إعــــلانات

أويحيى.. يقرر المغامرة

أويحيى.. يقرر المغامرة

أحمد أويحيى… يقرر المغامرة

إنّ حال حكومتنا وبلدنا في هاته السنين الأخيرة يشبه لحد بعيد، حال رجل تقلصت مداخيله بشدة ومعه مبلغ محترم من المال فتفرقت به السبل وأصابه التردد، هل يستثمر ما يملك من مال مع خشية أن لا يكون استثماره منتجا، وبالتالي يخسر أمواله، أم يعيش على صرف ماله مع تقشف وحرص كبيرين.

 

إنّ القرار الأخير الذي اتخذته الحكومة وهو اقتراض الخزينة العمومية من البنك عن طريق الإصدار النقدي لهذا الأخير، أي طبع مزيد من النقود وبالتالي رفع الكتلة النقديةPlanche à billets ، ورغم  أنّ هذا الاجراء يكون أكثر فعالية في البلدان الأكثر انتاجًا، لأنّ وجود كتلة نقدية اضافية يعني رفع الطلب الذي بدوره يرفع الاستثمار، وهو ما لا نجده في الجزائر أمام توقف الآلة الإنتاجية، فإنّ الإصدار النقدي سيقابله تضخم أكبر وانخفاض مستمر للعملة، لكنه يبقى الحل الاخير للعب آخر الأوراق بعيدا عن صندوق النقد.

الحكومة بهذا القرار ووفق رأيي الخاص، وعند ادخال هذا الإجراء في قانون النقد والقرض، تريد أن تترك الإصدار النقدي حرا يتبع الوضعية الاقتصادية وغير مرتبط بالاحتياط من الذهب والفضة والعملة الصعبة، مثلما يسير كل العالم وهو ربط الكتلة النقدية بالدواعي الاقتصادية، وهو ما تعمل عليه الحكومة أي اللعب على حجم الكتلة النقدية في الاقتصاد.

تحليل ما قامت به الحكومة من إقراض الخزينة العمومية من البنك على أنه يرفع من التضخم ويضعف من الدينار والتوقف عند هذا الحد، هو تحليل سطحي مبتذل يوضّح ضعف التحليل الاقتصادي في البلد وسطحيته الكبيرة، في حقيقة الأمر إنّ الإجراءات المبالغ فيها في مجال التقشف والحديث الكبير عنه وتناول وسائل الإعلام للموضوع بإفراط واسهاب أضرّ المناخ والوضع الاقتصادي أكثر من أنه خدمه، حيث قلص هذا التهويل، الطلب وقلص الإنتاج وألغى روح المبادرة وترك الجميع يلجأ للادخار والانتظار، وهو ما ترك البلد في حالة شلل اقتصادي تام. الحكومة ومن ورائها أويحيى تريد تبنّي سياسة نقدية توسعية لنمو الاقتصاد تسمح برفع معدل الاستثمار، لأنّ الحل الذي اتخذ في الأول والذي ظهر الأكثر عقلانية والذي تمثل في وضع إجراءات تقشفية على كل الأصعدة، وربط أنفاس البلد ببورصة البترول متى صعدت، تنفسنا الصعداء، بدا واضحا الآن أنه لم يكن إطلاقا الحل الأمثل، بل زاد الوضع تعقيدا حينما أصاب الاقتصاد  Blackout  بفعل الخوف الكبير الذي أصاب كل الفواعل الاقتصادية فتوقفت الحركة الإنتاجية بتوقف الطلب، وضعفت الإستثمارات وبقي الجميع يترقب.

ولهذا، المهم الآن فعلا في البلد هو الوقوف وقفة رجل واحد خاصة اقتصاديًا لإنجاح ومرافقة هذه الإجراءات، لأنها تمثّل الحل الاخير قبل السقوط فعلا في يد صندوق النقد لنعود بعدها إلى نقطة الصفر، وتشجيع كل رؤوس الأموال على الإستثمار ثم الإستثمار، والدينار يجب أن ينتج دينارا لا أن يكون مصيره الإدخار.

تنويه: هذا المقال يعبّر عن رأي صاحبه ولا يعبّر بالضرورة عن رأي الموقع 
رابط دائم : https://nhar.tv/KjI4K
إعــــلانات
إعــــلانات