زوجي يتصرف كالمجنون.. لا أدري إن كان مريضا أو مسحورا

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد:
أنا فتاة في العشرين من العمر تزوجت منذ سنتين من رجل متخلق ومتدين، ولدي طفل في عامه الأول، مشكلتي يا أمي نور أنى غير مرتاحة مع زوجي، لأنه أخطأ في حقي كثيرا وكنت أسامحه في كل مرة على أمل ألا يعيد الكرة، بالرغم من أن أخطاءه ليست بالهينة فمنها الضرب المبرح والإهانة، فهو يغضب وينقلب علي لأتفه الأمور، أمور لا تستحق الغضب ويمكن تفاديها، علما أني لم أقصّر في حقه رغم صغر سني فكل طلباته مستجابة، لكي يرضى لكنه دوما يعلّق بعدم الرضى.
أنا لا أنكر أن فيه بعض الصفات الحسنة، لكن الإهانة أنستني كل شيء وبعدما يضرب يأتي ويبكى ويصالحني، ثم يعود إلى أفعاله مرة أخرى ويبرر أفعاله بأنه يقدم عليها بدون وعي ومرة يقول إنه مسحور وغير ذلك.
أمي نور، لقد ظُلمت كثيرا وتنازلت عن حقي أكثر، ولما أخبر أهلي برغبتي في الطلاق يرفضون، وأنا لا أريد أن أخبر أحد بأنه يضربني حتى لا تهتز صورته، لقد تعبت كثيرا لا أريد أن يراني ابني وأنا أُضرب، أخاف أن يتأثر نفسيا، قصتي طويلة لكني اختصرتها لكِ فأرجو الرد في أقرب فرصة ولك مني جزيل الشكر.
و/ غرداية
الرد:
عزيزتي اتفق معك تماما أنك لاتزالين صغيرة على المعاناة، وأتفق معك أيضا أنّ الضرب المبرح هو منتهى الإهانة خاصة لزوجة شابة وصغيرة في مثل عمرك، لكن زوجك ليس مخطئا وحده فأنت أيضا تتحملين جزءا من هذا الخطإ وأهلك يتحملون الجزء الأكبر، لأنك تزوجت في هذه السن من رجل لا يقدّرك ولا يحترم آدميتك، وأنت أيضا يجب أن تضعي حدا حاسما لهذه المهزلة، لأن سكوتك معناه تماديه في الظلم والغي، ولأنك حين تسامحين وتتنازلين تمنحين له حق ليس من حقه وتمنحين له الفرصة ليزداد ظلما ووحشية، هو اليوم يضربك وغدا يضرب طفلك ثم تصير الأمور بعد ذلك بشكل عادي ويصبح ضربه لك أمر واقع وتسامحك أيضا هو المقابل للواقع الذي يجب أن ترضي به طالما رضخت منذ البداية.
عزيزتي، يجب أن تخبري والديك وأهلك بل وأهله أيضا بما يفعله، ولا تتهاوني في حقك مرة أخرى، إن لم يكن من أجل كرامتك فمن أجل طفلك البريء الذي سيصاب بكل العقد النفسية حين يرى أمه على هذه الصورة المهينة، ووالده على هذه الصورة المشينة التي يكرهها أي ابن في الدنيا، ثوري لكرامتك وارفضي أن تعاملي كالإماء والعبيد فأنت حرة والحرة لا تضرب ولا تهان إنما تعامل بآدمية واحترام، وهذا هو أقل حق لك، ارفضي جاهلية زوجك الذي تدّعين أنه متخلق ومتدين بالرغم من أن الأخلق والدين لا يتفقان مع ما يفعله من تصرفات جاهلية تدل علي همجية في الفكر وجهل بالدين، ولو كان مريضا كما يدّعي لطلب العلاج والتمسه في أكثر من جهة، لكنه يستغل براءتك وصغر سنك وتسامحك معه ليتمادى في الظلم.
يجب أن تكون لك وقفة حاسمة حازمة، يعرف من خلالها أنه حان وقت مراجعة النفس وإعادة النظر في الطريقة التي يتعامل بها معك، يجب أن يتوقف فورا عن أسلوبه العدواني في التعامل معك، اشرحي له أنك من الآن فصاعدا لن تسمحي له بإهانتك وإذلالك مهما كانت النتيجة، فالرجل الذي يضرب زوجته تنتفي عنه صفة الرجولة وتنتفي عنه كل أخلاق ودين، أي أخلاق وأي دين الذي يجعله يضربك بهذا الشكل الوحشي رغم أن الإسلام لم يأمر بذلك ولو كان يعرف أقل القليل من أمور دينه، لعرف أن الإسلام لم يأمر الرجل بضرب زوجته بل أمر بالإحسان إليها واتقاء الله فيها، ورسولنا صلى الله عليه وسلم كان خير أنموذج لأنه هو القائل “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” وهو القائل “اتقوا الله في النساء”، وقال أيضا “اتقوا الله في الضعيفين المرأة واليتيم”، فأين زوجك من كل هذه التعاليم السامية وأين هو من دين أمره بحسن معاملتك والإحسان إليك، اسمحي لي هذا الزوج جاهل وليس مريضا يحتاج إلى علاج، إن من لا يجيد الإقناع بالحوار شخصيته ضعيفة يستعمل قوته لفرض سيطرته على من هو أضعف منه وهي صفات لا تتفق مع رجل ذا أخلاق ودين وزوج وأب، المفترض أن يكون محترما، المفروض أن يعلم أنه بهذا الشكل يظلمك حين يسيء معاملتك، وعليه أن يخاف الظلم ويخشاه ويعرف أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن أشر الناس أظلمهم للناس وأن الله سبحانه وتعالى قد ينتقم من الظالم بظالم ثم ينتقم من كليهما لأنه خير المنتقمين، أرجو أن يقرأ زوجك هذا الرد وأرجو أن تتواصلي معي مرة أخرى لأطمأن عليك عزيزتي.
ردت نور