكال جديدة، حيث كشفت مصادر “النهار”، عن قيام السلطات المغربية بإيواء الإرهابي ومهرّب المخدرات المطلوب من طرف السلطات الأمريكية وشرطة “الأنتربول”، الشريف ولد الطاهر.

الشريف ولد الطاهر، هو “بارون” مخدرات، يحمل الجنسيتين المالية والجزائرية، له صلات بكبار الإرهابيين في منطقة الساحل، بل إن بعض التقارير تحدثت عن كونه كان بمثابة الإرهابي رقم 2 في تنظيم “جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا”، بسبب النفوذ القوي الذي يتمتع به في معظم دول الساحل، مما جعل العديد من وسائل الإعلام تصل في عملية توصيفه، إلى أنه قام بتأسيس دولة داخل دول.

عندما سقط نظام القذافي، بدأ الثوار الليبيون في الكشف عن كنوز من المعلومات التي تحصلوا عليها من تقارير المخابرات الليبية، ومن ضمن تلك التقارير، مراسلات متبادلة بين مسؤولي الجهاز الأمني للقذافي، حول دور وعمل المهرّب، الشريف ولد الطاهر.

من القذافي إلى “توري” ثم “جنرال” موريتانيا.. عميل لمن يدفع أكثر!

وتبين من خلال تتابع الأحداث، أن الشريف ولد الطاهر، كان على تواصل مع بشير صالح، مدير ديوان القذافي، الذي كان يعدّ بمثابة خزانة أسراره.

وأفادت تقارير صحافية في ذلك الوقت، بأن بشير صالح، تمت الإطاحة به بعد اعتراض مكالمة هاتفية أجراها مع الشريف ولد الطاهر.

وحسب تلك التقارير، فإن بشير صالح، أعدّ خطة لتهريب عدة أطنان من سبائك الذهب وسيولة مالية كبيرة بالعملة الصعبة، إلى مالي وعدة دول أخرى في إفريقيا الغربية، واستعان بالشريف ولد الطاهر لتنفيذها، تمهيدا لإعادة ضخّها في السوق السوداء لإنعاش تجارة الممنوعات والسلاح في عدة دول بإفريقيا وأمريكا الجنوبية، وتوطين جزء آخر منها في حسابات مصرفية سرية.

هكذا أطاح عميل المغرب بخزانة أسرار القذافي

في ذلك الوقت، كان شائعا بأن الشريف ولد الطاهر، يقيم في العاصمة المالية “باماكو”، تحت حماية المخابرات الفرنسية والمغربية، وبصمت وتواطؤ مالي، هربا من العدالة الجزائرية.

ويُعتقد أن تلك المكالمة الهاتفية التي أجراها بشير صالح مع الشريف ولد الطاهر، قادت إلى كشف موقع تواجد الأول، والقبض عليه في مزرعة بطرابلس وهو متنكر في زيّ سوداني، ساعات قليلة بعد انهيار نظام القذافي.

غير أن مراقبين للملف الليبي والجماعات الإرهابية في دول الساحل، يعتقدون بأن تلك الرواية نُسجت لخدمة أجندات مغربية وفرنسية، ويكادون يجزمون بأن الشريف ولد الطاهر هو نفسه من قام بالوشاية، وكشف عن مكان تواجد بشير صالح، بعدما أبلغ مسبقا المخابرات الفرنسية بتواصله مع “خزانة أسرار” القذافي.

الهرب من الأمن الجزائري إلى أفخم حي في “باماكو”

في ذلك الوقت، كان الشريف ولد الطاهر مجرد إسم ذائع الصيت نوعا ما في المحاكم الجزائرية، وفي تقارير أجهزة الأمن، على خلفية ورود اسمه في التحقيقات بشأن تهريب شحنات ضخمة بعشرات الأطنان من “الكيف” المغربي عبر الحدود الجنوبية الغربية للجزائر.

وكان معروفا لدى مصالح الأمن الجزائرية، بأن الشريف ولد الطاهر كان حينذاك يتمتع بحماية من شخصيات نافذة في نظام الرئيس المالي السابق، “أمادو توماني توري”، ويقيم في أحد أرقى أحياء العاصمة “باماكو”.

لكن وبعدما جرى الكشف عن تقارير للمخابرات الليبية في عهد القذافي، إثر سقوط نظام هذا الأخير، تتحدث فيها أن حادثة طائرة “البوينغ” التي جرى العثور عليها في صحراء الساحل، بدأت كبرى أجهزة الأمن الغربية تهتم بسيرة وبأنشطة الشريف ولد الطاهر.

