إعــــلانات

الأمراض العقلية والنفسية في ارتفاع مذهل بولاية تيزي وزو

الأمراض العقلية والنفسية في ارتفاع مذهل بولاية تيزي وزو

تعرف شوارع تيزي وزو ارتفاعا رهيبا في أعداد المجانين والمختلين عقليا والمرضى نفسيا، وأضحوا يجوبون مختلف الأحياء والطرقات والشوارع ليتخذوا من الأماكن العمومية ملجأ يقصدونه ليلا نهارا. كما يتواجدون بشكل مكثف بالقرى والمدن الداخلية للولاية ويعيشون أوضاعا مأساوية هم وعائلاتهم، التي لا تستطيع أغلبها التكفل بهم، وزاد من تأزم حالتهم الطابوهات المتعلقة بهذه الأمراض وعدم تواجد رعاية فعلية من طرف الدولة لمثل هذه الفئات. وبالرغم من حالتهم عادة ما يكونون محل استغلال من قبل أطراف في المجتمع، فمنهم من يوجهون إلى التسول من طرف عائلاتهم حيث يصبحون مصدر ربح على طول السنة ويتضاعف مدخولهم اليومي في المواسم، خاصة في شهر رمضان، ومنهم من يستغلون جنسيا من طرف عديمي الضمير، ومنهم من يستغلون في تنفيذ جرائم لأن القانون لا يعاقبهم.
ويعتبر كل المهتمين هذه الحالات ضحايا للأزمات النفسية التي ما هي إلا أعراض لأحداث مأساوية متتالية يكون قد عاشتها بعنف وما زالت تعيشها منطقة القبائل منذ العشرية السوداء مرورا بأحداث الربيع الأسود إلى الحالة الأمنية التي تزيد الوضع تأزما يوما بعد يوم، فآثار العشرية الدامية لا زالت ظاهرة على هؤلاء، فمنهم من سلبت منه عقله ومنهم من يعيش حالات قلق وكآبة، ومنهم من يعاني  انفصاما في الشخصية .. بل هناك حالات عجز حتى الطب عن علاجها.
وكانت كل هذه العوائق والضغوطات الاجتماعية والاقتصادية كفيلة بحشد ورفع مؤشر الضغط النفسي إلى قمة مستوياته ليولد الانفجار الذي برز في أشكال عدة من الاختلال العقلي واضطرابات في الشخصية، والأمراض النفسية كعدم الثقة في الغير، وهي أبسط العقد. وفي ظل تراكم الظواهر الاجتماعية الأليمة واختلافها من تعاطي للمخدرات والاعتداءات وانحلال الأخلاق واختلاف المسببات من فقر وبطالة وحملات شرسة على مبادئنا الإسلامية وقيمنا الأخلاقية والاجتماعية ومحاولة مسح المنطقة بالديانة المسيحية التي تباشرها أيدي أجنبية.
وكانت هذه الأمراض نتيجتها ارتكاب الجرائم من قتل واغتصاب وانتحارات، والأكيد هو وجود تسلسل وترابط أكيد بين كل هذه الظواهر والتي يجر بعضها بعضا، فمن ضغط إلى مخدر إلى انحلال خلقي إلى مرض نفسي أو عقلي، وصولا للقتل أو الانتحار ما يعني دخول النفق المظلم الذي يسير فيه المصاب بالأمراض النفسية والعقلية والذي لا يستطيع السيطرة على ثورات الغضب والانفعالات التي تثور في نفسه. ومن البديهي عدم فهم الظاهرة بمعزل عن الساحة الاجتماعية والظواهر الأخرى المنتشرة، حيث أصبح الانتحار بدوره كارثة ومأساة حقيقية يضع فيها الإنسان حدا لحياته في العديد من الأحيان بسبب اليأس المخادع، لكن الجنون وفقدان العقل وراء أبشع صور ومشاهد إنهاء حياة أشخاص فقدوا عقولهم ليفقدوا معها حياتهم.

ضرورة الرعاية النفسية والاجتماعية العاجلة
رغم أن الأعراض هذه طبيعية ونتيجة كل ذلك الأسباب المذكورة، إلا أن وجود كفالة ورعاية نفسية اجتماعية وتفعيل نشاط الجمعيات والخلايا الاجتماعية الناشطة في هذا الميدان للكشف عن هؤلاء يعد أمرا فائق الأهمية .. فماذا يُنتظر من شخص تعرض لاعتداء إرهابي ويعيش في أبعد قرية من جبال القبائل المنعزلة إلا الانطواء.. إن هذا الأمر خطير جدا وليس فقط ذلك بل إن الوضع كارثي يتطلب تدخل الدولة لمساعدة هؤلاء والأخذ بأيديهم.
وفضلا عن ذلك، فإن تواجد مستشفى واحد لعلاج هذه الأمراض لا يتعدى عدد أسرته 300 سرير وغياب مصالح مديرية الضمان الاجتماعي التي تتقنن في العد والإحصاء في غياب أي رغبة في التكفل بهده الفئة،  وهو ما يندر بحالة فائقة الخطورة إذا لم يتم تداركها عاجلا. ورغم أن الصدمة النفسية التي تختلف الآثار التي تخلفها باختلاف نفسية الأفراد وتتباين كيفية استجابتهم وردود أفعالهم اتجاهها، إلا أن العديد من الحالات كان بالإمكان تداركها قبل بلوغها وضعا حرجا، إذ أصبح العديد منها يتطلب جهدا أكبر ورعاية أكثر من ذي قبل، فمتى تأخر الدواء تفاقم الداء، لكن وبإدراك الجميع من أفراد المجتمع على مختلف الهيئات والمستويات للواقع المرير، فإن سياسة غض الطرف والنظر عن الكثير من القضايا المحيطة بهذه الفئة سيؤزم الوضع أكثر.
هجيرة.م
ـــــــــــ

رابط دائم : https://nhar.tv/WJg9t
إعــــلانات
إعــــلانات