إعــــلانات

المدير السابق لسيا بنك يلفظ أنفاسه الأخيرة في جلسة محاكمة بالرويسو

بقلم rida
المدير السابق لسيا بنك يلفظ أنفاسه الأخيرة في جلسة محاكمة بالرويسو

المرحوم توفي صائما والمنية أمهلته إلى أن برّأ نفسه وأراح ضميره

اهتزت الغرفة الجزائية الثانية على مستوى محكمة الجنح بمجلس قضاء العاصمة، على وقع وفاة أحد المتهمين غير الموقوفين، ويتعلق الأمر بالمتهم المرحوم ”دشمي عمر” من مواليد 14 سبتمبر من عام 1942 بجيجل، والذي أدين في وقت سابق على أساس ارتكابه لجنحة التزوير في منح حصص عينية من قيمتها الحقيقية واستعمال المزور، خلال الفترة التي شغل بها منصب مدير عام للشركة للبنك ”سيا بنك” والتي سبق أن تطرقت ”النهار” إلى تفاصيل القضية، سواء على مستوى المحكمة الابتدائية ببئر مراد رايس، أو على مستوى مجلس قضاء العاصمة، أين عرفت عدة تأجيلات بلغت الخمسة كانت آخر مرة بتاريخ 16 جوان المقبل بسبب الظرف الطارئ.

حيثيات الواقعة التي حضرت ”النهار” كل تفاصيلها، كانت يوم الخميس الفارط على العاشرة صباحا، أي ساعة استدعاء المتهمين المشتبه في ضلوعهم في القضية، من بينهم المرحوم من طرف كاتب الضبط، حيث وبعد دقائق من المشاورات اقترح رئيس الجلسة، تأجيل القضية إلى وقت لاحق، إلا أن ”دمشي عمر” أصر على إجراء المحاكمة، أين وبمنحه الكلمة راح يدافع عن نفسه ويبرر عدم تورطه لا من قريب ولا من بعيد في القضية، وهذا طيلة 20 دقيقة ومن دون مقاطعة رئيس الجلسة ”خرابي” له، وقد لوحظ عليه علامات التعب، أين تغير لون وجهه إلى الأصفر وصار يتصبب عرقا، حيث وبمجرد انتهائه من الكلام سقط أرضا فجأة، وعلى رأسه ومن شدة وقع الضربة، سمع كل من كان بالقاعة صوت ارتطامه بأرضية قاعة الجلسة، حيث ظل يصارع الموت طيلة 15 دقيقة استوجب تدخل الحضور الذين رشوه بالماء  والعطور على أمل نجاته إلى حين وصول الطبيبة، التي دخلت بعد 20 دقيقة من الحادثة وركزت على محاولة إعادة النفس له بالضغط على صدره، غير أن الأوان كان قد فات.. إذ رددت ولعدة مرات عبارة ”ليست لدينا إمكانات”، لتعلن بعدها وفاته مما أثار غضب وجنون أسرة الميت التي حضرت المحاكمة، والمتكونة من شقيقيه وابنيه استوجبت تدخل عناصر الشرطة العاملة هناك لتهدئتهم في الوقت المناسب، وقد تمت الاستعانة بجبة أحد المحامين لستر الميت، وبعد قرابة الساعة من إعلان الوفاة وصلت سيارة الإسعاف مرفوقة بالحماية المدنية لتجده جثة هامدة، ولتحمله فيما بعد إلى المستشفى، وهذا بعد الحصول على إذن من الهيئات المختصة والتي بدورها استغرقت الـ15 دقيقة.

المرحوم كان صائما والموت أمهلته إلى أن برّأ نفسه وأراح ضميره

ما استغرب منه الحضور وخاصة أصحاب الجبة السوداء، هو أن رئيس الجلسة ”خرابي” منح الوقت الكافي لإدلاء المرحوم بكل ما كان يلوج في قلبه قصد تبرئة نفسه، مما نسب إليه من تهم، وقد أفادنا أحد أشقائه الذي تمكنت ”النهار” من التقرب منه بصعوبة، نظرا إلى الحالة النفسية المزرية بتصريح أن أخاه بريء من كل التهم الموجهة له، وأنه كان على حق في كل كلمة قالها، مفيدا بأنه مات صائما وأنه شعر بقروب أجله فأراح ضميره أمام الله وغادر إلى جوار ربه إلا أن ابنيه الذين صعب على ”النهار”، فعلا التقرب منهما فقد صارا يرددان كلمة ”قتلوه ….قتلوه…نوكلوا ربي” والتي امتزجت بالبكاء.