وكان مرد ذلك التحوّل، هو ورود اسم الشريف ولد الطاهر في تقارير مخابرات القذافي، حيث كشفت أن طائرة “بوينغ 727” التي تم العثور عليها في صحراء “غاو” عام 2009، كانت محمّلة بعدة أطنان من “الكوكايين”، بعدما جلبتها من إحدى دول أمريكا اللاتينية.

صاحب نظرية التهريب باستعمال “البوينغ” دفعة واحدة

وتقول إحدى وثائق مخابرات القذافي، إنه في نهاية شهر أكتوبر عام 2009، هبطت على بعد 200 كلم شمال “غاو”، طائرة تحمل اسم “فنزويلا”، وكانت محمّلة بعشرة أطنان من “الكوكايين”، إضافة إلى أسلحة.

وقد تم إنزال “الكوكايين” والأسلحة من الطائرة بواسطة مجموعة من الأفراد وتحميلها في عدد من السيارات، ليتم بعد ذلك حرق الطائرة.

وتضيف الوثيقة بأن طاقم الطائرة غادر مالي عبر مطار “باماكو”، بعد مساعدة كاملة من شخص يدعى الشريف ولد الطاهر.

وحسب نفس الوثيقة، فإن تلك الكميات الضخمة من “الكوكايين” كانت موجهة لعدة زبائن كبار، بعضهم من مجموعة مهرّبين من بوركينافاسو، وآخرين من نيجيريا، لكن الزبون الأكبر لم يكن إلا الشريف ولد الطاهر بصفته ممثلا لمجموعة مالي.

صديق الرؤساء وحليف الإرهاب.. بعنوان “مرابط وبوليس”!

وقالت الوثيقة إن الشريف ولد الطاهر لديه علاقات قوية بأحد أقارب الرئيس المالي في ذلك الوقت، إلى جانب صلاته مع عمدة بلدية “تاركنت” المالية، لكونهما يرتبطان معا بصلات مع الإرهابي بلعور، حيث كانا يقومان من حين لآخر بأدوار وساطة للإفراج عن بعض الرهائن الغربيين مقابل كميات كبيرة من المال.

وفي عام 2013، ظهر الشريف ولد الطاهر لأول مرة بشكل علاني، وفي لقاءات رسمية داخل موريتانيا، برعاية رئاسية من الرجل الأول في موريتانيا حينذاك، “الجنرال” ولد عبد العزيز.

وسرعان ما تهافتت وسائل إعلام موريتانية لنشر صور ولقطات لـ”إل شابو” منطقة شمال إفريقيا، وهو يجلس معززا مكرّما تحت حماية رسمية من “الجنرال” القوي في موريتانيا، ويشارك في مؤتمر قيل إنه يهدف إلى توحيد الجماعات والمنظمات الناطقة باسم قبائل “الأزواد”.

من الإرهاب و”الكوكايين” إلى ممارسة السياسة في قصور الرئاسة

ومن بين الصحف الموريتانية التي كشفت المستور في ذلك الوقت، ونددت باستضافة رئيس موريتانيا لـ”بارون” مخدرات وإرهابي مطلوب دوليا، صحيفة “الأخبار” الموريتانية، حيث كتبت على صدر صفحاتها الأولى عدة أيام، حول الموضوع.

وقالت “الأخبار” الموريتناية، إن الشريف ولد الطاهر ومحمد ولد أحمد ديه الملقب “الروجي”، وهو “بارون” مخدرات ووسيط في عمليات دفع فدية للجماعات الإرهابية، يتجولان بحرية تامة، كما التقى أحدهما، وهو الشريف الطاهر، الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، ضمن وفود من “الأزواد” في نواكشوط.

هكذا تورّط “الجنرال” القوي في موريتانيا

وبعد سنتين، كشفت نفس الصحيفة الموريتانية، عن قيام السلطات في نواقشوط بإطلاق سراح “بارون” مخدرات ينشط تحت عباءة رجل أعمال، يدعى الحاج أحمد ولد ابراهيم، وهو مالي من مواليد “كيدال” ويقيم بشكل دائم في “الدار البيضاء” المغربية.

وكان الدرك الموريتاني قد اعتقل في مطلع مارس 2015، الحاج أحمد ولد ابراهيم بعد مطاردته قرب “الدويرة” في الأراضي الموريتانية على الحدود مع الصحراء الغربية المحتلة، برفقة مطلوبين آخرين، قبل أن يتم الإفراج عنه بعد أشهر من الاعتقال ومن دون محاكمة.

