إعــــلانات

بارع وغريب التصرفات اقتحم حياتي فانتزع الورود وغرس الأشواك

بارع وغريب التصرفات اقتحم حياتي فانتزع الورود وغرس الأشواك

إنها الدنيا بأحوالها وظروفها تتحوّل وتنقلب كأمواج البحر تماما، لا تُؤمن، ومهما كان المرء فطنا وحريصا، فقد يتجاوزه الأمر؛ لأن الأيام تخبّئ دائما ما لم يكن في الحسبان، وهذا ما حدث لي بالضبط.

أنا سمية من الشرق الجزائري، أبلغ من العمر 37 سنة، انتقلت إلى العاصمة قبل مدة في مهمة عمل، وبعد الانتهاء، خرجت أتجول بين شوارعها وأزقتها، فهذه عاصمة بلادي، وما أحلى بلادي، فيها كل ما يسرّ العين ويفرح القلب، هكذا أرى الجزائر، وبينما كنت أسير، اعترض طريقي رجل غريب الأطوار، وقف أمامي وانحنى قائلا سيدتي الكريمة، أتوسل إليك أن تمنحيني رقم هاتفك، فاندهشت لطلبه واندهشت أكثر من طريقته، فهل هذه معاكسة من نوع آخر، فاستغفرت ربي وطلبت منه أن يرفع رأسه، فقال: لن أرفع رأسي ولن أفتح لك مجال السير حتى تفعلين ما طلبت، فطلبت منه للمرة الثانية أن يكفّ عن هذا الطيش، فالركوع والسجود لله فقط، لكنه أبى، مما سبب لي موقفا محرجا أمام المارة، الذين اندهشوا أيضا من تصرفه، ولأنه صمم على موقفه، فلم يكن بوسعي إلا الامتثال لرغبته حتى يُخلي سبيلي.

مضيت وفي مساء ذلك اليوم، اتصل بي عبر الهاتف، فعرفته من لهجته المشرقية وكلماته الرقيقة، وقال إنه يجدر بنا اللقاء، فرفضت في البداية، لكن الفضول دفعني لكي أقبل دعوته، علما أنني خلال مسيرة حياتي لم أواعد رجلا؛ لأنني ملتزمة وأخشى الله، لكن الشيطان حضر في تلك اللحظة.

لقد التقيت به في مكان عام، فكان في منتهى الأدب والاحترام، وحدثني كثيرا عن نفسه، وقال إنه يعمل في مؤسسة أجنبية، حيث يقيم مع زملائه، وإنه في الجزائر منذ فترة بعدما دخلت بلاده في حرب، ولأنه وجد الأمن عندنا وانبهر بطبيعة البلاد والعباد، قرر أن يمضي حياته هنا والزواج من جزائرية.

افترقنا على أمل لقاء آخر، وبعد ذلك، ظلّ يهاتفني ويكلمني. والمثير في هذا الرجل أنه للحظة لم يخطئ في الكلام ولم يتجاوز ولم يحد عن خطوط اللباقة والأدب، مثلما كانت تخبرني صديقاتي وزميلاتي في العمل، وهذا ما شدني إليه، فشعرت بشيء من الارتياح نحوه، وبالرغم من ذلك، كنت أسأل الله وأتوسل إليه أن ينير لي دربي مع هذا الرجل الغريب، وذات عشية اتصلت به عبر الهاتف، فإذا المجيب امرأة، قالت إنها زوجته منذ عشر سنوات، فأخبرتها بالحقيقة؛ لأنه لا يمكنني أن أكذب والنفاق ليس من طبعي.

فانسحبت بكل هدوء، وشكرت الله بعدما أظهر لي الحقيقة، واتخذت القرار بعدم التكلم معه مرة أخرى، علما أنه حتى الآن يتصل مرارا وتكرارا من دون جدوى.

إخواني القرّاء، ما يحزّ في نفسي أنني تطاولت على أحكام الدين ومنحته فرصة التحدث  إلي، بعدما ترفعت عن هذه الأشياء طوال عمري، وما يرعبني ويطيّر النوم من عيني، أنني تجاوزت أحكام الله خالقي وبارئي الذي منحني العلم والحلم وسعة الرزق وأولها نعمة الإسلام، وأنا اليوم أبكي بحرقة لأنني ارتكبت هذا الخطأ، وأبكي مرة أخرى لأنني حتى الآن لم أكتشف بأن البشر أشكال وألوان، خداع ونفاق وزيف، قلّة خبرتي في حياتي أوقعتني في موقف مشابه.. هذه حكايتي للفتيات خاصة، والعبرة لمن تعتبر.

رابط دائم : https://nhar.tv/T5MIF
إعــــلانات
إعــــلانات