المحامون وصفوا تأخر إحضار الفريق الطبي واستئناف الجلسة باللاإنساني

أجمع المحامون الذين حضروا الواقعة على أنه من العيب أن تكون ردة فعل المجلس، حيال الحادثة بهذه البرودة على غرار إرسال طبيبة المجلس في وقت متأخر إضافة إلى استئناف الجلسة بعد ساعة من توقيفها، بالرغم من مطالبتهم للقاضي بتأجيلها إلى الأسبوع المقبل، لأن نفسية الجميع لا تسمح بالعمل إلا أنه رفض ذلك، مؤكدا بأن ذلك خارج عن نطاقه ليترك الحرية التامة للمحامين في تأجيل قضاياهم، إلا أن هذا الحل لم يلقَ استحسانا كما، صرح بعضهم بأنه من غير المنطقي أن لا تتواجد بمحاكم ومجالس العاصمة تحديدا سيارات إسعاف مركونة وأطباء مختصين خصوصا في الأمراض المزمنة، التي من المفروض أن يتواجدوا يوميا في عين المكان تحسبا لأي طارئ  باعتبار أن المجلس يعد الأمل الأخير لأصحاب القضايا وأنه قد لا يتحمل المواطن ضغط المحاكمة أو نتيجة الحكم وقد تطرقوا إلى ضرورة توفر وسائل بسيطة تضمن راحة المواطن الذي يعاني من مشاكل صحية، وقد لمح أحد أعضاء النقابة في تصريحه لـ”النهار” بأنه من الغريب جدا أن تسهو الجهات المختصة عن توفير الحماية المدنية وسيارة الإسعاف بالمحكمة.

النهارفي بيت عائلة المرحومعمر دشمي

زوجة دشمي: ”المرحوم كان نزيها ومحبوبا لكنه عاش مظلوما والعدالة حرمته من حقوقه

”وجّه دعوات لكل أفراد عائلته وأصدقائه لحضور جلسة المحاكمة، لأنه كان متأكدا أنه سيفوز بالقضية وينال من المصفي”، هكذا ردت زوجة المدير العام للشركة الجزائرية للبنك المحلة، الذي توفي عن عمر يناهز الـ٥٦ سنة إثر سكتة قلبية حادة داخل قاعة الجلسات بمجلس قضاء العاصمة، عند استقبالها لـ”النهار” بعد ساعات معدودة من الفاجعة التي ألمت بها وبأبنائها في شقتها المتواضعة الكائنة بالعمارة رقم 19 بمحاذاة محكمة بئر مراد رايس بسعيد حمدين، حيث قالت زوجة المرحوم السيدة سليمة وهي متأثرة بفقدان زوجها أن هذا الأخير توجه إلى المحكمة وهو صائم مرفوقا بعائلته وابنه وليد ليقول كلمة الحق بخصوص الممتلكات التي حرم منها رغم ملكيته الشرعية لها، والتي انتزعت منه من طرف المصفي الذي تصرف فيها وباع أغلبها بدون وجه حق، حيث قالت الزوجة ودموع الحزن تتساقط من عينيها ”دشمي معروف عند العامة والخاصة والكل يحبه ويحترمه وتعرض إلى الكثير من الظلم والتهميش حتى توفي في ظروف جد محزنة”، قبل أن تعود وتوضح ”أيام قبل يوم المحاكمة كان في أحسن أحواله وكأنه كان يحضر نفسه للرحيل بدون رجعة حتى أنه زار ابنه سفيان في سويسرا”، واستطردت ”إنه أب لخمسة أبناء ثلاثة ذكور وبنتان واحدة منهما تقيم بكندا.. لقد أحسن والدهم تربيتهم وكان سندا لهم في كل الأوقات”.

وبينما نحن نتبادل أطراف الحديث الذي كان صعبا على زوجة الفقيد كانت تتدخل بعض النسوة وهن جارات وصديقات العائلة لتقاطعننا بالحديث عن خصال المرحوم والمكانة المرموقة التي كان يتمتع بها، حيث قالت واحدة من الجارات التي بدت متأثرة بنبإ الموت أنها كانت تحترمه كثيرا وتقدر شخصه لأنه كان متواضعا وحنونا”، بالموازاة حاولت ”النهار” محاورة ابن المرحوم ”وليد” بحكم أنه كان برفقة والده داخل قاعة المحاكمة، لكن الحالة التي كان فيها حالت دون ذلك، حيث لم يتمكن من الحديث معنا فالدموع التي كان يذرفها كانت كافية لتفهم وضعه، غير أن هذا لم يمنعه من استقبالنا بكل حفاوة واحترام.

