إعــــلانات

افتقدنا أغلى الناس على مائدة الإفطار

افتقدنا أغلى الناس على مائدة الإفطار

لقد حلّ شهر الرحمة والغفران، شهر رمضان المبارك، واستعد له الجميع بالبهجة والسرور، كل يوم منه عيد، ولكن بأي لون عدت يا عيد؟، عدت لتجدني في أتعس أيامي، أهيم في بحر الحزن غارقة مهمومة، أحاول عبثا أن أرمي عذابي وأتخلص منه.. لكن كيف؟.

حين أدخل البيت أجده خاليا من أحبّة اعتادوا أن يجعلوه بوجودهم رحبا، وأن يدخلوا الفرحة إلى قلوبنا بكلماتهم الشافية.

شاء القدر منذ مدة أن يرحل عنا أعزّ وأغلى الرجال، والدي الفاضل رحمه الله، إثر حادث مرور، وقد كان وقع الصدمة شديدا، لأن موته جاء بغتة، ولأنه رحل على هذا النحو، فإننا لم نستطع تجاوز المصيبة، خاصة والدتي التي لم تتقبل فقدانه، علما أن أفراد العائلة وكل الأقارب التفوا حولها من أجل مواساتها في محنتها، إلا أن حزنها اشتد، وساءت حالتها يوما بعد يوم، حتى توفاها الله، بعد شهر من رحيل زوجها، ليعمّ البيت حزنا مريرا.

عشت وإخوتي الآهات والأحزان، ولأنني الأكبر سنا وجب عليّ الصمود لأكون لهم البلسم الشافي، فصرت الأم والأب معا.

مع حلول شهر رمضان المعظم، لم أستطع أن أقاوم، أختبئ كل حين حتى لا يرى أحد دموعي المنهمرة، أتذكر كل لحظة من رحلا عنا، أذكر دخول والدي بالمستلزمات والمشتريات.. ذهابه وإيابه إلى المسجد لأداء الصلاة، أرى وجود أمي في المطبخ وهي تحضّر الفطور وأسمع صوتها، فكثيرا ما كانت تناديني لمساعدتها، مائدة الإفطار لم تعد كالسابق، كنا نجتمع حولها نأكل وندردش ونضحك، أما اليوم فهي خالية، أعزّ الأحباب غابوا عن مائدة الإفطار، أمر صعب للغاية ولا يطاق.

كلما اجتمعنا حول مائدة الإفطار، ازداد الحزن وخيّم الصمت لأن صورتها لا تكاد تفارقنا أبدا، ألم كبير لا يشعر به أحد إلا من فقد حبيبا، سامحنا يا الله.. قدر وعلينا أن نتقبله ونسلّم به، رغم أن الحياة لا تحلو إلا بوجودهما.. إخواني القرّاء، أسألكم الدعاء لهما بالرحمة ولنا بجميل الصبر والسلوان.

رابط دائم : https://nhar.tv/RB8uU