إعــــلانات

أيّها الحب

أيّها الحب

أذكُر عندما كنت صغيراً، كانت أمّي تُغدق عليّ من الحبّ والمسؤوليّة، وُلدت بين ثلاثة ذكور وكنت المدلّل بينهم، كما لو أنّي الطّفل الوحيد في هذا العالم، لكن في المقابل كانت تقع على عاتقي مسؤوليّة عظيمة، كنت أشعر بأنّي أنا من عليه حمايتهم وليس هم، أذكر مرّةً بأنّ أخي نسي أن يحلّ واجبه البيتي، قال المعلّم بأنّه سيقوم بفحص الواجب، بدت على وجه أخي ملامح الذّعر والقلق، انحبست الدّموع في عينيه كأنّها تأبى إعلان الهزيمة، شعرتُ حينها برغبة في احتضانهِ وتقبيله، ومساعدته في حلّ واجبه قبل أن يصل الجلّادُ إليه. 

الحبّ؟ ما هو هذا الشّيء الّذي يعكّر صفوَ حياتنا؟ كيف له أن يسيطر على قلوبنا وأرواحنا دون أن نعلن الحرب عليه؟ أحيانًا، أشعر بأنّ الله يمتحننا بالحبّ، يرسل إلينا شخصًا لا ندري كيف جاءَ ومن أين جاء كي يعيثَ الخراب في حياتنا، ويغرس في قلوبنا الهشّة ألفَ ذكرى وذكرى تبقى معنا حتّى نُحتضر.

أحيانًا، ينبغي علينا أن نحبّ حتّى الثّمالة، حتّى اللّحظة الّتي نشعر بها أنّنا مرغمون على فقدان الفرح.

ما الحبُّ دون ذاك الألم اللّذيذ الّذي نستشعره في مساماتنا؟ حين يسجنك الحبيب في زاوية قلبه، يُمارسُ عليك كلّ أنواع الوجْدِ والشّوق، يختارك من بين ملايين البشر كي يقتلع قلبك ويغسله بشهْدِ ثغرهِ ثمّ يعيده إليك تائهًا، مترنّحًا وشامخًا.

كيف للحبّ أن يجعلنا أسرى؟ بعدَما كنّا فُرسانًا شجعانًا؟ كيف للحبّ أن يقضي على بقايا الأمل فينا ثمّ يأتي كربيعٍ مُزهر يطردُ الخريفَ السّاكن في قلوبنا

ألا تكونُ النّشوة في التّناقضات الّتي نعيشها، ألا يولد الفرح من رحمِ الوجع؟ أيّها الحبّ، كُن لنا صديقًا وحبيبًا، فأنتَ من يبعث الحياة في قلوبنا، وكُتبنا ونصوصنا.

رابط دائم : https://nhar.tv/TyvNT