إعــــلانات

أول نوفمبر 1954…تأويلات مغرضة لصحافة المستعمر

أول نوفمبر 1954…تأويلات مغرضة لصحافة المستعمر

عند اندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954   لقيت ردود فعل السلطات الاستعمارية التي حددتها مسبقا أوهام زائفة مثل وهم “الجزائر هي فرنسا” صدى واسعا لدى الصحافة الفرنسية آنذاك التي باغتها تزامن تنفيذ العمليات المسلحة بمناطق مختلفة من الجزائر. على اختلاف انتماءاتها إلى اليمين أو اليسار  كانت الصحافة آنذاك تعكس المواقف الرسمية للدولة الاستعمارية  و سارعت إلى وصف الوطنيين ب “بالمتمردين الذين تحركهم أيادي أجنبية” للانقاص من قيمة شجاعتهم و التقليل من قدرتهم على قلب موازين نظام يقوم على الظلم و انتهاك الحق في تقرير المصير.  في تعليقها على اندلاع حرب التحرير الوطني  كتبت صحيفة “لوموند” الفرنسية في عددها الصادر يوم 3 نوفمبر 1954 أن الهجومات (…) لم ترفقها أي حركة شعبية أو أعمال شغب أو ثورة و اعتبرت أنه “لا بد من تقبل حقيقة أننا أمام تنظيم أجنبي يضم جماعات وطنية”. و لقيت الأحداث نفس الصدى لدى قسم تحرير يومية “لورور” التي أشارت في عددها الصادر يوم 5 نوفمبر 1954 إلى أن “المنفذين مسلحين و يتلقون تعليمات من الخارج”.
تأويلات مغرضة…
 بالرغم من اشتهارها بالدفاع عن الحركات التحررية إلا أن أسبوعية اليسار “فرانس أوبسرفاتور”  ذهبت إلى أبعد حد في تأويلها المغرض لاندلاع حرب التحرير الوطني. و أبرزت في 5 نوفمبر 1954 أن “المحرضين” عمدوا إلى “تحريض الوطنيين المتطرفين بهدف عرقلة أي تقدم ايجابي و التسبب في القمع”. و بمزيد من المكر تناقلت يومية “لومانيتي” للحزب الشيوعي الفرنسي تصريحات الحاكم العام أنذاك  روجي ليونار الذي ادعى في 10 نوفمبر من نفس السنة أنه “يكفي الاصغاء إلى النداءات التحريضية لبعض القنوات الاذاعية الأجنبية و معرفة العلاقات المباشرة التي تربط أصحابها بالجماعات الارهابية بالجزائر لمعرفة أصل هذه المؤامرة”.  لكن التنكر لعدالة و مشروعية اندلاع حرب التحرير الوطني لم يخفف في شيء من القلق المستمر الذي تجلى من خلال الصحافة في تلك الفترة التي كانت تخشى أن يكون التزامن في تنفيذ تلك العمليات المسلحة احدى المؤشرات المنبئة بكبح التوسع الاستعماري القائم على الظلم و المصادرة و سياسة الأرض المحروقة التي كان يعتقد أنه لا مناص منها. في عددها الصادر في 4 نوفمبر 1954  تحدثت يومية “لوموند” عن “ثورة حقيقية”  مشيرة على وجه الخصوص إلى أن “الاضطرابات التي سجلت بجبال الأوراس اكتست  بالمقابل طابع ثورة مسلحة حقيقية”. 
الكفاح: الحل الوحيد لاسترجاع السيادة …
تعمدت سلطات الاحتلال اخفاء البعد السياسي لهذه النشاطات التي أثارت الحماسة عبر الجزائر بأكملها و أدت إلى التفاف الشعب الجزائري برمته الذي تيقن بأن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد لاستعادة السيادة. و أدانت كل عناوين الصحافة الاستعمارة آنذاك الوطنيين واصفة اياهم ب”المغامرين” و “الخارجين عن القانون” في محاولة للانقاص من البعد السياسي لنشاطاتهم التي كانت تعكس ارادة الشعب في انتزاع استقلاله. و ذهبت هذه الصحف التي نصبت نفسها كمدافع عن النظام الاستعماري إلى اعتبار الكفاح المسلح مجرد “نشاطات ارهابية منعزلة” تهدد “المصالح و السلامة الترابية” لفرنسا. و بعد مضي سنة  في 1955 لاحظت السلطات الاستعمارية بأن الكفاح المسلح كان يتخذ يوما بعد يوم حجما أكبر و بهدف اخماد فتيل الثورة قامت بتعزيز صفوفها العسكرية بالجزائر لصد عزيمة مناضلي جيش التحرير الوطني. و نقلت الصحافة مرة أخرى صدى اصرار السلطات الاستعمارية على اخماد “نبل” النضال من أجل التحرر الذي أطلقته الارادة الشعبية. و استمرت التعليقات النارية و المواقف الراديكالية و الاشكاليات اللامتناهية في الصحف التي كانت تعكس أيضا اليأس المتنامي لنظام استعماري أضحى يعاني أكثر فأكثر من تضييق الخناق على رقبته.

رابط دائم : https://nhar.tv/VVWTt
إعــــلانات
إعــــلانات