المدير العام للشركة الجزائرية للبنك أكد خلال محاكمته على مشروعية مؤسسته وممتلكاته

أكد المدير العام للشركة الجزائرية للبنك في كل مرة كان يمثل فيها أمام العدالة وبالأخص أمام محكمة بئر مراد رايس أنه بريء من الجرم الذي نسب إليه، من طرف مصفي البنك الذي اتهمه بالتزوير في منح حصص عينية أعلى من قيمتها الحقيقية واستعمال المزور وكذا جرم الإدلاء بإقرارات كاذبة من خلال التأكيد على أن الشركة الجزائرية للبنك، والتي أدارها لمدة أربع سنوات كاملة كانت تنشط أحسن بكثير من البنوك العمومية الحالية قائلا بنبرة شديدة إن ”مؤسسته كانت تنشط بصفة قانونية بموجب الاعتماد الذي تحصلت عليه من طرف بنك الجزائر وأن كل الممتلكات والأموال التي صرح بها ملك له وأن الشكوى كيدية من طرف المصفي الذي شكك في مهنيته وكفاءته”، مفيدا أن ما جاء به المصفي ودفاعه لا أساس له من الصحة، حيث وبالرجوع إلى ملابسات القضية فإن الشكوى جاءت على أساس أن دشمي عمر ألحق أضرارا بالغة بزبائن البنك الدائنين و بالأخص تسبب في خسائر معتبرة تضررت منها الخزينة العمومية، إذ إن دفاع المصفي كان قد أكد في العديد من المناسبات بأن المصفي وفي إطار المهام الموكلة له وجد صعوبات حقيقية في تعويض الدائنين مما دفعه إلى بذل مجهودات حتى توصل في العاشر من سبتمبر إلى حل مفاده دفع 20 من المائة للدائنين والخزينة، قبل أن يؤكد أن مثول المدير العام للبنك والخبير الحسابي جاء على خلفية الشكوى التي حركها المصفي، حيث أوضح أن موكله وبصفته مصفٍ تم تعيينه من طرف اللجنة المصرفية التابعة لبنك الجزائر ليباشر مهامه على مستوى البنك ليكتشف أن رأس مال المؤسسة المصرفية المعلن من طرف مالكها قدر بـ700 مليون دينار جزائري، غير أنه وبمباشرة أعماله وجد مبلغ 320 مليون نقدا، قائلا أن موكله توصل كذلك إلى أن كل الحصص العينية محجوزة داخل وخارج ولاية الجزائر، فما كان للمصفي غير التبليغ عن التجاوزات لدى اللجنة قبل أن يرسم شكوى لدى وكيل الجمهورية، وأشار الدفاع إلى أن المدير العام احتال على بنك الجزائر من خلال التزوير في الحصص العينية والمادية وهذا لحصوله على الاعتماد لفتح البنك، إذ أكد أن المتهم وفيما يخص عمارة ”شكيكن” فقد قدرت مساحتها الأصلية بـ1000 متر مربع ومملوكة على الشيوع، في حين أن الخبير وبتواطؤ مع المدير قيمها بـ1620 متر مربع، مؤكدا على وجود تضخيم ومزايدة في رأس المال، ليعود ويوضح أن ملكية ”حماني” تتوفر على مساحة قدرها 270 متر مربع، في حين أن محافظ الحصص قيمها 500 متر مربع عارية وأزيد من 400 متر مربع مبنية، قائلا إن هذا التلاعب كان من شأنه الوصول إلى سقف 700 مليون، بيد أن المتهم كان في كل مرة يتمسك بملكيته الشرعية والقانونية لكل ممتلكاته وكان متأكدا في آخر لحظة أنه سيستعيدها ويفوز على المصفي، إلا أن القدر فضل غير ذلك لتوافيه المنية، وهو يدافع عن نفسه في جلسة علانية قال فيها بأعلى صوته أنه بريء ومظلوم وأن العدالة لم تنصفه.

