سبب تأليف صحيحي البخاري ومسلم

ذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة كتابه «فتح الباري»، ثلاثة أسباب دعت الإمام البخاري رحمه الله إلى تأليف كتابه «الجامع الصحيح ».
الأول: أنه وجد الكتب التي أُلفت قبله حسب الوضع، جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح والتحسين، والكثير منها يشمله التضعيف، فلا يقال «لغثه سمين»، قال فحَرك همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب في صحته أمين.
الثاني: قال وقوّى عزمه على ذلك ما سمعه من أستاذه أمير المؤمنين في الحديث والفقه، إسحاق ابن إبراهيم الحنظلي، المعروف بـ«ابن راهوية»، وساق بسنده إليه أنه قال:«كنا عند «إسحاق بن راهوية» فقال: «لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال: «فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الصحيح».
الثالث: قال: وروينا بالإسناد الثابت عن محمد بن سليمان بن فارس قال: سمعت البخاري يقول: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكأني واقف بين يديه وفي يدي مروحة أذب بها عنه، فسألت بعض المعبّرين فقال لي: «أنت تذب عنه الكذب، فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح».
وأما الإمام مسلم رحمه الله، فذكر في مقدمة صحيحه سبب تأليفه هذا الكتاب، وملخصه أن شخصا رَغَب في تَعَرُف جملة الأخبار المأثورة عن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» في سنن الدين وأحكامه، وما كان منها في الثواب والعقاب والترغيب والترهيب، وغير ذلك من صنوف الأشياء بالأسانيد، التي بها نقلت وتداولها أهل العلم فيما بينهم.
وسأل الإمام مسلما تلخيصها له في التأليف بلا تكرار يكثر، ليتمكن من التفهم فيها والاستنباط منها، ولأهمية هذا المطلوب وما يترتب عنه من منفعة موجودة وعاقبة محمودة له خصوصا وللمسلمين عموما، أقدم على جمع هذه الدرر خالصة نقية من الشوائب، وزاده رغبة في القيام بهذه المهمة الجليلة، ما رآه من بعض العلماء من نشر الأخبار الضعيفة وعدم التمييز بين السليم والسقيم، وما ينجم عن ذلك من أضرار، لا سيما على العوام الذين لا يدركون الفرق بينها.