تصبح الشمس مظلمة وتصير حياتنا صحراء بعدما فقدنا هؤلاء
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد..
إخواني أخواتي القرّاء، إن الموت أصعب ما نواجه، فنحن لا نتخيل الحياة من دون أحبائنا، وفي نفس الوقت إن الموت علينا حق، لذلك يجب أن نكون دائما على استعداد إلى مواجهته واستقباله بأعمالنا الصالحة التي أوصانا الله بها.
يأتي الموت فجأة من دون مقدمات، فيسرق منا الفرحة والسعادة، ويقلب حياتنا رأسا على عقب، يخطف منا أحبتنا ويفرّق جمعنا، ويُخيّم على قلوبنا الأحزان، يأتي الموت فيصبح القمر بعد فقدان الأحبة مُعتما، والشمس مظلمة، وتصبح حياتنا صحراء قاحلة بلا أزهار ولا ملامح ولا ألوان، عندما يرحل الأحبة لا نصدق أنهم لم يعودوا موجودين في عالمنا، لا نصدق ولا نريد أن نصدق أنهم رحلوا وتركونا نعاني مرارة فقدانهم، فكم هي مريرة لوعة الأشواق إليهم، وكم هي باردة وكئيبة ليالي العمر من دون دفئهم وحنانهم الذي كان يغمرنا.
الموت.. تلك الكلمة التي تحمل بين طياتها الكثير من المعاني الحزينة والألم، فإن الموت لا يستأذن أحدا ولا يجامل أحدا، وليس له إنذار مبكر، فالعديد من الناس لم يجدوا شيئا للتعبير عن فقدان أمواتهم إلا برثائهم.
يجب ألا نبكي على أصدقائنا، فهي رحمة من الله أن نفقدهم بالموت ولا نفقدهم وهم أحياء، كم من عزيز أذلّ الموت مصرعه، بعدما كانت على رأسهِ الرايات تخفقُ، «ومن لم يمت بالسيف مات بغيره»، فتنوعت الأسباب والداء واحد.
إن الموت مُنتهى كل حي، عندما جاء ملك الموت «نوح» عليه السلام ليتوفاه، قرابة ألف سنة عاشها قبل الطوفان وبعده فسأله:«يا أطول الأنبياء عمرا كيف وجدت الدنيا؟»، فقال:«كدارٍ لها بابين دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر»، فلا يوجد وهم يبدو كأنه حقيقة مثل الحب، ولا حقيقة نتعامل معها وكأنها الوهم مثل الموت.
صلِ يا قلبي إلى الله، فإن الموت آتُ، صلِ فالنازع لا تبقى له غير الصلاة، فاحرصوا على الموت توهب لكم الحياة، واعلموا أن الموت لا بد منه، وأنه لا يكون إلا مرة واحدة، فإن جعلتموها في سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخر، ما ألزم عبد ذكر الموت إلا صغرت الدنيا عنده، إذا ذكرت الموتى، فعد نفسك أحدهم، واستقبال الموت خير من استدباره.
صبّركم الله وثبّتكم وفرّج كربكم وكرب المؤمنين، ورحم الله جميع موتى المسلمين، أدامكم الله بخير جميعا، أشد على أيديكم وأدعو الله أن يحسن خاتمتنا، إنا لله وإنا إليه راجعون.
رحم الله شهداءنا وغفر لهم ولكم..
