جفاؤها ضيّع مني الأمان.. وأدخلني حيّز الأحزان

السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
سيدتي الفاضلة نور، بقلم اليأس والحزن أخطّ لك رسالتي هذه راجيا أن ترى النور، لأني صدّقيني إن قلت لك أن معنوياتي مرهونة بنشر هذه الرسالة التي أريدها أن تكون صرخة من قلب مجروح جار عليه جفاء امرأة.. كما أتمنى أن تكون هذه الرسالة في نفس الوقت ميلاد أمل جديد في حياتي، أمل يرسم على وجهي تلك البسمة التي افتقدتها منذ زمن طويل..سيدتي الفاضلة.. صدّقيني إن قلت لك أنها أم أطفالي، تلك المرأة التي اختارتها لي والدتي لا لشيء سوى لنسبها الأصيل، وإرضاء لها قبلت بها على الرغم من الفوارق الثقافية التي كانت بيننا، فقد ظننت أني وبما اكتسبت من خبرة في الحياة وبما ألهمني اللّه من علم قليل سأتمكن من احتواء الموقف وأني سأوفّق في اجتياز العواقب التي قد تصادفنا في الحياة مثلما يصنع كل اثنين؛ فلا يوجد حياة زوجية من دون منغّصات.. لعلمك سيدتي.. أنا من إحدى ولايات الوسط الجزائري وعملي كان في الجنوب، بعد الزواج زاولت عملي كالمعتاد وبقيت على ذاك المنوال لمدة معينة وفي هذه الفترة اللّه يشهد على إحساني ومعاشرتي الطيبة لها؛ لكنها للأسف لم تصن كل ذلك.. فقد كنت في كل مرّة أتوجّه فيها إلى بيتي أرى أشياء غير عادية لكني كنت أتغاضى في كلّ مرّة وأحسن الظن في أم أطفالي، لكن العادات السيئة باتت تتفاقم وتسوء يوما بعد يوم.. فلا الراحة أجدها في بيتي بعد أيام من العمل المتواصل؛ ولا السكينة كذلك لا لشيء إلا لأن زوجتي المصون دائمة الانشغال مع الأصدقاء والجيران.. لن تصدّقي سيدتي إن قلت لك أني في هذا الحال أرجعت اللوم على نفسي وبرّرت أفعالها بالفراغ الرهيب الذي تعيشه في غيابي، فعقّبت على الأمر بطريقة أعترف أنها نوعا ما عنيفة لكن ليس لدرجة أن تُخرج ما دار بيننا إلى العدالة لأتلقى تهديدات على يدها من هذه الأخيرة إن أنا أعدت فعلتي تلك..تجاوزت الموضوع، وأرجعت اللوم على نفسي، حدثتها بعدها واتخذنا قرارنا بأن تأتي معي إلى مكان عملي ليلتئم شملنا ونعيش الاستقرار المرغوب تحت سقف واحد علّ وعسى تعود المياه إلى مجاريها، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن.. فمثلما حزمت أمتعتها حزمت تلك العادات المشينة معها وأصبحت أُعرف في مكان عملي بزوجتي التي باتت سيرتها على كل لسان، وبتّ أسمع أسرار بيتي حتى من زملائي في العمل.. وفي كل مرّة كنت أعاتبها تصرخ وتناديني بأبشع الألفاظ وتتّهمني بأقذر الاتهامات وكل هذا على مسامع أطفالي الذين راحوا ضحية إهمال من أم لا همّ لها سوى أخبار الناس وجديدهم، ولا همّ لها سوى زهو الحياة والتمتّع بالحرية الزائدة غير معترفة في ذات الوقت بوجودي.. سيدتي.. إن أكثر ما آلمني وأكثر ما جرح وجداني هي معاملة أولادي لي بعد أن شحنتهم أمهم بأفكار سوداوية شوّهت صورتي في أذهانهم وجعلتهم ينظرون إليّ بعين الاحتقار وعدم الاحترام، على الرغم من أني لم أقصّر قط في حقهم، بل ضحيت بكل غال ونفيس في سبيل توفير الحياة الرغيدة والعيشة الهنيئة، ففي الوقت الذي أهملتهم أمهم كنت أنا من يغسل ويلبس ويدرّس.. لأنال منهم في الأخير ما لم ينل أي أب في الدنيا.. فحتى ابنتي الكبرى التي هي في العقد الثالث من عمرها لا تفوّت أية فرصة لتمطرني بكلام غير لائق تطالبني من خلاله أن أتركهم في حال سبيلهم؛ لتجد لنفسها فرصة الانحراف رفقة أم لا تنظر إلى أبعد من أنفها ولا تفكر في مستقبل أبنائها، ضاربة بمعاني العفة والسمعة والشرف عرض الحائط..لقد خسرت أبنائي سيدتي وخسرت كل شيء في حياتي، حتى لذة العيش خسرتها، فبعد أن ضحيت وعانيت أجدني اليوم أتخبّط في وحل الوحدة، أصارع جفاء فلذّات كبدي، تائه في بحر الذكريات المؤلمة وحائر في مستقبلي الذي لم تتحدّد ملامحه إلى حدّ اليوم.. لكني متأكد من أمر واحد هو أن صرختي هذه ستكون بحول اللّه خطوة مني لميلاد أمل جديد في حياتي سيبعث فيّ الطمأنينة ويواسيني، وسأجد من يفهمني أو على الأقلّ أن يثني عليّ صبري وصمودي وكذلك محاولاتي المتكررة لمد أواصر الودّ مع أبنائي الذين ومهما بلغ بهم الأمر لن أفرّط فيهم أبدا ولن يرتاح لي بال وهم تحت جناح أم أنانية بلغت الخمسينيات ومازالت تبحث عن ملذّات الحياة…
“م.ح” من حاسي مسعود