إعــــلانات

جرائم القرصنة تفتك بالمبدعين

جرائم القرصنة تفتك بالمبدعين

38 مراقبا محلفا على المستوى الوطني، والفنانون يطالبون بنقابة حجز* 300 ألف وحدة مقلدة، و224 قضية تحال على العدالة حفل تامر حسني غير قانوني، وشركات عربية تستغل المصنفات وتلوذ بالفرار

لم تعد جريمة القرصنة والتقليد والتهرب من دفع حقوق المؤلفين مسألة ثانوية، بل ظاهرة خطيرة رافقت تطور التكنولوجيا المعلوماتية، واستدعت استنجاد مصالح حقوق المؤلف بمصالح الأمن، وطلبت إنشاء فرق متخصصة في مراقبة السوق، في وقت لا يتجاوز عدد المراقبين المحلفين 38 على المستوى الوطني. كثير منهم تعرض للإهانة والاعتداء الجسدي. في حين سجل حجز300 ألف وحدة مقلدة وإحالة 224 قضية على العدالة، وقد زاد الوضع خطورة جهل المواطن بطبيعة هذه الحقوق.
 أكدت تقارير مؤسسات حماية الملكية الفكرية أن القرصنة على المصنفات الأدبية أو الفنية أصبحت من أبرز جرائم العصر التي باتت تستحوذ على أعمال المبدعين والمؤلفين وأضحت سوقا قائما خاصة مع التطورات التكنولوجية الحديثة، لأسباب تجارية أو معنوية. ولم تقتصر السلطات العمومية على اعتماد قوانين مطابقة للتشريعات الدولية تحدد العقوبات الناجمة عن المساس بتلك الحقوق، بل دعت مؤخرا الى إنشاء فرق أمن متخصصة لمحاربة القرصنة، إضافة للأعوان المحلفين التابعين للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، للقيام بحجز نسخ الدعائم والايرادات المتولدة عن الاستغلال غير المشروع للمصنفات والأداءات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ماهي الرهانات والتحديات التي ينبغي رفعها لتكريس ثقافة احترام الملكية الفكرية إلى حد التقديس.  

ارتفاع حصيلة الدعائم المحجوزة إلى 289.409 وحدة
 أفاد توصار عبد الحكيم، المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، أن الدعائم المحجوزة لسنة 2007 ارتفع إلى 289409 وحدة موزعة على الأقراص المضغوطة التي سجلت ارتفاعا قدر بـ 212895 وحدة، أي بنسبة %47. أما الأشرطة السمعية فقد سجلت نسبة 13% بما يعادل 38874 وحدة، والدعائم الفيديوغرافية قدرت بـ 37540 وحدة، أي بنسبة 48% من مجموع الدعائم المحجوزة. هذا وقد بلغ عدد التدخلات سنة  2007 1964تدخل، ويضيف بلعمري حسان رئيس وكالة الجزائر الوسطى التابعة لحقوق المؤلف والمحقوق المجاورة أنه خلال شهر أفريل تم حجز 23 ألف مصنف، من بينها 12مصنفا مقلدا من أشرطة وأقراص مضغوطة. من جهته، عرف تحصيل الحقوق تطورا ملحوظا بالنسبة لعائدات التأليف والعقود المجاورة. وحسب ما ذكره توصار عبد الحكيم، فإن مراجعة الاتفاقيات التي تربط الديوان بالتلفزة والاذاعة أشارت إلى أن نسبة العائدات من التلفزة والاذاعة بلغت 11%، وتشمل عائدات الإشهار والحساب الخاص وميزانية الستير، مضيفا أنه تم الاتفاق مع إدارة الجمارك لضبط مستوردي الدعامات وآلات التسجيل الرقمية الذين كانوا غير ملزمين بدفع الأتاوات، ما سمح بارتفاع عائدات المؤلف الناتجة عن تعبئة الهاتف النقال بالمؤلفات السمعية بـ 14%من مداخيل حقوق المؤلف. وفي هذا الشأن، طمأن ذات المتحدث المؤلفين والملحنين والفنانين بأن مؤلفاتهم المستغلة عبر الهاتف النقال تعززت بإجراءات الحماية، وسوف يتحصلون على حقوقهم لآخر سنتيم بفضل انتهاج النظام المعمول بها في الدول الأجنبية، مع دفع 3% كعائدات إضافية بفعل الخدمات الجديدة وتوزيعها على المؤلفين والقنوات الفضائية الأجنبية، واستفادة 31% مؤلف من المساعدات الاجتماعية. أما منحة المعاش التكميلي للأشخاص ذوي ستين سنة وزعت لفائدة 89 مؤلفا، ويعتزم الديوان متابعة المؤلفين الذين يحتاجون للمساعدة.