جثمان عمر دشمي يوارى التراب بمقبرة سيدي يحيى بحضور شخصيات سياسية وعسكرية

شيعت في جو مهيب أمس، بعد صلاة الجمعة، جنازة دشمي عمر المدير السابق للشركة الجزائرية للبنك، في مقبرة سيدي يحيى بالعاصمة، الذي توفي أول أمس أثناء محاكمته في مجلس قضاء الجزائر، وسط حضور شخصيات سياسية وعسكرية ووزراء سابقين، حيث نقل جثمان المرحوم إلى مقبرة سيدي يحيى بعد أداء صلاة الجنازة عليه في مسجد مالك ابن نبي في بن عكنون، ونقل جثمانه من مسكنه في حي بسعيد حمدين في العاصمة، وحضر مراسيم تشييع جنازة دشمي عمر الذي فارق الحياة أول أمس، عن عمر يناهز 69 سنة عدد من الشخصيات البارزة من بينهم اللواء زرهوني ووزراء سابقون، كما حضر مراسيم الجنازة الرئيس المدير العام للخطوط الجوية الجزائرية وحيد بوعبد الله، ومدني مزراق الأمير الوطني للجيش الإسلامي للإنقاذ سابقا، وكانا من بين الأولين الذين وصلوا إلى مقبرة سيدي يحيى التي شوهد فيها أيضا مجموعة كبيرة من المحامين من نقابة العاصمة وعدد من رؤساء الفرق الرياضية بينهم رئيس شباب بلوزداد قرباج

أمينة.ش/عائشة.ب

بوعبد الله وحيد: ” دشمي رجل كريم.. مات وهو يبحث عن الحقيقة

قال الرئيس المدير العام للخطوط الجوية الجزائرية وحيد بوعبد الله الذي حضر جنازة المرحوم دشمي، بأنه عرف الرجل منذ ثلاثين سنة مثنيا على خصاله التي قال أنه يصعب حصرها، وأضاف بوعبد الله بأن عمر دشمي كان رجلا كريما ومؤمنا و”صاحب خير” وبأنه يحب العمل وختم المدير العام للخطوط الجوية بأن دشمي توفي وهو يبحث عن الحقيقة.

محمد بسة

كـم من دشمي آخـر في الجـــزائر؟

بالأمس، كان صاحب الشركة الجزائرية للبنك، المرحوم عمر دشمي، وقبله كانوا كثيرين، ولسنا نعلم من الذي سيكون في قائمة اللاحقين…

هذا ما يمكن قوله بشأن قضية الكثير من الإطارات الجزائريين الذين راحوا ضحية الزج بهم في قضايا على مستوى العدالة.. وبصرف النظر عن براءتهم مما نسب لهم من تهم، فإن أي إجراء بعد وفاتهم، حتى من خلال تبرئتهم سيكون غير ذي معنى، ما دام المتهمون في تلك القضايا أصبحوا في عداد الأموات.

قضية عمر دشمي ومن سبقه على لائحة ضحايا متابعتهم في قضايا فساد عديدة، كان يمكن أن تكون عادية، وتختتم بعبارة ”قدر الله وما شاء فعل”، لو أن متابعة دشمي من طرف العدالة كان نفسه مصير الحوت الكبير في قضية سوناطراك، وقضايا أخرى كثيرة، استنزف فيها مال الشعب مثلما تستهلك النار الوقود أو الحطب.

قضية الراحل عمر دشمي تطرح اليوم الكثير من التساؤلات، بشأن كيفية تعويضه أو عائلته إذا ما ثبتت براءته مما نسب إليه من تهم، بالرغم من أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تعويض الابن على وفاة والده والأرملة على فقدان زوجها، غير أن السؤال الأبرز الذي ينبغي أن تقودنا إليه قصة عمر دشمي وغيره، هو إذا كان الموت بسكتة قلبية هو مصير دشمي وغيره من إطارات جزائريين لهم من القدرة على مواجهة ”الحڤرة” بتجنيد العشرات من كبار المحامين، فكيف هو إذن حال الجزائري البسيط الذي لا يقدر على تسديد تكاليف محام مغمور ويهاب دخول قاعات المحاكم أكثر من خوفه من أي شيء آخر.

اليوم، وبالرغم من أن الدعوى القضائية ضد المرحوم دشمي ستسقط بشكل آلي، بعدما انتقل إلى العالم الآخر، فإن قضيته ستصبح ذات أهمية أكبر، كونه لم تمت تبرئته من التهم المنسوبة إليه، فإن سؤالا آخر سيطرح وسيكون كالتالي ”ما الذي يجعل متهما وهو بريء، يدخل قاعة المحكمة مرتبكا إلى درجة إصابته بسكتة قلبية رغم يقينه من براءته؟”.

اسماعيل. ف

رابط دائم : https://nhar.tv/7zg7s
إعــــلانات
إعــــلانات