تحقيق وطني حول «المختلين عقليا».. واستحداث البطاقية الوطنية للمعاقين

المعاقون سيدرسون في أقسام واحدة مع التلاميذ العاديين وأستاذين» ^ «كوطة» سكنية خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة والطفولة المسعفة ^ ممرات خاصة بالأرصفة والساحات العمومية والبنايات خاصة بالمعاقين
الوزير الأول وقّع على مرسوم لمنح بطاقات جديدة للمعاقين وفقا للمعايير العالمية
تكشف وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، مونية مسلم سي عامر، عن مضمون المنشور الوزاري المشترك بين قطاعها ووزارة التربية الوطنية المتعلق بإدماج فئة ذوي الاحتياجات الخاصة بالمؤسسات التربوية، وتؤكد المسؤولة الأولى عن قطاع التضامن في هذا الحوار الذي خصت به»النهار»، أن المشروع الخاص بتخفيض سن التقاعد لهذه الفئة يتواجد حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة.
تحتفل اليوم الجزائر على غرار كافة دول العالم باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، كيف تتكفل دائرتكم الوزارية بهذه الشريحة من المجتمع؟
نحن في التضامن الوطني الآن بصدد تطبيق وتنفيذ كل المراسيم والقوانين التي أدرجت لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنها المنشور المرسوم الوزاري المشترك ما بين وزارة التضامن الوطني ووزارة التربية الوطنية والتعليم، ونحن نعمل على إدماج ذوي الإعاقات والاحتياجات الخاصة في الأقسام والمدارس العادية مع التلاميذ العاديين، كما أننا بصدد إمضاء هذا المنشور مع وزيرة التربية، على أن نعمل على تنفيذ المنشور الوزاري المشترك، أولا يجب أن تعرفوا أن هناك عدة أنواع من الإعاقات على غرار الإعاقات الذهنية الحركية السمعية البصرية، ومنها الخفيفة المتوسطة والثقيلة، وبما أن الجزائر أمضت على الاتفاقية الدولية لمحاربة كافة أشكال الإقصاء والتهميش ومنها العمل على إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة العادية داخل المجتمع، فقد سطرنا برنامجا لذلك، ومنه تمدرس الأطفال الذين يعانون من إعاقات خفيفة سمعية بصرية وحتى ذهنية حركية داخل الأقسام العادية.
كيف ستقومون بإدماج هذه الفئة في المؤسسات التربوية؟
هناك نوعان من الإدماج، الإدماج الكلي والجزئي، الكلي هو أننا سنضع الأطفال الذين يعانون من إعاقات سمعية وبصرية داخل قسم أطفال وتلاميذ عاديين لكي لا يشعروا بالنقص، أما الإعاقات الأكثر تعقدا والتي تستلزم أن يكون هؤلاء الأطفال في قسم خاص حتى يتمكن الأساتذة من متابعتهم، وبعد ذلك يتم وضعهم في قسم مع التلاميذ، وهذا ما يعرف بالإدماج الجزئي داخل أقسام خاصة، لكننا نحبذ النوع الأول ألا وهو الإدماج الكلي بشرط توفير المرافقين لهؤلاء التلاميذ حتى يستطيع المعلم أن يقدم الدرس للتلاميذ العاديين ولا يعيق بذلك ذوي الاحتياجات الخاصة، أي يكون هناك أستاذان داخل القسم، وخلال هذه السنة سجلنا عدد الأقسام المفتوحة لذوي الاحتياجات الخاصة في وسط مدرسي يعادل 283 قسم مدمج مع الدخول المدرسي الحالي موزعين عبر 36 ولاية، وعدد الأطفال المعوقين المدمجين في وسط مدرسي عادي 2418 تلميذ من مختلف الإعاقات الخفيفة، فيما بلغ تعداد المستخدمين 790 مستخدم وهم أساتذة متخصصون لذوي الإعاقات، إلى جانب وجود مراكز خاصة بالوزارة للتكفل بالإعاقات الثقيلة.
هذا بخصوص قطاع التربية، ما هي الإجراءات التي سيتم اتخاذها بخصوص القطاعات الأخرى؟
لقد وجهت مراسلات إلى بعض القطاعات باعتباري مواطنة قبل أن أكون وزيرة، حقيقة أنا وقفت على المعاناة التي يتكبدها المعاقون خاصة منهم المعاقون حركيا، بخصوص سهولة التنقل، هناك قانون موجود على مستوى وزارة السكن والنقل والأشغال والعمومية، لأن القوانين المعمول بها في العالم تلزم بأن تكون كل البنايات والطرقات والأرصفة والساحات العمومية والمساجد وقاعات السينما والمدارس وحتى المحلات، بأخذ بعين الاعتبار تجهيزها بطرق خاصة لتسهيل تنقل ذوي الاحتياجات الخاصة خاصة بالمستشفيات والعيادات الخاصة، وهذا من اليوم فصاعدا، وسنأخذ بعين الاعتبار سهولة تنقل هذه الفئة في كل البنايات والمنجزات التي سيتم إنجازها مستقبلا.
