إعــــلانات

الشيطان يلهيني عن شكر النعم باللهث وراء نعمة مفقودة

بقلم النهار
الشيطان يلهيني عن شكر النعم باللهث وراء نعمة مفقودة

أكلمك سيدتي

وقلبي يكاد ينزف دما، من شدة العذاب الذي يسكن نفسي، فينخر معنوياتي، التي طالما حاولت رفعها دون جدوى، وسبب ذلك أني حرمت من نعمة الأمومة.

لقد تزوجت منذ سبع سنوات، خلالها لم أترك باب أمل إلا وطرقته، بدءا بالطب وإجراء الفحوصات، والخضوع للأشعة والتحاليل الدقيقة، إلى التدواي بالأعشاب والطب البديل، والنهاية كانت مع الرقية الشرعية واللجوء إلى أصحاب الحكمة، رغبتي الجامحة لأكون أما، جعلتني في بحث مستمر عن دواء علتي، التي عجز الجميع عن تشخيصها، ومن ثم مداواتها، فالكل يجمع على وجود الأمل، الذي أبى أن يظهر، إلا عكس ما أقره الجميع، لقد نفذ مالي وجهدي، وأنهكتني خيبات الأمل المتكررة، مما دفعني لطلب الإذن من زوجي لأجل التكفل بيتيم، فلم يمانع، علما أنه كثيرا يحبني ويحرص على سعادتي، مما جعله يرفض رفضا قاطعا، عندما عرضت عليه فكرة الزواج من أخرى حتى لا يربط مصيره بي مادمت عاجزة عن تحقيق حلمه في الأبوة، رغم أنه لم يشتك أبدا بخصوص هذه المسألة.

إنني أعيش الحيرة، يعدما يئست من رحمته تعالى، وتسلل إلى قلبي القنوط، لذلك قررت أن أصرف النظر عن فكرة التكفل بيتيم، ولن أزور بعد اليوم أيا كان من الأطباء، سأعيش كملاحظة لسعادة الأمهات مع أبنائهم، ولو كان ذلك من بعيد ألست محقة في ذلك يا مدام نور؟ 

الرد

ليس كل امرأة تصلح أن تكون أما، كما أنه ليس كل رجل يصلح أن يكون أبا، مع أن الأمومة والأبوة مرتبطة بجنسيهما ارتباطا فطريا، لا جدال فيه.فهل كل الأمهات متساويات في حسن رعايتهن لأبنائهن؟.. لا!

هل كل الأولاد علاقتهم بأمهاتهم على درجة البر والإحسان نفسها؟.. لا!

هل كل الأولاد يحبون أمهاتهم بدرجة الحب نفسها؟.. لا! أردت أن أبدأ بهذه المقدمة لأدعك ترين أنه، ليست كل أم سعيدة أو هانئة، بل كثيرا ما نسمع نساء يصرخن في وجه الأبناء، ويكدن ينهرن من التعب والألم، حتى أني أعرف أما، دفعت لابنها ثمن تذكرة هجرته حتى تتخلص منه ومن مشاكله ومما يسببه لها من ألم.

هل معنى ذلك ياعزيزتي أني أستهين بمشاعرك؟.. أبدا. فقط أقول لك، إن السعادة في الرضا، ولا يعلم أحد كائنا من كان أين تكمن سعادته، وأن الشيطان يا عزيزتي يلهيك عن شكر النعمة الموجودة، بتعزيز شعورك بالمفقود، فإن لك زوجا محبا حنونا، لم يفكر في إيذائك أو جرحك، رغم إلحاحك عليه بالزواج مرة أخرى، بل هو راض بقضائه تعالى وتربية ابن يتيم أمر رائع. فلا تكفي يا عزيزتي عن المحاولة، ولا عن الذهاب للأطباء، فلا أحد يعلم متى يأذن عز وجل، ولو لم يأذن سبحانه أبدا، فسنكون قد اتخذنا كل السبل.

ولكني أتمنى أن تكفي عن دعوة زوجك للزواج بأخرى، فلا تضيفي لآلامك آلاما أخرى، ودعيه يتصرف في حياته بنفسه، وكما أخبرتك من قبل، لا مانع من تبني ولد يا عزيزتي، وتنعمي به وتسعدي بوجوده معكما. واسمحي لي أن أقص عليك قصة في النهاية، كلنا نعرف سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام فقد أتت إليه إمرأة، وقالت له ادع لي ربك أن يرزقني بالذرية، فكان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام يسأله تعالى أن يرزقها الذرية، وبما أن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام كليم المولى كان رب العزة تبارك وتعالى يقول له: يا موسى إني كتبتها عقيما. فحينما أتت إليه المرأة قال لها سيدنا موسى لقد سألت الله لك، فقال ربي لي يا موسى إني كتبتها عقيما، وبعد سنة أتت إليه المرأة تطلب منه مرة أخرى، أن يسأله عز وجل أن يرزقها الذرية، فعاد سيدنا موسى وسأله جل شأنه لها الذرية مرة أخرى، فقال له تعالى كما قال في المرة الأولى، يا موسى إني كتبتها عقيما، فأخبرها سيدنا موسى بما قاله سبحانه له في المرة الأولى، وبعد فترة من الزمن أتت المرأة إلى سيدنا موسى، وهي تحمل طفلا، فسألها سيدنا موسى: طفل من هذا الذي معك؟ فقالت إنه طفلي، رزقني الله به، فكلم سيدنا موسى ربه، وقال يا رب لقد كتبتها عقيما، فقال عز وجل  يا موسى كلما كتبتها عقيما، قالت يا رحيم، كلما كتبتها عقيما قالت يا رحيم، فسبقت رحمتي قدرتي.

رابط دائم : https://nhar.tv/nRsc0
إعــــلانات
إعــــلانات