مخابر خاصة تحول جزائريين أصحاء إلى مرضى بالسيدا

- معهد باستور يتحول إلى مسرح للطلاق بين المقبلين على عقد القران
– التحاليل الهرمونية والسيرولوجية هي أكثر الأنواع التي تسجل فيها الأخطاء
”ربي معاك عندك السيدا”، ”شوف مع الطبيب هو يقولك”، ”واقيلا عند البوصفاير” …، وغيرها من القنابل الموقوتة التي تنفجر في وجه الشخص الذي يتوجه إلى المخبر الطبي من أجل استلام نتائج التحاليل الخاصة به، والذي يدخل في دوامة لا يمكنه الخروج منها، خاصة إذا كانت النتائج متزامنة مع عطلة نهاية الأسبوع، وما أكثرها الحالات التي أصيبت بانهيار عصبي حاد، أو انتهى بها الأمر بالطلاق خاصة للأزواج الذين تثبت إصابة أحدهم بالتهاب الكبد الفيروسي، كما حدث في معهد باستور بسيدي فرج، الذي كان مسرحا للعديد من حالات فك الرابطة الزوجية، أياما معدودات قبل العرس، لا لسبب إلا لأن الزوج لا يقبل أن يصاب بالعدوى، على الرغم من توفر العلاج.والأسوء في مسلسل التحاليل الطبية الخاطئة، هو عندما يكاد الشخص أن يفقد عقله بسببها، ليكشف له العون المخبري بعد الصدمة، أنه كان ضحية نتائج طبية مغلوطة.
تنجو من موت محتم بسبب خطإ في التحاليل
ولأن الحالات كثيرة، فقد نجت سيدة تبلغ من العمر 62 سنة تقيم بضواحي العاصمة وتعاني من مرض القلب من موت محتم، وذلك لأن الطبيب المتابع لوضعها الصحي وبعد إخضاعها لتحليل ”زمن البروثرومبين” الذي يستعمل في تحديد عملية تجلط الدم، اقتصد في الكواشف المعتمدة في عملية التحليل، حيث أنه وبإجراء التحاليل، تبيّن أن النسبة فاقت 4,5 بالمائة، وهو المعدل الذي لا يوجد أصلا في المراجع الخاصة بمثل هذه التحاليل المخبرية التي تتراوح فيها نسبة البروثرومبين ما بين 2 إلى 4 بالمائة، ولأن المريضة وبموجب اتفاق مسبق، تم إخطارها من طرف طبيبها بإضافة جرعة الدواء، في حين تجاوز المعيار المحدد نسبة 4 بالمائة، فما كان لها غير زيادة ربع قرص من دواء ”سانترون” لتصبح تتعاطى ما معدله نصف قرص يوميا، بيد أنه وبعد تفطن ابنتها لزيادة الجرعة، تم عرضها على طبيب آخر، ليتبيّن أن التحليل الأولي خاطئ منقذة أمها من موت محتم.
تعفن في الزائدة الدودية يكشف تغيير زمرته الدموية من إلى O+
حالة أخرى لا تقل خطورة عن الأولى، حيث تفاجأ رب عائلة من بوزريعة بتغير زمرته الدموية من ” ” إلى ”O+” بعد إجراءه للتحليل في مخبر خاص بالعاصمة، كما أن الشخص نفسه كاد أن يلقى حتفه لولا تدخل أهل الاختصاص، الذين كشفوا أن التحليل الأول كان خاطئ، حيث وفي هذا الإطار، كشف المريض لـ”النهار”، أنه اعتاد على أن زمرته الدموية هي ” ”، وهي الزمرة المدونة على رخصة سياقته، غير أنه أصيب بتعفن على مستوى الزائدة الدودية الذي استلزم إجلاءه على جناح السرعة إلى مستشفى بني مسوس من أجل إجراء عملية جراحية مستعجلة، غير أن الفريق الطبي الذي كان سيشرف على العملية الجراحية، طالب بإجراء تحليل لمعرفة الزمرة الدموية، وبظهور النتائج تبين أن زمرته ”O+” ، ليتفاجأ المريض بنتائج التحليل، لأنه ولو أن الأطباء اعتمدوا على الزمرة المدونة على رخصة السياقة لتسبب له ذلك في تعقيدات صحية.
أصيب بالتهاب في الكبد بسبب خلط في الأنابيب
من جهة أخرى وعن طريق الصدفة، اكتشف طالب جامعي بدالي إبراهيم كان يعاني من مرض التهاب الكبد الفيروسي من نوع ”س”، أن النتائج الطبية الصادرة عن المخبر كلها خاطئة، حيث أن الطالب ذاته، وبعد إخطاره بإصابته بالمرض وبعد استشارة طبية مضادة، طلب منه إعادة التحاليل الطبية، لتبين أنه سليم ولا يعاني من أي مرض، وبعد إجراء تحقيقات من طرف مفتشي وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات على مستوى المخبر الطبي، اتضح أن الأمر لا يعدو أن يكون خلط في الأنابيب، وعليه أمرت الوزارة الوصية بغلق المخبر الطبي تحفظيا إلى حين الفصل في الملف.
تحاليل مضادة تكشف خلوها من داء العصر
حالة أخرى تخص شابة في مقتبل العمر، قامت بإجراء تحاليل طبية، كشفت أنها تعاني من داء فقدان المناعة الأولية ”السيدا”، ولأن الشابة متخلقة وملتزمة وليس لها سوابق أخلاقية، تولّد في نفسها خوف شديد من الفضيحة، فقامت بإجراء تحاليل مضادة أثبتت أن السيرولوجيا الخاصة بها كانت سلبية، وعليه وبعد تقدمها أمام الجهات المختصة للتبليغ عن مثل هاته التجاوزات، وبعد فتح تحقيقات معمقة، تبين أن الكواشف المستعملة في التحاليل منتهية الصلاحية .
