الرئيس التونسي السابق يكشف.. هكذا كنت أؤرق الحرس الرئاسي خلال الليل

في فضل القدمين على الدماغ
المشي ساعات طويلة رياضتي المفضلة منذ صباي. كم مشيت صيفا وشتاء على الشواطئ، داخل الغابات، على طرق الجبال…أغلب الوقت وحيدا و أحيانا برفقة صديق عزيز أو أخي مخلص . لم أنزل مدينة ولو كانت باتساع نيويورك أو باريس إلا وذرعت شوارعها على القدمين أتفادى قدر الإمكان استعمال أي من وسائل المواصلات العامّة.لم أذهب لعملي في كل المدن التي عشت فيها إلا على القدمين وعندما كان الوقت لا يسمح، كنت أركن السيارة في منتصف الطريق لأنعم بالمشي النصف الباقي. عند ما وجدت نفسي حبيس قرطاج، كنت أنتظر الليل لأخرج في جولة طويلة كانت تشكّل كابوسا للأمن الرئاسي.قد يكون نصف قرن من المشي من أهم أسباب الصحة الجيدة التي أتمتع بها وأنا في هذا العمر. لكن حبّي له لم يكن بسبب فوائده الصحية -لم أكتشف أنه أنفع للقلب والشرايين من الجري وكثير من الرياضات الأخرى، إلا لمّا درّست الطب الوقائي -وإنما لأنه فرصة الاختلاء بالنفس وترك الفكر يشرد ليتفرغ بكل حرية لأعماله السرية الغريبة.كنت أعود بعد كل حصة مشي لمكتبي أخطّ على الورق أو أنقر على الحاسوب حصاد اليوم: قرارات طال تعليقها … أفكار في أولى مراحل نضجها …ملامح نص جديد. كل الأيام دون مشي كانت أغلب الوقت عاقرة جدباء لا شيء فيها إلا اجترار القديم. قلت يوما لزوجتي بين هزل وجدّ: كلهم يكتبون بأيديهم…أنا الوحيد الذي ”أكتب” بقدميّ. لذلك كتبت في أهمّ كتبي ”الرحلة ”(على الموقع): إذا أصبحت يوما من الذين تقام لهم التماثيل بعد موتهم، فليتلخّص تمثالي في قدمين ملتحمتين بالطريق وكفى الله المؤمنين شرّ الشرك والتبذير. إلا أن هناك وظيفة أساسية للفكر لا يسمح بها إلا المشي وهي ….يتبع