إعــــلانات

رؤساء تحوّلوا إلى زعماء وآخرون إلى موتى قاعدين

رؤساء تحوّلوا إلى زعماء وآخرون إلى موتى قاعدين

المعروف عن المسؤولين الساميين في الدول الأجنبية، أنهم بعد إحالتهم على التقاعد أو إنهاء مهامهم، يستغلون علاقاتهم التي رسموها أثناء الخدمة لمساعدة المجتمع المدني بأن يكونوا همزة الوصل بين السلطة والمجتمع، فيخلقون المعارضة المهذبة بالمجتمعات ويهذبون سلوكات السلطة، فيخلقون التوازن بالمجتمعات. غير أن الملاحظ بالجزائر، هو أن المسؤولين السامين في الدولة يخلدون إلى الراحة في انتظار تلقي استدعاء من السلطات

العليا بالبلاد لتقلد أي منصب المهم أن يكون منصبا صادرا بمرسوم، فلا نشاط ولا مساهمات ولا حتى لقاءات مع المواطنين، وكل ما يمكن ذكره بخصوص رؤساء الجهمورية السابقين هو أن أحدهم وهو الشاذلي بن جديد  الذي لأصدر مذكرة جاءت على الأخضر واليابس. ‘النهار” إرتأت العودة إلى ما قام به كل رئيس مر على كرسي المرادية لعل وعسى

مؤسسة بوضياف: قصر فاخر تسكنه الأشباح

يعد الرئيس الراحل، محمد بوضياف، رئيس الجمهورية الوحيد الذي أسست له مؤسسة خيرية، وإن كانت هذه المؤسسة قليلة النشاط، إن لم نقل مجمدة رغم الإمكانيات الضخمة التي تتمتع بها هذه المؤسسة وارتباط اسمها بأحد أكبر رموز الثورة الذي خاض معكرتي الجزائر واستشهد في ميدان الشرف حيث حارب المستعمر الفرنسي، فكان أن قتل برصاص الإرهاب المتطرف.  وحسب متتبعين لنشاط المؤسسة، فإن عملها يقتصر على إحياء وتخليد ذكرى وفاة الرئيس الراحل محمد بوضياف في 29 جوان من كل سنة، والتي أصبحت تقتصر على وضع إكليل من الورود بضريح الفقيد بمقبرة العالية دون أي تظاهرات أخرى أو ندوات عن فكر الرجل ودوره في الحركة الوطنية وثورة الفاتح من نوفمبر، خاصة وأن تاريخ الرجل لا غبار عليه خلال الثورة، حيث دخل التاريخ من بابه الواسع بعد حادثة اختطاف طائرة أبطال الثورة.والدليل على تجميد نشاط هذه المؤسسة هو عدم تمكننا من الاتصال بأحد المسؤولين لمدة أسبوع، حيث أن  كل أرقام الهاتف الخاصة بالمؤسسة معطلة. وعندما قررنا النزول للميدان وزيارة مقر المؤسسة الواقع بفيلا عزيزة، وهو قصر فاخر كائن بشارع البشير الإبراهيمي بالأبيار، على مساحة جد كبيرة، تتوفر على حديقة كبيرة ومسبح.بعد ولوجنا ”فيلا عزيزة”، تفاجأنا بالحاجب يخبرنا أن القصر فارغ  ، ولا أحد به يمكن الحديث إليه سواه، رغم أننا على مقربة من ذكرى رحيل الرئيس السابق محمد بوضياف والتي ستصادف يوم 29 جوان. وعندما سألنا عن رئيسة المؤسسة، أرملة الرئيس الراحل السيدة فتيحة بوضياف، أكد لنا الحاجب أنها خارج التراب الوطني، مضيفا أنه يجهل تاريخ عودتها للجزائر. الجميل في قصة هذه المؤسسة، هو ما أعلمنا به الحاجب من أنها في عطلة إلى غاية سبتمبر القادم، فكيف يعقل أن تخرج المؤسسة في عطلة قبل الاحتفال بالذكرى السابعة عشر لرحيل محمد الوطني. وعندما سألنا الحاجب حارس ”بيت الأشباح” عن آخر نشاط قامت به المؤسسة لم يجبنا، واكتفى بالدفاع عنها من خلال القول أنها تنشط في الظل بعيدا عن الضوضاء والأضواء. غير أن اتصالاتنا بالعديد من الفعاليات الخيرية أكدت الغياب التام للمؤسسة عن النشاط، في حين قالت رئيسة إحدى الجمعيات الخيرية أن السيدة بوضياف قادرة على استغلال علاقاتها بكبار المسؤولين ورجال الأعمال وحتى عائلات الرؤساء العرب، وخاصة الأسرة المغربية الحاكمة، في جمع الأموال للأطفال والملاجئ والجمعيات، وهو ما يدفع لطرح سؤال عما إذا كان الرئيس الراحل بوضياف يستحق أن تخلد اسمه مؤسسة نشطة تحمل اسمه في المحافل الدولية كالحرب الأخيرة على غزة، أين ساهمت كل الجمعيات الخيرية الجزائرية، حتى المحلية منها، في إعطاء يد المساعدة لأطفال فلسطين الذين أحرقوا بالفسفور الأبيض، خصوصا وأن الرئيس محمد بوضياف كان يدعو الفلسطينيين للمقاومة ونيل الاستقلال بسواعدهم قائلا ”لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم”، في دليل على مساندته للقضية وإيمانه بالعمل المسلح.

