إعــــلانات

أمناء الضبط‮ ‬الفئة الأكثر بؤسا في‮ ‬قطاع العدالة

أمناء الضبط‮  ‬الفئة الأكثر بؤسا في‮ ‬قطاع العدالة

    كاتبة ضبط تنقل بالإسعاف لتسلم شهادة طبية بإحدى محاكم العاصمة تبريرا لغيابها

هي الفئة الأكثر بؤسا -إن صح التعبيرفي قطاع العدالة، من الناحية الإجتماعية مقارنة بباقي أفراد أسرة القضاء، أما في الجانب المهني فمهامهم أكثر صعوبة وتعقيدا، غير أن المقابل زهيد وزهيد جدا رغم أنها العمود الفقري في العمل القضائي..

  النهاراقتربت من بعض أفراد هذه الشريحة التي تعد الحجر الأساس في العمل القضائي، مثلها مثل باقي الشرائح الأخرى على مستوى جهاز العدالة، للتعرف على الجوانب الخفية من حياتهم الإجتماعية، الوظيفية وموقعهم من الإصلاحات الأخيرة التي خصصتها الدولة للنهوض بقطاع العدالة في جميع المجالات، حيث كانت لنا لقاءات واتصالات مع عدد من أعمدة هذه المهنة، الذين قضوا 20  سنة وأكثر خدمة للعدالة.

علي: ”28 سنة في كتابة الضبط رقيت مرة واحدة قبل 20 عاما

بدأنا الحديث من باب الإصلاحات الأخيرة التي أقرتها وزارة العدل خدمة لفئات القطاع، أين انطلقنا من الدورات التكوينية التي نظمتها الوزارة مؤخرا، لكتاب الضبط، سواء بخصوص تعلم لغة الإشارات أو تخصصات إدارية أخرى من شأنها تطوير طريقة العمل داخل المحاكم، فقال محدثناعلي، إن هذه الإصلاحات أمر جيد ومطلوب لتحسين ظروف العمل داخل القطاع وإصلاح العدالة. وأضافعلي، الذي يعمل كاتب ضبط بإحدى محاكم العاصمة، نحن شريحة مهمة وسط القطاع، وهل سيسير العمل القضائي إن غابت هذه الفئة؟، لقد عملت بمهنة كتابة الضبط لمدة 28 سنة حتى الآن لكنني لم أتلق ترقية، إلا مرة واحدة كانت قبل 20 عاما من الآن، فأين هو القانون الأساسي الذي يقول إن الترقية ستكون اختيارية، ألم يكن لدي الحق في الترقية طيلة هذه الفترة، رغم أنني أقوم بأكثر من 50 بالمائة من العمل، باعتبار أني عميد الكتّاب في المحكمة. وأضاف محدثنا، لم يتبق لي سوى ٤ سنوات من مشواري المهني لأستفيد من التقاعد، لكنني وحتى هذه اللحظة لا أتقاضى سوى 24 ألف دينار، وليس هذا هو الأجر الصافي الحقيقي، لأن هذا الأخير لا يتعد 21 ألف دينار، وقد وصل إلى 24 ألف بعد إضافة مستحقات الأطفال الخمسة والزوجة، مشيرا إلى أن هذا لا يكفي لاستئجار شقة للسكن بالقرب من مكان العمل أو حتى لتلبية الحاجيات الشهرية للأسرة.

لم نطالب بأن نسوى بالقضاة ماديا لكن يجب تحسين أوضاعنا

من جهته، أوضحسفيانالذي التقيناه رفقة زميلهعلي، أنه ورفاق مهنته يعيشون ظروفا مهنية صعبة، لا يمكن إصلاحها بالمشاركة في الدورات التكوينية، لأن الإشكال يكمن في الحالة الإجتماعية التي نعيشها، ولا بد من الإصلاحات التي مسّت القضاة، أن تمس شريحة كُتّاب الضبط أيضا، وإلا فالإصلاحات لا يمكن أن تكون من جانب واحد، كما أننا لم نطالب بالتساوي مع القضاة، ولكن بتحسين وضعيتنا وفقط. وأضاف سفيان، لقد عملت لمدة ٠٢ سنة في سلك القضاء ككاتب ضبط حتى هذه السنة، ولا أتقاضى حاليا سوى ٤٢ ألف دينار، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فأنا رب عائلة تتكون من ٥ أفراد، كلهم يدرسون ويحتاجون إلى تكاليف التمدرس، ناهيك عن سد حاجتهم من الأكل واللباس، فكيف يمكنني أن أغطي أعبائي الإجتماعية بهذا الأجر الزهيد الذي لا يعكس بتاتا حجم الأشغال الملقاة على عاتقنا نحن أمناء الضبط.