حملات تفتيش واسعة على مستوى مخابر تحليل الدم
كشفت مصادر من مبنى وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات لـ”النهار”، أن مصالح هذه الأخيرة ستشرع في شن حملات تفتيش واسعة على مستوى مخابر تحليل الدم، بعد أن تم اكتشاف مخابر تعتمد على كواشف طبية منتهية الصلاحية، خاصة في ولاتي بومرداس، والعاصمة.وحسبما علمته ”النهار” من المفتشية العامة للصحة، فإن الفرق المكونة من مفتشين وأطباء، سيقومون بعملية مراقبة موسعة لمخابر تحليل الدم، والتأكد من مدى مطابقتها للمعايير المعمول بها أثناء عملية تحليل دم المرضى، فضلا عن الكشف على مدى صلاحية وفعالية الكواشف المستخدمة ومصدرها، وعن مراقبة مدى احترام شروط ومعايير النظافة والسلامة الصحية.
من معهد باستور إلى ”دار الشرع”
تحول معهد باستور الكائن مقره بسيدي فرج، إلى شبه ”محكمة” تعنى بالأحوال الشخصية، وهو ما وقفت عليه ”النهار” شخصيا، حيث تبيّن أن العديد من الأشخاص المقبلين على الزواج يتم تطليقهم داخل المعهد قبل عقد القران، لسبب واحد وحيد وهو أن المعني بالأمر مصاب بمرض معدي ويستلزم منعه من الزواج بالرغم من أن المرض المصاب به يمكن معالجته، وهو ما يجعل عمال المعهد في حرج من أمرهم، حيث كشف في هذا الإطار مصدر من المعهد، أن مثل هذه الحالات كثيرة لكنهم ملزمون بتطبيق التعليمات بمجرد ظهور النتائج، قائلا إن معهد باستور يعد مركزا مرجعيا، نظرا لالتزامه بالمعايير الدولية المعتمدة في التحاليل الطبية والسيرولوجية، والتي لا مجال في الطعن أو الشك فيها، عكس النتائج التي تصدرها المخابر الخاصة التي تلزم صاحبها على إعادته لأكثر من مرة للتأكد من مدى سلامتها ودقتها.
الدكتورة صارة دراجي متخصصة في علم البيولوجيا بمستشفى ”بارني”:”التحاليل الهرمونية والسيرولوجية هي الأكثر عرضة للوقوع في الأخطاء”
من جهتها، أكدت الدكتورة صارة دراجي، متخصصة في علم البيولوجيا بالمركز الاستشفائي نفيسة حمود، من خلال الحوار القصير الذي أجرته مع ”النهار”، أن الأخطاء في التحاليل الطبية شائعة بشكل كبير، وتنعكس سلبا على الحالة النفسية للمرضى.
ما هي نتيجة استخدام كواشف منتهية الصلاحية في التحاليل الطبية؟
النتيجة بسيطة، هو أن التحاليل تكون خاطئة، وقد تشير إلى معاناة الشخص من مرض ما، في الوقت الذي يكون فيه سليما، وتدخل في علم البيولوجيا العديد من العوامل التي تلعب دورا هاما، كأن يقوم المريض بإعادة تحاليله مرتين لضمان الحصول على نتائج مضمونة.
هل كل من يعملون في مخابر تحليل الدم هم من أهل الاختصاص؟
للأسف، أصبحت مهنة تحتكم إلى الوساطة، وليس للخبرة والتخصص، فقد نجد العديد من الأشخاص الذين يعملون في المخابر غير حائزين على الشهادة اللازمة لشغل مثل هذا النوع من العمل، لأنه بالدرجة الأولى مرتبط بحياة الناس، والتحاليل الطبية قد تكون مصيرية للعديد من الأشخاص، لأن حياتهم قد تتحول إلى جحيم لمجرد خطإ صغير يرتكب.
أي صنف من التحاليل تكون عرضة للأخطاء؟
أكثرها تخص التحاليل الهرمونية، التي يجب أن تعاد مرتين على الأقل للتأكد منها، بالإضافة إلى التحاليل الخاصة بالسيرولوجيا، التي تكون نتيجتها في بعض الأحيان إيجابية، ما يعني معاناة الشخص من التهاب في الكبد، أو داء فقدان المناعة الأولية، قد يصاب المريض بصدمة عند قراءة نتائجه للمرة، عند اكتشاف إصابته بمرض خبيث، ولكن يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار حالته الإكلينيكية، كونها مرتبطة بالنتائج، وهنا يأتي دور التحاليل المضادة، التي تؤكد إصابة الشخص بالمرض من عدمه.
ما الذي يمكن أن يتسبب في الحصول على نتائج تحاليل خاطئة؟
عدم الاحتفاظ بعينات الدم في ظروف ملائمة، قد يكون السبب الأول وراء الحصول على نتائج خاطئة، والآن تطورت التكنولوجيا إذ أنه بفضل جهاز ”الأتومامت”، يتم وضع كمية الكاشف وعيّنة الدم، والنتيجة تصدر مباشرة، فإذا كانت عينة الدم فاسدة، فالنتائج تكون خاطئة لامحالة والعكس صحيح، إذا كانت الكواشف منتهية الصلاحية، والعيّنات جيدة، تكون النتائج خاطئة.