إعــــلانات

أسواقنا تتحول إلى حلبات مصارعة وبورصات محلية تحت شعار “الغاية تبرّر الوسيلة”

أسواقنا تتحول إلى حلبات مصارعة وبورصات محلية تحت شعار “الغاية تبرّر الوسيلة”

قال صلى الله عليه وسلم: “من احتكر طعامًا أربعين ليلة، فقد برئ من الله تعالى وبرئ الله تعالى منه” رواه ابن ماجه، وقال أيضا: “التاجر الصادق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء” رواه الترمذي، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا يدخل أسواقنا من لا يفقه بيوعنا” من كتاب فقه السنة للسيد سابق.

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Tableau Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Times New Roman”;
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}

اتخذ معظم تجارنا اليوم وعبر كافة الأسواق الجزائرية على غرار الأسواق الإسلامية والعالمية، شعار “الغاية تبرّر الوسيلة”، فلا هم للتاجر سوى الربح بغض النظر عن الوسيلة التي توصله لذلك، وهو ما يفسر ظاهرة احتكار السلع ذات الإستهلاك الواسع وكذا التعاملات الربوية التي أصبحت مباحة في هذه الأوساط رغم أنها من أكبر الكبائر التي حذّر منها النبي صلى الله عليه وسلم.

ولم تعد التعاملات التجارية بين التجار وزبائنهم في أسواقنا اليوم تشير إلى أننا في مجتمع مسلم، خاصة خلال شهر رمضان، لما يكثر في هذا الشهر الفضيل من مشاحنات وعراك، فلا يقول أحدهم “إني صائم” تطبيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم من باب اجتناب المعاصي، وإنما يقول “اخطيني راني صايم” ككناية عن القلق والغضب الذي يتملكه تجاه زبونه أو جاره التاجر نتيجة خلاف بسيط بينهما.

حظ الزبون من البضاعة الممتازة لا يتعدى متعة العين

وتجولت “النهار” وسط بعض الأسواق المعروفة خلال شهر رمضان لأجل تسليط الضوء على بعض هذه التعاملات، فكانت البداية مع الطريقة المنتهجة في تصفيف البضاعة داخل علبها، أين يحرص التاجر على إبراز أفضل أجزاء سلعته بحيث يضع النوعية الجيدة في المقدمة وتأتي النوعية الرديئة في المؤخرة، في حين تكون هذه الأخيرة هي نصيب الزبون رغم أنه اشترى نوعية جيدة في اعتقاده بالنظر إلى ثمنها، وهو الحال مع كل السلع اليوم.

وقال بعض تجار سوق الحطاب وسط ولاية عنابة ممن استفسرتهم “النهار” عن الظاهرة، أن الأمر خارج عن نطاقهم، ذلك أن البضاعة تباع لهم بهذه الطريقة والمسؤولية يتحملها الفلاح بصفته المصدر الرئيسي لها، متجاهلين بذلك دورهم في العملية خاصة وأنهم وبعد إفراغ البضاعة من الصناديق يتعمدون إعادة ترتيبها وفق ما كانت عليه على خداع الزبون، خاصة وأنه في الإمكان خلطها ليتمكن المشتري من تبيان أمرها.

عراك ومناوشات سببها مؤامرات التجار وعدم تسامح الزبائن

وتؤدي مثل هذه التصرفات في كثير من الأحيان إلى انزلاقات بين التاجر والزبون في حال اكتشف هذا الأخير أمر البضاعة قبل مغادرته، خاصة وأنه لا أحد يريد التنازل عن حقوقه في الوقت الذي يرى كلاهما نفسه على حق، ويحدث هذا مع كل السلع المعروضة بالسوق، وهو ما تجسده الرحلة التي قادتنا إلى سوق “جامع ليهود” بالعاصمة تقربنا خلالها من بائع العنب الذي بدت سلعته لأول وهلة جيدة وهي داخل الصناديق، قبل أن يتضح العكس بمجرد رفع العناقيد العلوية.

وفضلا عن التعاملات الربوية التي ينتهجها بعض الباعة، باختلاق أسعار وهمية ثم يقول للزبون أن سلعته وصلت إلى كذا ثمن من أجل إجباره على دفع أكثر، ينتهج تجارنا سياسة “خبيها حتى يطلع شانها” وهي كناية عن احتكار سلعة ما لأجل زيادة الطلب عليها، وهو ما ساد خلال الأشهر القليلة الماضية بشأن مادة الإسمنت التي فضلا عن ندرتها في السوق ذهب بعض التجار إلى احتكار الكميات التي يحوزونها باسم المضاربة في الأسعار.

