إعــــلانات

الجــزائر تتمســك باحتضـان «كــــــان 2017» رغـــــم انهيـــار أسعـــار البـــترول

الجــزائر تتمســك باحتضـان «كــــــان 2017» رغـــــم انهيـــار أسعـــار البـــترول

 تتمسك الحكومة الجزائرية بالترشح لاحتضان كأس أمم إفريقيا 2017 رغم الانخفاض الكبير في أسعار البترول في الأيام الماضية، والذي أدى إلى إبداء عديد الأطراف تخوفها من تأثير وعواقب هذا الانخفاض المحسوس على الاقتصاد الوطني والميزانية الوطنية، ولم تكن السلطات المعنية في منأى عن هذه المستجدات وخصوصا الهيئات الرياضية التي اضطرت إلى الاجتماع مؤخرا من أجل بحث وتدارس تأثير انخفاض سعر البترول على احتضان الجزائر للعرس الكروي القاري سنة 2017 .والتي تعتبر من أكبر المرشحين لنيل شرف تنظيمه، أين سيتم الإعلان عن الدولة المضيفة للحدث شهر مارس المقبل من طرف الاتحادية الإفريقية لكرة القدم، وهو الاجتماع الذي أفضى إلى اتخاذ قرار البقاء في سباق الترشح لكسب رهان تنظيم «الكان» للمرة الثانية في تاريخ الجزائر، بعد الأولى سنة 1990، رغم التكاليف الباهضة لتنظيم مثل هذه التظاهرات التي تكلف خزينة الدولة ملايين الدولارات إن لم نقل ملايير الدولارات، خصوصا أن الجزائر تفتقر حاليا لمنشآت تسمح لها بإنجاح أكبر حدث كروي إفريقي وعليها بناء ملاعب ومنشآت جديدة كفيلة بوضع ضيوف البلد في أحسن الظروف وإعطاء أفضل صورة عن الجزائر في حال تم منحها شرف تنظيم «كان 2017».

جنــوب إفريقيـــا صرفت 51 مليون أورو سنة 2013 وأنغولا خصصت 20 مليــــــار دولار سنـــة 2010

وبالعودة إلى تكاليف احتضان منافسة «الكان» في السنوات الأخيرة، يمكن اعتبار المبالغ التي صرفتها والميزانية التي خصصتها مختلف الدول التي نظمت الحدث في آخر أربع سنوات، ضخمة جدا، وحطمت أنغولا رقمها القياسي في دورة 2010 بعشرين مليار دولار وهو المبلغ الخيالي الذي يمكن أن يكون منطقيا إن علمنا أن هذا البلد كان خارجا من حرب أهلية وأعاد بناء البنية التحتية من جديد، فيما كانت جنوب إفريقيا سنة 2013 صاحبة أقل المصاريف بـ51 مليون أورو، وهذا راجع لكون بلاد مانديلا كانت على أتم الجاهزية لاحتضان المنافسة بدلا من ليبيا بعدما نظمت سنة 2010 منافسة المونديال، أما سنة 2012 فخصصت الغابون حوالي 610 مليون أورو لتنظيم «الكان» مناصفة مع غينيا الاستوائية، واضطرت الكونغو الديموقراطية للانسحاب من الترشح لاحتضان دورة 2015 بعد تحديد مبلغ ملياري دولار كميزانية أولية مخصصة للتظاهرة.

الجزائر خصصت ميزانيــة كبيرة لبناء المنشآت الرياضية بغض النظر عن احتضــــان «كان 2017» من عدمه

