دقيقة من وقتك.. كيف ترق القلوب..؟
كثرت هموم الناس، وانشغلوا بالدنيا، هذا يشكو أخيه، وتلك تشكو قريبا، الابن تنصل من واجباته. والآباء صاروا يفرقون بين أولادهم، صلة الرحم باتت غريبة، والمتمسك بمبادئه أصبح متخلفا عن عصره. وكل هذا لأن القلوب تغلفت بالقسوة، ولم يعد للمودة محلا من الإعراب في لسان الأشخاص، فما السبيل إلى رقة القلب؟
إن رقة القلب لا تكون إلا بتشخيص دائه وعلته، فنقوم بإقلاعه واستئصاله وإحلال الدواء مكانه. وفي هذا الصدد ذكر الإمام ابن القيم كلاما جميلا في بيان أسباب رقة القلب. فقال: “لكل شيء جلاء، وإن جلاء القلب ذكر الله عز وجل”، فالقلوب تصدأ بالغفلة والابتعاد عن طريق الحق. وإتباع الذات والشهوات، وصلاحها لا يكون إلا بالاستغفار والذكر. فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته تراكم الصدأ على قلبه وطَمس حقيقة الأشياء. فيظهر الباطل في صورة الحق، فلا يقبل حقا ولا ينكر باطلا. إذا فلابد من إتباع الطاعات التي يزداد القلب بها نورا وضياء.
أهم الطاعات التي تحصل بها رقة القلب:
1- أداء الفرائض كما أمر الله جل وعلا، الاشتغال بذكر الله. وملازمة الحمد الاستغفار على سائر الأحوال، وتدبر الآخرة، وما أعده لعباده الصالحين من نعيم.
2- الرحمة بالضعفاء والمساكين، وتفقُد المحتاج والفقير، عيادة المريض، وإتباع الجنائز، كلها أعمال تحيي في القلب الانكسار، وتجعله يتفكر النعم التي منّه الله بها. فيرغب في عفوه ورحمته.
3- محاسبة النفس فيما أصابت وفيما أخطأت. والابتعاد عن الرفقة السيئة فإنها باب الشر وأصله.
فليس هناك أنفع من إصلاح الفؤاد وسلامة القلب..
همسة
في ظل كثرة الفتن والابتلاءات والمصائب، إذا أصابتك فاقة أو محنة أو غمِّ أو همّ أو كرب فاجعل ملاذك هو الله جل في علاه، وتذكر قوله تعالى:
{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}. {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}
{أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}. وتذكروا أيضا أن أساس التوفيق الإخلاص هو صدق النية، تأملوا قوله سبحانه: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِم فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ علَيْهِم}