أعمال شغب.. ومحاولة تهريب مساجين وسط قسنطينة

إعدام ”رمزي” لقتلة الطفلين هارون وإبراهيم.. وإضراب عام عن العمل يشل المدينة
دخل أمس، سكان قسنطينة في يوم حداد على روحي الطفلين الفقيدين إبراهيم وهارون اللذين ذهبا ضحية غدر وضمائر ميتة، حيث لبست قسنطينة منذ الساعات الأولى من الصباح، ثوبا أسود شارك في نسج خيوطه سكان وسط المدينة والمدينة الجديدة علي منجلي وكذا مدينة الخروب، وقد أعرب خلاله السكان جميعا وسط روح تضامنية منقطعة النظير، عن حزنهم الشديد على فقدان ”الملاكين” المختطفين هارون وإبراهيم والطريقة الفضيعة التي تمت بها تصفيتهما بدم بارد من طرف المجرمين اللذين نفذا هذه المأساة المروعة، التي تعد من دون مبالغة واحدة من أشنع وأخطر قضايا خطف القصر واغتصابهم وقتلهم في الجزائر.وأثناء وقفة الحداد التي انطبعت على وجوه كل السكان والممزوجة بغضب صامت، تشبثت آلاف العائلات المشاركة بجميع أفرادها في يوم الحداد بمطلب القصاص وتطبيق عقوبة الإعدام في حق الجانيين وتوفير الأمن، بغية ضمان حماية الأطفال وتجنب وقوع سيناريوهات هيتشكوكية مماثلة. الجدير بالذكر في هذا السياق، أن كبرى التجمعات السكانية بعاصمة الشرق، شهدت استجابة كلية لنداء تنظيم يوم الحداد، ترجم إلى شلل تام طبع كل الشوارع الرئيسية والتجمعات التجارية والمحلات، وكأن المناطق المذكورة تعيش ما يشبه حظر التجوال، حيث فضّل كل التجار غلق محلاتهم، استجابة لنداء عدد من السكان المتضامنين مع العائلتين المفجوعتين، من خلال حملة توزيع المناشير في كل مكان وحتى على سيارات الأجرة والخاصة والحافلات وأبواب المساجد والمؤسسات التربوية، وقد امتدت الاستجابة إلى المصالح الإدارية العمومية التي فضّل عمالها المشاركة في يوم الحزن بالالتحاق بمقرات عملهم مع صد أبوابها، كما عرفت كل المؤسسات التربوية عطلة غير رسمية للمشاركة في الحدث، ما جعل الشوارع تعيش حالة من التكاتف النادر المصحوب بوعي تام بضرورة الحفاظ على السلم وعدم الانسياق وراء أي تصرف استفزازي من شأنه تمييع القضية ككل.وفي مشاهد جد مؤثرة، تجمع الآلاف على حواف الطرقات والكل يردد تفاصيل فاجعة هارون وإبراهيم، دون أن تسجل أية حركة شغب أو مظاهرات تخل بالنظام العام أو الممتلكات العامة والخاصة، في صورة تحسب لسكان قسنطينة الذين عبروا عن موقفهم بتنظيم مسيرة سلمية حضارية بكل المقاييس وتجمع حاشد في ساحة أول نوفمبر، وكانت هذه الوقفة لتكون متميزة فعلا لو لم تسجّل حوادث مؤسفة، تمثلت في رشق زجاج مجلس القضاء وسط قسنطينة من طرف عدد من المراهقين، سرعان ما تم احتواء الأمر من مصالح الأمن وعدد من العقلاء، علما أن النائب العام لمجلس قضاء قسنطينة كان قد تحدث إلى الجموع الحاشدة بمحاذاة المجلس، مؤكدا لهم أن الجانيين سيتخذ في حقهما أقصى العقوبات وفق ما يمليه القانون، جزاء لهما على فعلتهما المنكرة التي هزت مشاعر سكان قسنطينة وكل الجزائريين.
سكان الخروب استقبلوا زوّارهم بلافتة تطالب بإعدام القاتلين
بالإضافة إلى نفس الأجواء التي كانت قاسما مشتركا بين عاصمة الولاية وعلي منجلي ومدينة الخروب، فضّل سكان هذه الأخيرة تعليق لافتة كبيرة استقبلت بها زوارها الوافدين إليها بالمدخل الغربي، كتب عليها أصحابها عبارة” الله أكبر.. سكان الخروب يريدون تطبيق حكم الإعدام في حق قاتلي هارون وإبراهيم”، وبما أن المدينة الجديدة علي منجلي تابعة إداريا لدائرة الخروب، فإن سكان الأخيرة كانوا أكثر تأثرا ما جعل استجابتهم لنداء يوم الحداد واسعة للغاية.