وحتى القانون الأساسييضيف محدثنالا يطبق في كثير من حيثياته، زيادة على كونه لا يخدم بأي حال من الأحوال الشريحة التي أنشئ من أجلها، فلا ترقيات ولا زيادات ولا حتى مصاريف التكليف بالمهمة أثناء الدورات التكوينية، حتى أنني لم أمنح تكليفا بمهمة لحضور ورشات تكوين كانت نظمتها الوزارة، وهو الذي كان سيضمن مطالبتي بحقوقي في حال حدوث أي شيء.

لا تعويض عن الساعات الإضافية والمتأخر يعتبر غائبا  

وتطرق محدثوالنهارلما سموه بـظروف العمل الصحية، حين أجمعوا على أنه لا يحق لكاتب الضبط المطالبة بحقه مقابل الساعات الإضافية، التي يقضيها إلى جانب القاضي في جلسته، سواء تعلق الأمر بالتحقيق أو الجلسات العلانية، حيث تستمر هذه الأخيرة في كثير من الأحيان حتى ساعات متأخرة من الليل، في الوقت الذي لا يسمح إلى كاتب الضبط التأخر في اليوم الموالي عن العمل، وإن دخل بعد الثامنة، فسيطرد أو يعد غائبا في ذلك اليوم. وقال كريم كاتب ضبط، هو الآخر بذات المحكمة، إنه قضى 12 سنة في هذه المهنة، وأنه لم يتم ترقيته حتى الآن، وهو يتلقى حاليا 22 ألف دج كراتب شهري، يضطر في الكثير من الأحيان إلى عمل يومي الجمعة والسبت، إلى جانب الساعات الإضافية التي تصل إلى عدد ساعات اليوم، خاصة إذا تعلق الأمر بالقضايا الكبيرة والمتشعبة، إلا أن تلك الساعات الإضافية لا يمكنني المطالبة بها، كما لم أتسلم عليها أي مقابل مطلقا. في حين، يتم تعويض يوم العطلة في الأيام التي يحددها المسؤولون.

نعامل كإطارات في الواجبات.. أما في الحقوقربي يجيب

وأجمع كل أمناء الضبط الذين تحدثوا لـالنهار، على أنه يتم معاملتهم كلاشيء في سلك القضاء، حيث قال سفيان: ”لماذا نعامل كالإطارات والضباط وحتى القضاة، حين يتعلق الأمر بالواجبات، لكننا لا نساوي شيئا، حين يتم الحديث عن الحقوق التي ذهبت كلها للقضاة، مشيرا إلى القانون الأساسي، وكذلك قانون العقوبات يسويهم في العقوبة بالقضاة وضباط الشرطة، في أبسط المخالفات كالرشوة والتزوير وغيرها.

وأضاف موظف آخر، أن الزيادات الأخيرة التي مسّت شريحة كتاب الضبط بلغت 600 دينار، التي لا تكفي لحاجيات يوم واحد، حيث قال إنه تسلم حوالي ٠٠٥١ دينار عن زيادة سنتين كاملتين بأثر رجعي، كما أن السكنات الوظيفية التي تحدث عنها القانون الأساسي لا أساس لها في أرض الواقع، إلى جانب كل النقاط الأخرى التي تطرق إليها. واشتكى محدثوالنهار، من الأعباء التي يتحملونها أثناء تأديتهم لهذه المهمة، خاصة بعد إلزام القضاة بكتابة الأحكام القضائية بأنفسهم، حيث تم بذلك التخفيض من عدد العمال في المصلحة الواحدة، بما لا يتماشى وحجم الأشغال الموجودة، الأمر الذي جعل ظروف العمل بذلك غير صحية تماما، خاصة أن طلبات استخراج شهادات السوابق العدلية والجنسية، إلى جانب كتابة تصريحات المتهمين وفهرسة القضايا، أعمال تتطلب الدقة والحضور الذهني.

وقال سفيان، الذي يعد عميد كتاب الضبط في إحدى محاكم العاصمة، من حيث سنوات العمل، إنه يستخرج مؤخرا، قرابة 1000 حكم أسبوعيا، يضطر من خلاله إلى التركيز والدقة في كتابة الأسماء وغيرها، مشيرا إلى أن كل ذلك راجع إلى تخفيض عدد الموظفين مؤخرا، وتوزيعهم على مصالح أخرى بمحاكم مختلفة.

