استمرار احتكار بارونات الاستيراد يُهدّد بعودة احتجاجات الزيت والسكـر

سنتان تمرّان على التحقيق ومجلس منافسة فقط يرى النور لكن من دون نتائج والمتعاملون أكبر مستفيد من الاحتجاجات
بعد قرابة العامين على ما بات يُعرف اليوم بأحداث الزيت والسكر، عندما شهدت معظم مناطق الوطن أحداث شغب كادت أن تنزلق بالبلاد نحو المجهول، مازالت توصيات لجنة التحقيق البرلمانية التي خرجت بها بعد التحقيق الذي استمر ستة أشهر، مجرد حبر على ورق، على الرغم من أن التقرير النهائي للجنة تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني وتم إرسال نسخة منه إلى الوزارة الأولى ورئاسة الجمهورية على حد سواء .استغرب الدكتور كمال رزقي نائب سابق بالبرلمان، والمشرف على التحقيق الخاص بأحداث جانفي 2011، التي أخرجت المواطن إلى الشارع بسبب ارتفاع أسعار الزيت والسكر، في اتصال بـ«النهار»، عدم تطبيق التوصيات التي خرج بها التحقيق والمصادق عليها من طرف نواب المجلس الشعبي الوطني، قبل أن يتم تقديم نسخة من نتائجه لرئيس المجلس آنذاك عبد العزيز زياري، الذي حوّله بدوره إلى الوزارة الأولى ورئاسة الجمهورية على سبيل الإطلاع واتخاذ القرارات، حيث أكد محدثنا أن مجمل التوصيات التي خرجت بها اللجنة المحققة لم يتم تطبيقها وكأن التحقيق فُتِح للتستر على فضائح المتعاملين الذين كانوا سببا في إشعال نار فتنة جانفي 2011، وإلا -يضيف كمال زرقي– فكيف يتم تفسير استمرار عملية دعم الدولة للمواد واسعة الاستهلاك، التي يستفيد منها بالأساس هؤلاء المتعاملون، في وقت شدّدت اللجنة على ضرورة دعم المواطن ذي الدخل البسيط وليس المتعامل الذي راح يستغل المواد المدعمة لإنتاج مواد أخرى تعتبر من الكماليات كالحلويات والمشروبات وغيرها، الأمر الذي عمل على بقاء فاتورة الاستيراد مرتفعة، نتيجة غياب الرقابة وانتهاز المتعاملين الفرصة لاستيراد كميات تفوق وبكثير الاحتياجات الوطنية من المواد المستوردة في خطوة لها تفسير واحد ووحيد، يتم التأكيد من خلالها على استغلال أموال الدولة لتحقيق الربح السريع واستغلال المخزون في حالة اضطراب السوق الدولية من أجل احتكار السوق وبالسعر الذي يناسب المتعامل وليس المواطن والدولة.إلى جانب ذلك، فقد تجاهلت السلطات عدة توصيات أخرى أهمها غياب لجنة تتكون من عدة قطاعات وزارية لمراقبة الأسعار المتداولة في السوق العالمية الخاصة بالمواد الأكثر استهلاكا في الجزائر حتى يتم تحديد الوقت المناسب للاستيراد من عدمه، بالإضافة إلى تقديم تسهيلات وفرض قرارات تلزم المتعاملين بإنتاج المواد الأولية المستعملة في إنتاج مادتي الزيت والسكر. باستثناء ذلك، أكد صاحب التحقيق على أن ما تم تطبيقه من مجمل التوصيات المتوصل إليها، هو استحداث مجلس للمنافسة فقط الذي لم يضِف أية نتائج ملموسة، لأن الاحتكار مازال يلقي بظلاله من طرف بعض المتعاملين المصنفين في خانة الرواد في مجال إنتاج الزيت والسكر.والتزام الحكومة الصمت وعدم تطبيقها لتوصيات لجنة التحقيق البرلمانية يهدّد بانفجار اجتماعي ثان أخطر من سابقه مادامت الأطراف التي وجِهت إليها أصابع الاتهام في احتجاجات 2011، مازالت تستفيد من دعم الدولة وتستغله في غير وجهته رغبة منها في تحقيق الربح السريع.
مبتول: احتجاجات ثانية للزيت والسكر واردة بسبب صمت الحكومة
حذّر عبد الرحمان مبتول الخبير الاقتصادي، من حدوث غليان للجبهة الاجتماعية في حال عدم تطبيق التوصيات التي خرجت بها اللجنة البرلمانية التي قامت بتحقيق حول احتجاجات الزيت والسكر التي عرفتها الجزائر من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها شهر جانفي من عام 2011، لأن أكبر مستفيد من دعم الدولة هم كبار المتعاملين والتجار غير الشرعيين الذين يفرضون منطقهم في سوق الصناعات الغذائية ويتعاملون بمبالغ مالية ضخمة تقدر –حسبه– بـ62 مليار دولار ومدانين ضريبيا بقيمة 3 ملايير دولار، وأرجع الخبير الاقتصادي الأسباب الرئيسة التي كانت وراء غياب الانتاج الوطني إلى البيروقراطية المفروضة من طرف الإدارة العمومية، على الرغم من جملة القوانين التي سنّتها الحكومة والتي كانت عاملا رئيسيا في بروز «مافيا» خطيرة تتحكم في السوق وقادرة على زعزعة الاستقرار الاجتماعي والمحافظة عليه حسب رغبتها في ذلك.