وبعد الكشف عن تلك الفضيحة، تمت إقالة المدعي العام لدى المحكمة العليا في موريتانيا، القاضي محمد عبد الرحمن ولد عبدي.

شراء الإرهاب والحكومات لتأمين الطريق إلى أوروبا

ومن خلال الكشف عن تواطؤ النظامين والسلطات الرسمية في كل من مالي وموريتانيا، تكون خارطة تهريب وتوزيع المخدرات الصلبة، خصوصا “الهيروين” و”الكوكايين” وتهريبها إلى دول أوروبا، قد اتضحت معالمها، حيث تكشف شبكة العلاقات والنفوذ الذي بسطه الشريف ولد الطاهر في مالي وموريتانيا ووصوله إلى حد شراء ذمم رؤساء جمهوريات، بأن شحنات ضخمة من “الكوكايين” كان يتم تهريبها عبر طائرات صغيرة أو تجارة ضخمة من أمريكا الجنوبية نحو شمال مالي، وبعدها يتم تفريغها وتوزيعها، حيث يتجه النصيب الأكبر منها نحو أوروبا، عبر مسالك صحراوية من مالي نحو سواحل موريتانيا، قبل أن تَشحن مجددا نحو الشمال، لكن هذه المرة عبر البحر، من خلال قوارب صيد يمتلكها للغرض مهرّبو المخدرات.

علاقة قديمة مع الإرهابي “أبو زيد”

وبسبب تعقيد تلك العمليات، كان على الشريف ولد الطاهر أن يبحث فضلا عن تواطؤ رسمي من سلطات موريتانيا ومالي، عن دعم وإسناد وحتى حماية من الجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل، لذلك لجأ إلى توطيد علاقاته بمختار بلمختار، وحتى بالإرهابي عبد الحميد أبو زيد، في إطار صفقة عنوانها “الحماية مقابل التمويل”.

وفي هذا الإطار، يُنسب لـ”البارون” الشريف ولد الطاهر بأنه كان وراء النصيحة التي وجهها للإرهابي أبو زيد بقتل رهينة بريطاني الجنسية، يدعى “إيدوين داير”، عام ٢٠٠٩، للضغط على حكومة بلاده والإذعان لمطالب الخاطفين بشأن بقية الرهائن، إلى جانب اختطاف “ميشال جيرمانو”، وإعدامه في جويلية 2010، حيث كان في قبضته.

ويحفل سجل “إل تشابو شمال إفريقيا” في مجال اختطاف الرهائن وقتل بعضهم، بالكثير من الوقائع، ففي منتصف أكتوبر 2016، كان الشريف ولد الطاهر وراء اختطاف رعية أمريكي في النيجر، يدعى “جيفري وودكي”، وينشط في مجال المساعدات الإنسانية، بعدما داهمت مجموعة إرهابية مقر بعثة إنسانية في النيجر.

مبعوث الموت ووسيط الخراب!

وقبيل أسابيع، كشفت وسائل إعلام أجنبية، عن دور كبير يكون قد لعبه الإرهابي ومهرّب المخدرات الشريف ولد الطاهر، في هندسة وتنفيذ صفقة الإفراج عن أكثر من 200 إرهابي كانت تحتجزهم سلطات مالي، مقابل الإفراج عن رهائن غربيين وسياسي من المعارضة المالية.

وأثارت صورة لوثيقة رسمية صدرت من مكتب الوزير الأوّل المالي، الكثير من الجدل ومعها العديد من الأسئلة، حيث تكشف الوثيقة الموقّعة بتاريخ 5 أفريل الماضي، عن منح كل الصلاحيات والتفويض للمهرّب الشريف ولد الطاهر، لإنجاز مهمته.

وبدا واضحا من خلال الوثيقة التي تعمّد كاتبها عدم إظهار تفاصيل بشأن المهمة، أنها تحمل طابع السرية، فيما اعتبرته وسائل إعلام عديدة، على وجود دليل بشأن توسّط الشريف ولد الطاهر في الوساطة بين السلطات الفرنسية والمالية من جهة، وبين الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل من جهة أخرى، لإنجاز صفقة تبادل الرهائن مع أكثر من 200 إرهابي، زيادة على مبالغ مالية ضخمة

رابط دائم : https://nhar.tv/G0xx7
إعــــلانات
إعــــلانات