أمينة ضبط تنقل من المستشفى إلى المحكمة لتسلم شهادة مرضية

وأوضح أمناء الضبط الذين التقت بهمالنهار، أن إحدى المحاكم بالعاصمة لا تقبل الشهادة المرضية إلا من قبل صاحبها، كما لا يحق له التأخر في تسليمها حتى وإن كان مريضا وإلا اعتبر غائبا في ذلك اليوم، وهو الأمر الذي جعل أمينة ضبط تطلب من مسؤولي المستشفى نقلها على متن سيارة الإسعاف إلى مقر عملها، بغية تسليم الشهادة المرضية بنفسها، حتى لا تسجل غائبة عن العمل، لأن إرسالها عبر الفاكس أو تسليمها من قبل أحد الأقارب غير مجدي. وقال أحمد، إنه تم رفض الشهادة الطبية التي تقدم بها من أجل تبرير غيابه، رغم أن القانون الأساسي وكذلك قانون الوظيف العمومي يضمن حق العطل المرضية للعمال، حيث أشار إلى أن عدم قبول تسلم الشهادة إلا من عند صاحبها، يهدف إلى الإطلاع على صحة صاحبها الشخصية وعرضها على طبيب المحكمة، ليرى إن كان سيقبل هذه الشهادة أو يرفضها ومدى صحتها، إذ إن العطل المرضية ترفض في كثير من الأحيان. وطالب هؤلاء، بتحسين ظروف العمل لكاتب الضبط وإعادة الإعتبار له في الوسط القضائي، وذلك من خلال إعادة النظر في الظروف الإجتماعية التي يعيشها ومعاملته في إطار القانون وبما يفرضه القانون الداخلي، حيث قال أحدهم بكثير من التحسر،لقد طردت أحد المرات من شباك استخراج شهادة الجنسية أمام المواطنين وعوملت كما يعامل الأطفال الصغار”.  حيث شبّه هذا الأخير، عمله بعمل موظفي المؤسسات الخاصة التي يحق لمالكها ما لا يحق لمسيري المؤسسات العمومية تجاه العمال، في الوقت الذي أصبح فيه قانون العمل يحدد حتى حقوق الموظفين وحدود التعامل معهم، من قبل أصحاب الشركات التي يعملون بها، وذلك في إطار قانوني محض.

أجور القضاة وكُتّاب الضبط كانت متقاربة قبل 10 سنوات

ولم تكن رواتب القضاة تختلف كثيرا عن مرتبات كُتّاب الضبط، قبل 10 سنوات من الآن، كما أشار إليه بعض كتب الضبط الذين تحدثوا إلىالنهار، إلا أن كل الإصلاحات التي سطرتها الوزارة انصبت على الإعتناء بكل ما يهم القضاة بدون الإلتفات إلى الظروف الصعبة التي يعيشها كاتب الضبط، رغم العمل الذي يقوم به، والذي لن يكون إلا بحضوره، فهو القاعدة التي لا يمكن أن يتقدم العمل القضائي بدون وجودها. وأضاف المتحدثون، أن السكنات الوظيفية هي مجرد حبر على ورق، وكذلك الترقيات والزيادات، معتبرين أنفسهم مجرد مساعدين للعدالة. حيث قال أحدهم: ”أتعجب لعدم ذكر كاتب الضبط مطلقا في الخطابات التي يلقيها الوزير، حيث يركز كل اهتمامه على القضاة وكأنهم يسيّرون العدالة لوحدهم، ولا دخل أو لا دور في ذلك لأمناء الضبط، في حين، أن كل ما يتعلق بالملف من إجراءات تلقى على عاتقهم، منذ تقديم المتهمين وحتى رفض الطعن الأخير من قبل المحكمة العليا”.

 

عضو المجلس الوطني لكتاب الضبط يؤكد لـالنهار”:

زيادات تصل إلى 40 من المائة في أجور كتاب الضبط بداية من مارس

أكد السيد عالم بوبكر، عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية لموظفي أمانة الضبط، في تصريح لـالنهار، أن اللقاءات القاعدية التي تمت بالمجالس القضائية بناء على اتفاقية ما بين الأمين والوزارة، تكللت بالإفراج على القانون الأساسي الذي كان حبيس الأدراج منذ أكثر من 4 سنوات، والذي من خلاله سيتم تحقيق المطالب المادية والإجتماعية، على رأسها حق الترقية والإمتحانات، والتي من شأنها رد الإعتبار لمهنة كاتب الضبط، الذي يعد الركيزة الأساسية للعدالة، والذي بدونه لا يتمكن القاضي من تسيير الجلسة. هذا، وعن الزيادة المالية، أكد عضو المجلس الوطني لنقابة كتاب الضبط، أن الأعوان سيستفيدون من زيادات قد تصل إلى 40 بالمائة من أجور كتاب الضبط، والتي ستكون خلال نهاية السنة على أكثر تقدير.

رابط دائم : https://nhar.tv/1Iuj7
إعــــلانات
إعــــلانات