إعــــلانات

أخشى أن نؤول إلى هذا المصير.. لأن تيار العصرنة جارف وخطير!

أخشى أن نؤول إلى هذا المصير.. لأن تيار العصرنة جارف وخطير!

يعيش مجتمعنا اليوم مأزقا واضحا لم يكن مألوفا حتى فترة متأخرة من ثمانينات القرن الماضي، إذ تسبب ذلك في فجوة واسعة بين جيل السلف وجيل الخلف، فقد كان التواصلُ الحي قائما بين الأجيال في كل المجالات، فهناك اللقاء المباشر في المناسبات العامة وغيرها، حيث كان دفء العلاقة بين كبار السن والشباب حارا، سواء تمّ بصيغة حوار، أم نقد، أم توجيه، أم تصحيح، ولذلك لم يكن جيل الشباب يشعر بأيّ عزلة أو فجوة بينه وبين سلفه.

وما إن غزت ثقافة العولمة بفضائها المفتوح في كل المجالات ساحتنا الاجتماعية، لتخلخل الكثير من قيم مجتمعنا، حتى بدأت ظاهرة الانفصام بين الأجيال تبرز بشكل واضح إلى الوجود، وتتسع الفجوة بينهما باستمرار، ولأن تيار العصرنة جارف، حيث إن عوامل التحصين ضعيفة، فقد انتزعت عوامل المسّ بثقافة الموروث المجتمعي خصوصا رموزها، بالإضافة إلى ما لازمها من حالة الانبهار الصارخ بالثقافة الوافدة، الأمر الذي قضى بدوره على الذوق المجتمعي العام والشبابي منه بشكل خاص، ليجد نفسه خارج إطار معطيات حركة المجتمع، فبدأ يعيش واقعا مشوشا وضياعا مقرفا يتسم بفجوة سحيقة.

ولا شك أن ظهور وسائل عصرية منافسة للأسرة والمجتمع تأخذ دورها الحاسم في التأثير، مثل الفضائيات والأنترنت، وقد نجحت في زرع قيّم مغايرة وغريبة عن مجتمعاتنا، فأدى ذلك إلى تضارب في الفكر بين الجيل الذي تربى على القيم الحسنة والتقاليد النبيلة الموروثة، والجيل الحالي الذي تربى على قيّم دخيلة لا صلة لها بالموروث والأصالة، وهكذا انهارت تقاليد التربية التراثية نتيجة لعوامل كثيرة، ولعل من بينها انشغال الوالدين بالسعي وراء العمل، في زحمة حياة عصرية صاخبة تتطلب العمل المتواصل لتأمين لقمة العيش، ونشوء طموحات شبابية عصرية جديدة، تغذّيها وتشعل أوتارها وسائل التواصل الرقمية التي اخترقت كل الحدود، الأمر الذي ساهم في تعميق هذه الفجوة واتساع رقعتها.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الفجوة أو القطيعة ـ إذا صحّ التعبير -، قد ظهرت بأنماط سلوكية شاذة، حيث أخذ الجيل الجديد في جانب منها يظهر للناس بملابس لا تمتّ بصلة إلى ما اعتاد المجتمع أن يلبسه في الحياة اليومية، فبدأ يلبس سراويل متدلية أو ممزقة أو ضيِّقة، ويرتدي قمصانا ضيّقة بألوان صارخة، وقبعات تغطي الرأس، بعد أن شرع بقص الشعر، وحلقه قزعا وتسريحه بطرق غريبة، واعتاد وضع سلاسل غليظة حول المعصم أو العنق، ناهيك عن المشي بحركات متمايلة، واستخدام طريقة كلام خاصة، في تقليد مقرف للنموذج الآخر، الذي تلهمه إياه تلك الوسائل الجديدة في التربية والتنشئة العصرية.

لذلك بات الأمر يتطلب من الجميع، آباءً ومجتمعا ومدرسة ومفكرين ودعاة، الانتباه الجاد إلى خطورة هذه الهوّة، والعمل على ردم الفجوة بأساليب عصرية تُحاكي تطور العصر، وتستجيب في نفس الوقت إلى تطلعات الجيل الجديد بالانتفاع من معطيات الحداثة، من دون تفريط في متطلبات الأصالة، وبالشكل الذي يضمن الحفاظ على الهوية، ويؤدي إلى ترسيخ القيم الأصيلة.

رابط دائم : https://nhar.tv/tWMag
إعــــلانات
إعــــلانات