هل يستفيد ذوو الاحتياجات الخاصة في الجزائر من مساكن خاصة بهم؟
طبعا، ذوو الاحتياجات الخاصة كغيرهم من المواطنين تم تخصيص لهم «كوطة» سكنية مع الأخذ بعين الاعتبار الطابق ونوع الإعاقة لكي يتمتع المعاق بسهولة التنقل، وفي هذا الخصوص راسلت وزارة التضامن كل الولاة من أجل الأخذ بعين الاعتبار إدراج هذه الفئة في قائمة المساكن بمختلف الصيغ ككل المواطنين، شأنهم في ذلك شأن الطفولة المسعفة عند بلوغ سن الزواج، حيث خصصت الحكومة «كوطة» تمثلت في حصص سكنية صغيرة من المساكن الاجتماعية لهذه الفئة، وذلك في إطار سياسة التضامن الوطني الرامية إلى الإدماج الاجتماعي لهذه الشريحة بكل من ولايات المدية، عين الدفلى، وهران، الجزائر العاصمة وقسطنية.
على ذكر الطفولة المسعفة، تشتكي هذه الفئة من بعض الإجراءات التي يتم اتخاذها ضدها بعد بلوغهم سن معينة على غرار إخراجهم من المراكز التي كانت تأويهم، فهل تؤكدون ذلك؟
أنا أقسم بأنه لم يتم إخراج ولو شخص واحد من أي مركز لا بالنسبة للذكور ولا بالنسبة للإناث، رغم أننا نتطلع إلى أن تكون هذه الفئة مستقلة بذاتها، ونحن نشجعهم على الدخول إلى عالم الشغل، على سبيل المثال قمنا باستحداث الوكالة الوطنية للتنمية الاجتماعية ووكالة القروض المصغرة «أنجام» والتي تقوم بمنح قروض وأموال لهؤلاء الشباب.
هل تملك وزارة التضامن إحصائيات رسمية عن عدد المعوقين في الجزائر؟
في الحقيقة، نحن بصدد إطلاق بطاقية وطنية للمعوقين، وقبل ذلك سيتم استحداث بطاقة جديدة لذوي الاحتياجات الخاصة لكي تتماشى مع الشروط والقوانين المعمول بها في العالم، وأؤكد لكم أن الوزير الأول، عبد المالك سلال، قد وقع على المرسوم قبل أيام، وسنشرع في تطبيقه ويتعلق بتغيير كافة البطاقات القديمة ومنح بطاقات جديدة لها شروط على مستوى عالمي والمنصوص عليها على مستوى المنظمة العالمية للصحة. وسيكون بذلك ذوو الاحتياجات الخاصة على مستوى 48 ولاية ملزمين بالخضوع على اللجان المختصة لذلك من أجل تحديد نوع الإعاقة والنسبة المئوية، وذلك لتحيين البطاقية الوطنية للمعوقين.
سيدتي، ربما نسبة الإعاقات الذهنية تضاعفت كثيرا خلال السنوات الأخيرة، فهل وضعتهم إستراتيجية لمعالجة هذه الظاهرة؟
أشاطرك الرأي، لقد كشف لي متخصصون نفسانيون وخبراء أن نسبة الإعاقة الذهنية في الجزائر مرتفعة بشكل رهيب، ونحن كدولة يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار هذه الظاهرة ونقوم بتسطير برنامج لذلك، لذلك قمت بترسيم لجنة تحقيق متكونة من خبراء متخصصين أمهلناهم مدة سنة لكي نتحصل عن تحقيق حول الإعاقة الذهنية في الجزائر وماهي أسباب ارتفاعها وكيف نستطيع معالجتها.
هناك فئة أخرى أيضا تعاني في صمت ألا وهي كبار السن خاصة داخل مراكز الشيخوخة، إلى أين وصل مشروع القانون الخاص بهذه الفئة؟
أولا، يجب أن تعلموا أن المراكز الخاصة برعاية الأشخاص كبار السن تأوي عددا كبيرا من الأشخاص المختلين عقليا، رغم أننا نؤكد دائما أن هذه المراكز هي للراحة والاستجمام ونهاية حياة سعيدة لهؤلاء، ولكن للأسف لاحظت خلال زياراتي أنها مختلطة وفيها أكثر عدد من الأمراض العقلية التي تستلزم تكفلا صحيا خاصة، مما يشكل خطورة على الآخرين، وفي هذا السياق اتفقت مع وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات على أن نراسل الولاة والقضاة في كل الولايات، على أن المتشردين والمسنين المصابين بأمراض عقلية لن يتم تحويلهم من الآن فصاعدا إلى مثل هذه المراكز، بل إلى المستشفيات وبعد التكفل الصحي بهم يتم إدخالهم حسب حالة كل شخص إلى المراكز المختصة، وأنا أؤكد من منصبي هذا أن 99.99 % من المسنين الموجودين داخل دير العجزة لا يملكون لا أولادا ولا أهلا، وهذا رد مني لمن يقول إن «الجزائريين يرمون أولياءهم داخل تلك المراكز».