بن بلة ”كبير عُقال إفريقيا” يفضل المناصب الفخرية والشرفية

رغم الخبرة التي يتمتع بها الرئيس أحمد بن بلة، بصفته أحد الشخصيات السياسية التي عايشت جميع الأحداث والتغيرات الجيوسياسية التي شهدها العالم في العصر الحديث، إلا أنه فضل العيش في الظل بدلا من استغلال حنكته السياسية وخبرته في تسيير الأزمات، وعلاقاته الكثيرة بسادة القرار بالعالم في خدمة الوطن وأبنائه.

لم يكن حضور الرئيس أحمد بن بلة في الجزائر ظاهرا، حيث عزل من طرف مجلس الثورة في 19 جوان 1965 وظل معتقلا إلى غاية 1980. وبعد إطلاق سراحه، طار إلى فرنسا، أين أنشأ حزب الحركة الديمقراطية بالجزائر وعارض حكم الشاذلي بن جديد، لكن سرعان ما اعتزل بن بلة العمل السياسي، وقبل عرض الزعيم الليبي معمر القذافي بتولي الإشراف على رئاسة اللجنة الدولية لجائزة القذافي لحقوق الإنسان منذ نشأتها عام 1988، لتعمل على دعم النضال الشعبي على المستوى العالمي لتحقيق حرية الإنسان وحقوقه ونصرة قضاياه في كل مكان، والنضال ضد كل أشكال التمييز العنصري والعرقي والديني، وقد كرمت المؤسسة العديد من الشخصيات العالمية على غرار نيلسون مانديلا وفيدال كاسترو والرئيس هوغو تشافيز، التحق نهائيا بالجزائر بتاريخ 29 سبتمبر 1990، حيث لعب دورا في حرب الخليج الثانية، أين كان صديقا مقربا للرئيس صدام حسين الذي استغل علاقاته مع العديد من الزعماء العرب لحل أزمة الخليج، خاصة من  طرف التيار الناصري في السلطة المصرية، وعلى رأسهم الرئيس حسني مبارك والجنرال سعد الدين الشاذلي. ومباشرة بعد انتهاء الحرب عاد بن بلة إلى الجزائر، ليؤسس الهيئة الوطنية لترقية الصحة والبحث العلمي رفقة البروفيسور مصطفى خياطي، رغم أن حضوره في ”الفوريم” كان شرفيا لا أكثر. وفي سنة 1999 أسندت للرئيس بن بلة صفة رئيس مؤسسة عقلاء حكام إفريقيا المنبثقة عن مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي تعمل من أجل مواجهة النزاعات الداخلية والحروب الأهلية في إفريقيا، ولجعل المسارات الانتخابية في إفريقيا تضمن الاستقرار الضروري للسلم والتنمية في القارة.