 حقوق مجمدة منذ سنوات… ومطالبة بنقابة فنانين
 مقابل ذلك، أعرب الملحن والمؤلف مصطفى سحنون عن استيائه من وضعية الفنان في الجزائر، خاصة مع وجود ظاهرة القرصنة وأرجع ذلك لغياب نقابة خاصة بالفنانين تتولى الدفاع عن حقوقهم، مضيفا أننا البلد الوحيد الذي لما يذع أو يبث أغنية ولا يذكر أسماء المؤلفين والملحنين.

كما طالب المسؤولون المعنيون بتبني استراتجية فعالة لدعم الفن والفنانين. أما الملحن التهامي عليان، فقد أوضح أن أعماله لم تتعرض للقرصنة، لأنها بالأساس لا تسمع رغم تلحينه للعديد من المطربين، وأرجع السبب للإذاعة والتلفزيون بمساهمتها في ترويج الأغاني التجارية ولو كانت بذيئة. وعن حقوقه من جينيرك حصة “عبر من التاريخ” التي كانت تبث في القناة الثانية لمدة 25 سنة، يقول إنها لم تصله كاملة. ويفضل أخذ حقه على منحة مساعدات اجتماعية من قبل الديوان.

 38 مراقبا على المستوى الوطني وحفل تامر حسني غير قانوني
  هذا، ويمثل أعوان الرقابة الواجهة الميدانية للمؤسسات المعنية والتشريعات المختلفة، فيقومون بمعاينة أي مساس بحقوق المؤلف أو الحقوق المجاورة في مؤسسات التسلية والأسواق الجوارية، بالتنسيق مع أعوان الأمن الوطني والجمارك. وأفاد بلعمري حسان، رئيس الوكالة التابعة لحقوق المؤلف، أن عدد الأعوان المحلفين يبلغ 38 مراقبا محلفا فقط عبر القطر الجزائري، منهم تسعة مراقبين ينشطون بولاية الجزائر. ولمعرفة واقع عمل الأعوان المحلفين اقتربنا من مقر الوكالة، فكانت “النهار” قناة أمينة سببت ثقة المراقبين فتحدثوا عن المخاطر والصعوبات التي تعترض تأدية مهامهم على أكمل وجه، ومنها الإهانات والاعتداءات التي يتعرضون لها من طرف الباعة في الأسواق الموازية، بحكم جهلهم وعدم تفهمهم لمهامهم، شأنهم شأن بعض أصحاب المحلات الذين يرفضون دفع الغرامات نتيجة استعمالهم لمصنفات عبر المذياع أو التلفاز لجلب الزبائن دون مراعاة للحقوق المنبثقة عن عملهم
 هذا.
وتعتبر ظاهرة إحياء الحفلات في الجزائر مجالا آخر لهذه الممارسات وخاصة عند جلبها المطربين أجانب، دون الاعلان عن منظم الحفل تهربا من الدفع، مثلما حدث مع الحفل الذي أقامه عاصي الحلاني وأول أمس الفنان تامر حسني. وهناك من الباعة من يمارس نشاطه بطريقة شرعية إلا أنه يحوز في محله على نسخ مقلدة وعتاد أنشئ خصيصا لمباشرة النشاط غير المشروع ويرفض عمدا دفع الهامش المستحق للمؤلف أو لأي مالك حقوق مجاورة أخرى.
وماحدث لهم بالمرادية مؤخرا في أحد المحلات، وهم يقومون ليلا بعملية حجز للمصنفات غير الشرعية عينة صارخة على ما يواجهونه من مخاطر، حيث قام صاحب المحل بغلق متجره وإطفاء النور وانهال عليهم ضربا بآلة حديدية، مستعينا بأصحابه السكارى ولم ينج آخرهم إلا بعد تدخل من رئيس المصلحة وأعوان الأمن، حيث تم فك النزاع، الذي كاد يتسبب في موت أحدهم، لتحال القضية بعدها للعدالة. كذلك من بين ما يتعرضون له هو محاولة إغرائهم بالمال لأجل التستر عليهم، إلا أن ضميرهم الحي يحول دون ذلك، كما يؤكدون. وعلى هذا الأساس يطالب المراقبون بضرورة القيام بعمليات تحسيسة عبر وسائل الإعلام المختلفة، والعمل على توعية المواطنين لترسيخ ثقافة حقوق التأليف، مع إيجاد مفرغات خاصة بإتلاف المصنفات المقلدة ويلتمسون إعادة النظر في الأجور مقارنة بالمخاطر التي يتلقونها في الميدان، إهانات، اعتداءات واتهامات تلاحقهم في كل مكان.  
 