هذا ويمكن تفسير إصرار الجزائر على الترشح لاحتضان «كان» 2017 على أنه مضي في مشروع إعادة الرياضة الجزائرية إلى مكانتها الطبيعية كسيدة القارة السمراء، ثم إن الميزانية الإضافية المخصصة لتنظيم أمم إفريقيا ستكون منخفضة نوعا ما مقارنة بمختلف الدول المضيفة في السنوات الماضية، إذ ستقتصر على مصاريف النقل والإيواء وبعض المصاريف الإضافية، أين تستثنى تكاليف بناء الملاعب والمنشآت الرياضية على اعتبار وزير الرياضة محمد تهمي قد أكد في تصريحات سابقة أن الحكومة الجزائرية خصصت ميزانية ضخمة لهذا الغرض بغض النظر عن احتضان «كان» 2017 من عدمه، وهذا حتى يستفيد قطاع الرياضة والرياضيون الجزائريون من منشآت جديدة ومتطورة في قادم السنوات وتحسبا لمختلف التظاهرات الرياضية القارية والدولية التي تعتزم الجزائر تنظيمها في المراحل المقبلة.

الاجتماع يؤكد تخوف الحكومة من تأثر الاقتصاد الوطني من تنظيم «كان 2017»

ورغم كل ما سبق ذكره، إلا أن الأكيد يبقى تخوف السلطات العليا في البلد والهيآت المعنية من تأثر الاقتصاد الوطني والميزانية من تنظيم أمم إفريقيا 2017 في مثل هذه الظروف والانخفاض الكبير في أسعار البترول، الذي يعتبر أبرز مداخيل الخزينة الجزائرية، وهو ما يفسر الاجتماع الذي جمع أفراد الحكومة مؤخرا من أجل مناقشة القضية، وهو الاجتماع الذي تقرر خلاله الإبقاء على ترشح الجزائر قائما والاعتماد على الميزانية التي تم تحديدها سابقا من أجل إقناع هيئة عيسى حياتو بقدرة بلد المليون ونصف المليون شهيد على تنظيم واحدة من أفضل الدورات في تاريخ الساحرة المستديرة ، خصوصا أن الخزينة الجزائرية لم تتأثر لحد الساعة بانخفاض سعر البترول.

مداخيل الدول من تنظيم «الكان» رمزية ولا تقارن مع مداخيل المونديـــــال، الأورو أو «المونديــــاليتــــو»

ولعل ما يزيد المخاوف من تأثر الاقتصاد جراء احتضان حدث ضخم بحجم كأس أمم إفريقيا في هذه الظروف الاستثنائية، هو المداخيل القليلة التي تجنيها الدول المضيفة من هذا الأمر، والتي لا تقارن بمداخيل الدول المستضيفة لمنافسة المونديال أو كأس أمم أوروبا أو حتى مونديال الأندية، وهي المنافسات التي تكون فوائدها المالية، الاقتصادية والسياحية كبيرة على الدول محتضنة الدورات، ويعود بالدرجة الأولى انخفاض مداخيل «الكان» إلى تنقل عدد قليل من الجماهير الإفريقية مع منتخبات بلدانها لأسباب مختلفة والتي تعتبر المصدر الأول للمداخيل، ثم إن النقل التلفزيوني لا يكون بحجم نقل المنافسات المذكورة، وحتى «السبونسورينغ» ليس بذات الحجم والقيمة.

دورة 1990 عرفت نفس الظروف والجزائر تعوّل على إعادة التاريخ

 

وعلى اعتبار المقولة الشهيرة «التاريخ يعيد نفسه»، تجد الجزائر نفسها أمام الواقع ذاته الذي عاشته قبل 24 سنة حين نظمت دورة 1990 في عز أزمة اقتصادية وانخفاض كبير في أسعار البترول نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات، حيث انتشرت أخبار آنذاك مفادها إمكانية انسحاب الجزائر من تنظيم التظاهرة أو إلغائها كلية، إلا أن الدولة الجزائرية لم ترضخ للظروف ونجحت في كسب الرهان بعد تمسكها باحتضان «الكان» ونجحت في السير به إلى بر الأمان، وهو ما نتج عنه تتويج «الخضر» باللقب القاري لأول وآخر مرة في تاريخ الكرة الجزائرية، وقد تكون نسخة 2017 مطابقة لسابقتها سنة 1990 إذا ما تم منح الجزائر حق احتضان «الكان» في ذات الظروف.

رابط دائم : https://nhar.tv/ZRiiD