إعــــلانات

العالم يعترف بمصالحة مانديلا وينكر مصالحة بوتفليقة في الجزائر

العالم يعترف بمصالحة مانديلا وينكر مصالحة بوتفليقة في الجزائر

عُرف الزعيم نيلسون مانديلا لدى الجنوب إفريقيين باسم أب الأمة، وأُطلق عليه من طرف الغرب لقب صانع المصالحة بين البيض والسود، فضلا عما حمله الزعيم الراحل من ألقاء وأسماء أخرى، مثل اقدم سجين سياسي، وقائد حركات التحرر، والزعيم الروحي لإفريقيا السوداء  .وإن كان ما جعل نجم مانديلا يسطع في سماء العالمية سنوات السبعينيات والثمانينيات، هو لكونه حطم كل الأرقام العالمية في مدة مكوثه بالمعتقل، قياسا بأبناء جيله وبمن عاصروه، فإنه اكتسب سمعة وشهرة أخريين، عقب عودته الى بلاده، وتوليه السلطة في جنوب افريقيا، بعد انهيار نظام الميز العنصري المعروف باسم «أبارتايد».فقد سعى مانديلا خلال سنوات حكمه لجنوب افريقيا، الى ترسيخ ثقافة تسامح بين الأقلية البيضاء، التي كانت تمارس الاضطهاد بحقه قبل سنوات، وبين أكثرية سوداء، تعرضت للظلم طوال عقود، وهي الثقافة التي انتهت بمصالحة غير مكتملة، ما تزال الى اليوم تخفي واقعا مريرا لا يمكن إنكاره.وهنا يمكن أن تتذكر الانطباعات والشهادات التي عاد بها كثير من الجزائريين من جنوب افريقيا، عندما احتضنت المونديال الماضي، حيث عرف العالم بأسره بأنه ما يزال في بلاد مانديلا، أحياء راقية يقيم فيها البيض، و»غيتوهات» أشبه بالمحتشدات ومراكز الاعتقال، يتكدس فيها السود، حيث ترتفع معدلات الجريمة، والفقر، والإصابة بالامراض والأوبئة الفتاكةومن أقصى جنوب القارة السمراء، الى أقصى شمالها، تتكرر تجربة مماثلة وإن اختلفت من حيث الزمان والمكان، وفي بعض التفاصيل المهمة وغير المهمة، ففي الجزائر، اقتتل أبناء الشعب الواحد، والديانة الواحدة، فيما بينهم لمدة ازيد من عشر سنوات كاملة، فكان الجزائري يذبح شقيقه، أو جاره، ليس بسبب اختلاف في العرق أو لون البشرة، بل لأنهما لا يتقاسمان نفس الفكرة، وهي الحقبة التي انتهت بعد إقرار ميثاق السلم والمصالحة، لتنتهي بذلك مرحلة سوداء من تاريخ الجزائر تركت آثارا قال عنها كثيرون أنه لا يمكن للزمان أن يمحوها.لكن الواقع، هو أنه بعد سنوات من تطبيق ميثاق المصالحة، لمس الجزائريون ثمارها، وبدأت الذكريات تنسى بشكل تدريجي أهوال سنوات التسعينات، حتى صار أبناء الجيل الجديد من المولودين بعد سنوات 1999، لا يصدقون عندما تُروى لهم قصص الذبح والتقتيل التي عاشتها الجزائر والجزائريون.وبين تجربة المصالحة في جنوب افريقيا، بين أكثرية سوداء لا تملك الثروة رغم أنها تملك التاريخ والأرض، وأقلية بيضاء تملك كل شيء بحكم التقادم، وبين تلك المصالحة التي في الجزائر، بين أبناء شعب واحد لا يختلفون في اللغة والعرق والدين، فرق واسع وشاسع، خصوصا من جانب التعاطي الغربي معهما.فالعالم كله تذكر بوفاة مانديلا المصالحة التي أقرها في جنوب افريقيا، رغم أن أشكال الميز العنصري ما تزال ماثلة للعيان هناك، لكن لا أحد تذكر فضل المصالحة على الوضع الذي تمتاز به الجزائر اليوم، وكأن إنهاء الاقتتال بين الإخوة في الدين واللغة والعرق أمر هيّن وغير صعب، بالمقارنة مع إنهاء العداوة بين الأبيض والأسود.ولعل المفارقة التي تحضر في هذا المقام هو أن المصالحة في جنوب افريقيا لم تكن لتتحقق لولا الدور الذي لعبته الجزائر في إدانة نظام الميز العنصري، واضعافه في المحافل الدولية، وما يزالا كثيرون يتذكرون كيف أن عبد العزيز بوتفليقة وزير خارجية الجزائرية سنة 1974 لعب دورا رئيسيا في طرد مندوب جنوب افريقيا من الأمم المتحدة، فلماذا هذا الإجحاف وعدم العرفان، ولماذا هذه الازدواجية في النظرة للأشياء؟

 

 

رابط دائم : https://nhar.tv/cDwC9
إعــــلانات
إعــــلانات