أنا في ورطة حقيقية.. ولا أدري كيف أواجه ابنتي وأنقذها

لم أصدّق أنّني أصبحت أمّا، فرحلة علاجي الطويلة وسعيي لأن أرزق بها كانت أشبه بمسلسل درامي كانت كلّ حلقة فيه تحمل من الدموع والأسى الكثير، ولأنّ رحمته تعالى تسع كل شيء، فقد شاءت قدرته أن تكون لي قرّة عين بعد امتحان لا أكذب أن الصبر فيه كان سلاحي الوحيد وعدّتي.كان لمقدمها بيننا أنا وزوجي نقلة نوعية في حياتنا، حيث أن السعادة رفرفت على بيتنا بشكل جعل الجميع ممن يعرفنا يحمد اللّه على معجزة لا تحدث إلا نادرا، هذا ما زادنا إصرارا على أن تكون كريمتنا على خلق ودين، فاستثمرنا كل مجهوداتنا في تلقين فلذة كبدنا أحسن التعاليم من تربية صالحة ودين حتى بلغت سن الرشد، فأحسست أنا وزوجي بأننا بلغنا مرادنا، فانصرفنا إلى حياتنا وكلّنا أمل في غد أفضل.لم تكد أيام السرور والبهجة تنقضي، حتى وقفت على صدمة قلبت كياني، وهذا بالتحديد ما دفعني لأن أراسلك سيّدتي بعد أن سُدّت في وجهي السبل.لقد اكتشفت سيدتي بمحض الصدفة، أن فتاتي الطيبة البريئة تمارس العادة السرية، أمر لم يتقبله عقلي ولا قلبي، فلا نحن تربّينا على مثل هذه الأمور ولا نحن نعرف سبل التعامل مع هذه الحالة المستعصية، لدرجة قد لا تصدقين سيدتي أنني لم أجرأ حتى على مواجهة ابنتي بالحقيقة المرة التي حرمتني تذوق طعم الراحة والسكينة.أكثر ما حزّ فيّ سيدتي، أنّي وزوجي لم نحرم ابنتنا من كماليات الحياة شيئا، حيث أنها تحيا كالملوك والأمراء، حياة كريمة تحسدها عليها الفتيات في مثل سنها، إذ أن لها غرفة منفردة، كما أنها تمتلك حاسوبا موصولا بالأنترنت سهرا منا على أن تدرس جيدا، ولعل هذا ما جعلني أحس بالخذلان، علما أنني لم أجرأ على إخبار أحد بالمصيبة التي تتخبّط فيها ابنتي.سيّدتي أنا أمّ فقدت طعم الحياة بسبب مشكل أجهل سبل التعامل معه، فهلاّ كنت لي المعين فأنا ليس لي بعد اللّه سواك من معين.
الأمّ المعذّبة من الغرب
الرّد:
لا يختلف اثنان على أن المال والبنون هما زينة الحياة الدنيا، كما أن المرء منا لا يصدق نفسه وهو يرى فلذة كبده تكبر وتنمو أمامه وهي تمنحه الكثير من الفرح، كذلك لا يجوز الاعتبار بأن الحرمان من الذرية أو تأخر الإنجاب بالنسبة للأزواج هو عقوبة بقدر ما هو ابتلاء من اللّه سبحانه وتعالى، يمتحن به صبر عباده وإيمانهم. من جهة أخرى، لا يختلف اثنان على أن الأمور لا تنتهي بمجرد الإنجاب والعناية والرعاية، حيث أن الرسالة السامية الملقاة على عاتق الأولياء تكمن في قدرتهم على تلقين هذا النشأ تربية صالحة عمادها الدين والإسلام. من الصعب أن نتحكم في زمام الأمور فيما يتعلق بتربية أبنائنا، إذ أننا أحيانا نحس بأننا منحنا كل ما لدينا واستثمرنا كل مجهوداتنا وقوانا ولم نجني شيئا. لست أجد ما أصف به حالتك سيدتي سوى أنها حالة إحباط، خاصة وأنك آثرت على نفسك الاحتفاظ بالسر الخطير الذي علمته عن ابنتك الوحيدة، لا لشيء إلا لأنك لا تريدين للأمور أن تنفلت من بين يديك وتخرج عن طاقتك.كما أني لست ألومك أختاه لأنك أغدقت على ابنتك من فيض حنانك وحبك، ولست أعيب عليك أنك وفّرت لها من متطلبات الحياة والرفاهية الكثير، لدرجة أنك وصفت ما ألمّ بك بالخذلان والإحباط، على الرغم من أنك كنت قادرة على تجنيبها السقوط في هذا الفخ اللّعين.العادة السرية أختاه ليست سوى محاولة من أي شخص الهروب من نفسه وواقعه نحو واقع أفضل، كما أنني أستسمحك لأنك انصرفت وزوجك إلى ممارسة حياتكما بطولها وعرضها، ظنّا منكما أن رسالتكما انتهت بمجرد بلوغ ابنتكما سن الرشد، بيد أن العكس هو الصحيح، حيث أن فتاة تربّت في جوّ كله حنان وحب لكن من دون أن تجد أمامها صندوقا صديقا يحتوي أسرارها، فابنتك أختاه لم تجد من يوجّهها في الأمور الجنسية التوجيه الصحيح، حيث أن الخجل الذي يجعل الموضوع في غاية التعقيد هو ما دفعها لأن تتخذ لنفسها وقتا تنفرد فيه بلذة لا ولم تعرف يوما أنها محرّمة.من باب الأخذ بالأسباب، ومن باب الحرص على مستقبل فتاتك أنصحك بضرورة مواجهتها بحجم الخطر الذي يحدق بها، حتى لا تتمادى في هذه العادة كذلك حتى لا تتطوّر هذه العقدة من حب للفردانية والوحدانية إلى علاقات مشبوهة مع زملائها، خاصة ما إذا أخبرت أحدا عما تفعله من باب استئمانه على سرّ أو ما يشبه ذلك، ولا تنسي أننا في مجتمع لا يرحم الضعاف ولا السذّج، كما أننا نسمع يوميا عن حالات تعيشها فتيات في مثل سن ابنتك من اللّواتي وقعن ضحايا بين مخالب وحوش آدمية والعياذ باللّه.كذلك عليك التيقّن أختاه، أن ما منحته لابنتك من حياة ترف وبحبوحة في العيش، كان له دورٌ في أن تنغمس في العادة السيئة، حيث أن الأنترنت وكل وسائل الاتصال الجماهيرية باتت تشكل خطرا على أبنائنا، بسبب ما تبثه من برامج تضرب في الصميم الجانب الأخلاقي لهم وترمي به في غياهب الظلمات.ما من أحد من أبناء اليوم يسلم من الزلاّت، كما أن مشكلتك في بدايتها والحل بين يديك لانتشال ابنتك قبل أن تتطوّر الأمور إلى ماهو أفدح، ولتعلمي أن العديد من الأمهات تعانين من مشاكل جمة تتعلق بأبنائهم من إدمان وانحراف، فلتحمدي اللّه على أن مصابك لم يتعدّ حدودك أنت وابنتك، التي يجب أن تأخذي بيدها وبكل ما أوتيت من قوة حتى لا تخسريها، واضعة نصب عينيك أنها وحيدتك.وفّقك اللّه إلى كل ماهو خير لك أختاه، وأعانك على تجاوز مصابك، ونحن ندعو لك بكلّ الخير.
ردّت نور