 زروال.. لم يلب طلب نجله فنفر منه الغير

أمّا الرئيس السابق، اليمين زروال، ومنذ تطليقه السياسة بالثلاث، انعزل تماما عن العالم الخارجي وبقي بعيدا كل البعد عن جميع أشكال النشاطات والأعمال والتجارة، عكس ما يعرف به باقي الرؤساء بعد انتهاء فترة حكمهم، حيث نجد اليمين زروال قد تفرغ لأموره العائلية والخاصة تفرغا تاما، وقد نقل عنه مواطنو منطقته أن الناس كانوا يقصدونه من كل حدب وصوب خلال الفترة التي تلت استقالته من رئاسة الجمهورية، وكان المنزل لا يسع الزائرين، والطلبات كلها تتمثل في تقديم مساعدات أو التوسط لفلان لدى علان، غير أنه لم يكن يلبي أيا من تلك الطلبات، لا لشيء سوى لأنه يكره التوسط، ويروي مقربون منه أنهم لجأوا إليه عدة مرات ليمكنهم من قضاء بعض الأمور، غير أنه وبعد أن علموا بقصة جرت لنجله ”عبد الكريم”، الذي وقع في مشكل كان بإمكان والده حله بمكالمة هاتفية غير أنه لم يتدخل، وكانت هذه القصة المعروفة لدى سكان الأوراس دليلا على رفض الرئيس السابق للتوسط وإسداء الخدمات، تركوه لشأنه وأصبح زروال مواطنا عاديا كغيره من المواطنين بدون بروتوكولات.أما عن يومياته، فإنه وحسب بعض مقربيه يقضي معظم يومه في ممارسة هواياته خاصة منها الصيد، وذلك بالقرب من مدينة المعذر حيث كثيرا ما يشاهده المارّة على متن سيارته على مستوى الطريق الرابط بين المعذر وباتنة، أما عن يومياته فنجد زروال من عشاق النهوض باكرا، وقبل أن يقوم بأي عمل فإنه يطالع عددا من الجرائد اليومية مع ارتشاف فنجان قهوة مع سيجارة من نوع ”مارلبورو”، ولأنّ اليمين زروال من محبي المشي، فنجده يوميا تقريبا يقوم بقطع المسافة التي تربط بين مسكنه بحي بوزوران وملعب أول نوفمبر مشيا على الأقدام، كما يعرف عليه حبه الكبير للسباحة التي لا يدع فرصة إلا ومارسها بالمسبح البلدي، ومن بين الأشياء التي يعرف عليها هو حبه الشديد للاخضرار حيث كثيرا ما شوهد الرئيس السابق اليمين زروال يعتني بحديقته الصغيرة أمام منزله يقوم بسقي الأزهار ويقلم الأشجار، وفيما يخص المواعيد الإنتخابية فإن زروال عرف عليه أنه من الأوائل الذين يقومون بآداء واجبهم الانتخابي بالمركز المسجل فيه   بالمدرسة المجاورة لمنزله بحي بوزوران، كما عرف عليه أيضا أنه من محبي حضور جنائز مرافقيه في الجهاد الذين وافتهم المنية، عرف بتواضعه الشديد مع جميع المواطنين الذين يصادفونه يوميا حيث يبادلهم التحية حيثما التقى بهم، ونفس التواضع مع حرّاسه الذين يتعامل معهم بعيدا عن جميع البروتوكولات المتعارف عليها، أما عن نظرة سكان ولاية باتنة تجاه زروال فنجدها بحسب العديد من الذين تحدثنا إليهم نظرة تقدير واحترام، لأنه حسبهم قدّم لولاية باتنة عددا من المشاريع الهامة التي كانت حلما لطالما راودهم، وأهم هذه المشاريع نجد مطار الشهيد مصطفى بن بولعيد الدولي، والطريق المزدوج، عين ياقوت باتنة، وغيرها من المشاريع الأخرى التي جاءت في عهده، ويبقى زهد زروال في الحكم وطريقة خروجه من السلطة ورفضه الشديد العودة إليها أكثر المواقف التي جعلت سكان منطقة الأوراس يزداد حبهم بزروال المواطن البسيط.