 224 قضية بالمحاكم ومؤسسات عربية تستغل المصنفات وتلوذ بالفرار
 وتشير الأرقام المتوفرة إلى قضايا القرصنة المسجلة على المستوى الوطني والتي بلغت 224 قضية انتقلت إلى المحاكم. وحسب ماجاء في القانون الصادر في جويلية 2003 والمتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وفي مادتيه 152 ­ 151 يعتبر جنحة كل من يقوم بالكشف غير المشروع للمصنف أو المساس بسلامته، استنساخ مصنف أو أداء، استيراد أو تصدير أو بيع نسخ مقلدة، أيضا تأجير أو وضع رهن التداول نسخ مقلدة، إضافة لتبليغ المصنف أو الأداء عن طريق التمثيل أو الأداء العلني أو البث الاذاعي السمعي أو السمعي البصري، أو التوزيع بواسطة الكابل أو بأية وسيلة نقل أخرى تحمل أصواتا أو صورا، بأي منظومة معالجة معلوماتية. وفيما يتعلق بالمصنفات الأدبية فنادرا ما تكون حالات نزاع للبحث عن مصدر المصنف الأصيل والغالب هو عدم احترام العقد المبرم بين الناشر والمؤلف.
أما القضايا الاستعجالية فقد بلغت 17 قضية والتي تتطلب من رئيس الجهة القضائية المختصة أن يفصل فيها بناءا على طلب من مالك الحقوق الذي يدعي الضرر وتشمل غالبا الاستعمال غير المشروع للمصنفات من استنساخ أو إنتاج الدعائم الفتوغرافية أو الفيديوغرافية. ومن بين القضايا الاستعجالية التي سجلت، حسب ما أوردته مصادر مطلعة استغلال الشركتين العربيتين  carawi و cyber call
للمصنفات الفكرية والفنية عبر التلفزة الوطنية من دون إبلاغ الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة بالإيرادات المحصلة من استغلال المصنفات، بحيث يتسنى حساب أتاوى حقوق المؤلف الواجب عليهم دفعها، الأمر الذي استدعى التدخل من قبل الديوان، برفع دعوى قضائية في بداية سنة 2004 بالنسبة لشركة cyber call، وفي سنة 2006 بالنسبة لشركة kourawi وصدرت الأحكام بعد مرور سنة من إيداع الدعوى، وأمر القاضي بالوقف الفوري لاستغلال المصنفات، إلا أن هؤلاء المتابعين كانوا خارج التراب الوطني.
وفي مجمل الحالات تتخذ إجراءات وعقوبات ردعية تختلف حسب نوعية المصنفات الأدبية أو الفنية، ومنها حجز النسخ وكل العتاد المستخدم لصنع الدعائم المقلدة، إيقاف كل عملية صنع جارية، غلق المحل مؤقتا أو نهائيا عند الاقتضاء وأيضا دفع غرامة مالية، وقد تصل العقوبة إلى السجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات. ويشير في هذا السياق توصار عبد الحكيم إلى أن تطبيق القوانين صعب في الجزائر، ولذا على الجهات والهيئات والمؤسسات المخولة أن تقوم بدورها لجعل هذه القوانين واقعا ميدانيا، وهذا لن يتأتى إلا بتضافر جهود الجميع

رابط دائم : https://nhar.tv/4xKbJ
إعــــلانات
إعــــلانات