ثروتي التي جمعتها في سنوات.. خسرتها في لحظات
حكايتي مع «الوعد الكاذب»
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد..
لا أزال تحت وقع الصدمة ولا أكاد أصدق أن الذي حدث لي حقيقة، أتمنى لو أنه كابوس مزعج أو أضغاث أحلام ستزول مع بزوغ الفجر، لأعود إلى تلك الأيام الجميلة، حيث صفاء الذهن وراحة البال.
أنا في الخمسين من العمر، قضيت جلها في الكدّ والاجتهاد، بعدما كابدت الفقر، فأوقفت مسيرتي الدراسية في سن مبكرة لكي أساعد والدي وأعيل عائلتي.
تعلّمت كثيرا في «مدرسة الحياة»، فاختلطت بالناس من مختلف الشرائح، وكنت بالنسبة لهؤلاء الطفل المراهق الذي يحتاج المال وبشدة، مما جعلهم يستغلون ضعفي وحاجتي، فعملت حمّالا وأرهقت ضلوعي، بعدها انتقلت إلى ورشة صناعة الإسمنت وكدت أقضي نحبي هناك، حتى امتلأت رئتاي بمواد كادت تودي بحياتي لولا لطف الله بي، ومنذ ذلك الحين عاهدت نفسي على أن أحميها مما يضّرها، وبمجرد أن فعلت فتح الله امامي باب التجارة، التي كانت أسهل عمل مارسته من حيث الجهد، وفي نفس الوقت كان الربح فيها مضمونا وسريعا، وهكذا تغيرت حياتي إلى الأحسن، وحين بلوغ الثلاثين من العمر، غدوت ميسور الحال، مما مكّنني من الزواج وفتح بيت ثانٍ لعائلتي الصغيرة، ولم يمنعني هذا من تحمّل مسؤولية والدتي وإخوتي بعدما توفي والدي رحمة الله عليه.
ولشدة احتكاكي بهذا المجال، تعرّفت على مختلف أنواع التجّار، وكان عملي يتوسع من حسن إلى أحسن، ولم أعد في حاجة إلى أحد، حيث اكتفيت بما لديّ وأوكلت تجارتي لمن يديرها، طبعا تحت إشرافي ومراقبتي، حتى جاء اليوم الذي أغواني فيه أحد التجّار، وأخبرني بأن رجلا محترفا في هذا المجال يعمل على استثمار الأموال، فإذا منحت له مبلغا من المال، استخدمه مدة معيّنة وأعاده إليك مضاعفا وهكذا.
في البداية لم أرتح له، فأردت أن أجرّب بمبلغ قليل، وبالفعل كان الرجل صادقا، لأن المعني بالأمر بعد مدة وجيزة، أرجع لي مالي مضاعفا، ففتح شهيتي، فأعدت الكرّة بملغ أكبر فأكبر وكان في كل مرة يصدق وعده، حتى جاء اليوم الذي أعطيته كل ما كان لدي وتركت حسابي في البنك فارغا، فكانت الضربة القاضية، فهذا الأخير ما هو إلا محتال فعل الشيء نفسه مع آخرين، واليوم أجدني نادما أبكي حظي، لأنني بسبب نزوة أضعت مالي بعدما أعمى الطمع بصيرتي.. فهذه حكايتي مع «الوعد الكاذب».