غياب تام لمظاهر الرحمة والمصلحة الشخصية تطغى على الطرفين

وأشارت جهات مطلعة لـ”النهار”، إلى أن هناك تقنيات أخرى ابتكرها التجار في ظل المنافسة العمياء بالسوق، والتي تخص الميزان الإلكتروني من خلال برمجته على سرقة 200 غرام أو أكثر من بضاعة الزبون، حتى يتسنى للبائع تخفيض السعر ومنافسة الآخرين دون أن ينقص ذلك من ربحه شيئا، غير مبالين بالقيم والأمانة التي تقع على عاتقهم، متمسكين بمقولة أن “التجارة بارك فيها الله ورسوله” إلا أنهم تناسوا أن من شروطها الأمانة والصدق.

ويشترط بعض الزبائن في هذا الإطار نظرا لانعدام الثقة بين الطرفين أن يختار بنفسه البضاعة التي يريدها، الأمر الذي يرفضه أغلب التجار إلا القلة القليلة الذين يعلمون أن البضاعة كلها ذات نوعية جيدة، في حين يتسبب هذا الطلب في صراعات على مستوى أغلب الأسواق خاصة في شهر رمضان، أين يعتبر صاحب البضاعة ذلك إهانة وإبعاد للزبائن الآخرين في حالة رفضه، ومن جهة أخرى يعلم أن قبوله سيؤدي إلى رمي معظمها.

“إحياء قواعد المعاملة التجارية الإسلامية يتطلب البدء في تحضير جيل جديد”  

استنكر الشيخ الدكتور عبد الحميد بيرم، المكلف بالجانب الفقهي في جمعية العلماء المسلمين، طبيعة التعاملات التجارية التي ينتهجها تجارنا اليوم، مشيرا إلى أن ذلك يشير إلى مظاهر التخلف وتلاشي القيم الأخلاقية في الأسواق، خاصة أمام بعض التصرفات التي يتعمدها التاجر لأجل تحقيق منفعة شخصية ولو على حساب دينه الذي يأمره بالصدق والأمانة في العمل التجاري.

وحث الدكتور عبد الحميد بيرم في اتصاله بـ”النهار” أمس، التجار على احترام حرمة رمضان الذي فضله الله على باقي الشهور، والتزام الصدق والأمانة في تعاملاتنا سواء التجارية أو غيرها، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة قد سادت أسواقنا اليوم وأصبحت من المميزات الأساسية لها، إلى أن تبلغ ذروتها خلال شهر رمضان بدل العمل على القضاء عليها والعودة إلى أصل المعاملة الإسلامية في الأسواق.

وأكد الشيخ أن هذه التعاملات التي أصبحت تعرف بها أسواقنا اليوم منافية للقيم الإسلامية والإنسانية، وينبغي محاربتها بنشر القيم والأخلاق الحميدة بين الناس وإعادة بعث قواعد المعاملة التجارية الإسلامية الصحيحة، وذلك حفاظا على الأجيال القادمة لأن أبناءنا اليوم ممن يحترفون التجارة يغرقون لا شك من قبل هؤلاء التجار أصحاب المعاملات المنتشرة، التي تنتهج سياسة الغاية تبرر الوسيلة.

وحمّل الدكتور عبد الحميد بيرم مسؤولية تجاوزات الأطفال الذين يدخلون الأسواق إلى أوليائهم، وقال إنه عليهم أن يحرصوا على تلقين أبنائهم القيم الأخلاقية وقواعد المعاملة التجارية الصحيحة قبل إرسالهم إلى الأسواق، فيضطر هؤلاء إلى الكذب في بيع سلعهم أو الغش في الميزان لأجل الربح أو انتهاج سياسة الخداع البصري في بيع السلع، حيث يحصل الزبون على غير البضاعة التي وقعت عليها عيناه.

وأوضح الشيخ أنه من الخطإ بما كان سواء بالنسبة لوسائل الإعلام أو المنابر الدعوية التطرق لهذه المسألة فقط خلال شهر رمضان، مشيرا إلى أن الظاهرة منتشرة في كل الشهور ومحاربتها يتطلب وقت طويل، وإلا سنظل نتحسر على هذه التعاملات والأخلاق الدخيلة عند حلول رمضان في كل عام.

رابط دائم : https://nhar.tv/0SPOy
إعــــلانات
إعــــلانات