مندسون يحوّلون يوم الحداد إلى ساحة للشغب
عكس كل التوقعات، تحوّلت وسط مدينة قسنطينة إلى ساحة للشغب تغيّر بموجبها التضامن السلمي مع عائلتي المرحومين هارون وإبراهيم، كما تغيرت لهجة المطالب الداعية إلى القصاص وتوفير الأمن وحماية الأطفال والقصر من شبكات الاختطاف والاغتصاب التي كشّرت عن أنيابها في الآونة الأخيرة، ليقوم العشرات من المنحرفين ممن تسللوا وسط مسيرة حاشدة شارك فيها حوالي 3 آلاف شخص انطلقت من ساحة أول نوفمبر، مرورا بشارع عبان رمضان صوب مبنى مجلس قضاء قسنطينة، بتصرفات أخلطت الحابل بالنابل.
عشرات الشباب يحطّمون زجاج واجهة مجلس قضاء قسنطينة
ووسط انزلاق خطير للوضع، أقدم ما يزيد عن 80 شابا على تحويل الوقفة السلمية التي نظمها المتضامنون مع عائلتي هارون وإبراهيم أمام مجلس قضاء قسنطينة، إلى رشق واجهته الأمامية وتحطيم زجاج النوافذ التي هشمت عن آخرها، في مشهد تأسف له أغلب المشاركين في الوقفة الاحتجاجية، والذين فضّلوا الفرار في تدافع وفوضى عارمة.
إصابة 18 عون شرطة ورشق للأمن الحضري العاشر والغازات المسيلة للدموع لتفريق المشاغبين
ونظرا للانفلات الخطير للوضع، شّكل أعوان مكافحة الشغب درعا بشريا أمام المشاغبين الذين ارتفع عددهم بشكل ملفت للانتباه، ورغم كثافة الرشق بالحجارة، بقي رجال الشرطة مرابطين بمدخل مجلس القضاء، مانعين بذلك كل محاولات التسلل إلى داخل المجلس للمساهمة في فرار المساجين من قاعات الجلسات أو حرق الوثائق ومعداته. من جهة أخرى، تعرض مقر الأمن الحضري العاشر المتواجد على بعد 30 مترا عن مقر المجلس إلى هجوم عنيف بالحجارة، كما اضطرت قوات مكافحة الشغب إلى استعمال الغازات المسيلة للدموع لتفريق المحتجين. وحسب مصادر عليمة، فإن أحداث الشغب أسفرت عن إصابة 18 شرطيا تعرضوا للرشق بالحجارة تم إسعافهم بمستشفى ابن باديس، كما أشارت جهات عليمة إلى أن المشاغبين كانوا يريدون أيضا إثارة الفوضى للمساهمة في فرار 42 سجينا كانوا داخل مبنى المجلس.
كاميرات المراقبة حدّدت هويات المشاغبين
كشفت مصادر أمنية متطابقة بأن مصالح الأمن ستطلق تحريات موسعة لتحديد هوية المندسين وسط المشاركين في يوم الحداد والمشاركين في إثارة الفوضى، ومن غير المستبعد أن تنطلق حملة التوقيفات في الأيام القليلة القادمة، بالاعتماد على الفيديوهات التي التقطتها كاميرات المراقبة بمجلس القضاء.
منحرفون قلبوا شاحنة مساجين لتحرير بعض النزلاء
من جهة أخرى، أقدم عدد من المشاغبين على اعتراض سبيل شاحنة مخصصة لنقل المساجين، وبعد الالتفاف حولها أجبروا سائقها ومرافقه على الترجل منها، ثم قاموا بقلبها اعتقادا منهم بأنها كانت تقل مساجين، لكنها كانت شاغرة، وهي الحادثة التي تعكس فعلا بأن المسيرة السلمية والتضامنية منحت الفرصة لمعتادي الإجرام لتحويل مجرياتها لبعث الفوضى.
ضبط 25 مشاغبا خلال حملة توقيفات
في سياق التحقيقات التي باشرتها مصالح الأمن لتحديد هوية الجهات التي تسببت في رشق واجهة مجلس قضاء قسنطينة، علم بأنه تم توقيف 25 مشاغبا، أكدت جهات متطابقة بأن أغلبهم مسبوقين قضائيا اغتنموا فرصة تجمع الآلاف من الغاضبين من أجل تحويل الوضع إلى أعمال شغب وتخريب.
تنفيذ حكم بالإعدام على قاتلي هارون وإبراهيم بساحة الشهداء وسط قسنطينة
في لقطة أثارت انتباه الحشود المعتصمة بساحة الشهداء بالقرب من المسرح البلدي والبريد المركزي، أقدم عدد من الشباب على تنفيذ حكم الإعدام عن طريق الشنق في حق رجل مصنوع من إسفنج، يرتدي لباسا عاديا، تم تعليقه بواسطة حبل إلى عمود كهربائي، وهو المشهد الذي اهتزّ له الحاضرون وراحت هتافاتهم تدوي سماء وسط المدينة، إذ طالب الكل بمحاكاة ما قام به الشباب المحتج وتنفيذ القصاص في حق المجرمين في حادثة اختطاف إبراهيم وهارون وقتلهما.