علي كافي.. بحث في فائدة صاحب مذكرات منقحة

علي كافي، الرجل الأول في نظام ما بعد الراحل بوضياف، هو أحد رموز التيار العروبي والوطني في الحكم بالجزائر قبل أن ينسحب من الحياة السياسية شهر جانفي 1994، عرف بانطوائه على نفسه وعدم مخالطة الآخرين، حيث يشاهد في اللقاءات بعيدا منعزلا لا يتدخل مطلقا، عدا ذلك فالرجل لا يبرح الجزائر العاصمة، التي يعيش بها رفقة العائلة، كتوما ومنعزلا عن الآخرين، وعوض أن يكون من سادة الرأي، اختار الرجل الابتعاد والانزواء في العاصمة بعيدا عن ولايته الأم. ”النهار” حاولت التقرب من سكان منطقة الحروش، للحديث عن الرجل وعما قدمه من قبل سكان منطقته، فكان أكثرهم منتقدا لوعد الرئيس الذي لم يف به المتعلق بتحويل دائرة الحروش إلى ولاية، معيبين عليه البقاء في العاصمة، في وقت يزور سكيكدة فقط خلال الاستحقاقات، مضيفين أنه كان بإمكانه تقديم الكثير للجزائر بالتعاون والتنسيق مع دول عربية شقيقة وهو المعروف بالدفاع عن كل ما هو عربي، بعد أن شغل سفيرا للجزائر في أكثر من عاصمة عربية كبيروت ودمشق والقاهرة وتونس، وكانت تربطه علاقات جيدة ببعض الرؤساء العرب من أمثال جمال عبد الناصر والحبيب بورقيبة، إلى درجة أنّ التيار الفرانكفوني في الجزائر كان يعتبره قوميا عربيّا. علي كافي الذي تم تعيينه على رأس المجلس الأعلى للدولة عقب اغتيال محمد بوضياف، ثم أنهيت مهامه الدبلوماسية في عهد الشاذلي بن جديد، عين أمينا عاما لمنظمة المجاهدين ولم يلعب علي كافي أي دور في مرحلة الشاذلي، وبرز اسمه عندما أطيح بالشاذلي بن جديد وعند تشكيل المجلس الأعلى للدولة، حيث أصبح علي كافي ضمن تشكيلة هذا المجلس الذي كان يضم محمد بوضياف رئيسا، وخالد نزار عضوا وعلي كافي عضوا، إلى جانب كل من تيجاني هدّام وعلي هارون. أصدر كافي مذكرات تحدث فيها عن جانب من تاريخ ثورة التحرير وصراعات قياداتها السياسية والعسكرية قبل الاستقلال، حيث صودر الكتاب ثم أعيد طبعه بعد حذف صفحات تتعرض بالإساءة إلى شخصيات وطنية تاريخية، وتم تغريمه رمزيا بدينار واحد.

الشاذلي بن جديد ”خرجات قليلة بتصريحات وصفت بالقنابل

غادر الشاذلي بن جديد عرش قصر المرادية في جانفي من عام 1992 بعد فترة حكم دامت 12 سنة عرفت أعنف أعمال شغب طالت البلاد والعباد، وكادت أن تودي بالجزائر إلى الهاوية يوم 5 أكتوبر 1988، فمنذ ذلك الحين وإلى غاية اليوم تميزت هذه الفترة بالخمول، كون رئيسنا الأسبق لعب دور اللاعب الاحتياطي، بدعوى أن الكثير كان ينتظر منه لعب دور فعال في دفع البلاد إلى الأمام بحكم تجربته على رأس البلاد لفترة دامت أكثر من عقد… لكن المتتبع لشؤون الشاذلي يلاحظ بأنه التزم الصمت واختفى عن الأنظار وكشفته الأضواء في مناسبات قليلة، حيث يعيش في وهران بين الفيلات التي يملكها، ولا يسمع عنه خبر إلا في حال ما إذا كان مريضا فيتوجه إلى فرنسا للاستطباب، وكان ظهور الشاذلي في أغلب المرات يقترن بانتقادات للرؤساء الذين أعقبوه على قصر المرادية، ومن جملة الانتقادات، حين قال ”إن رؤساء الجزائر يؤدون اليمين فيضعون أيديهم فوق المصحف ويقسمون بأن يحترموا الدستور، ولكنهم يفعلون العكس”، وبالتالي ضرورة أن يسترجع الشباب تسيير البلاد حتى يمكنهم بناء المستقبل الذي يليق بهم. هذا التصريح وصف بالقنبلة بدعوى أنه ينتقد ضمنا التعديل الذي أدخله الرئيس بوتفليقة على الدستور ليترشح لعهدة ثالثة، ”تهجمات الرئيس” على كل من وجده طبق سهل التناول طال حتى الأسرة الثورية في خرجة له غير متوقعة في تجمع شعبي بولاية الطارف موجها اتهامات خطيرة للحكومة المؤقتة التي حملها مسؤولية العداء للقاعدة الشرقية بإرسالها جواسيس من ضباط فرنسا، كون الهيئة هذه لم تكن ترغب في إنشاء القاعدة سالفة الذكر التي شكلت  حسبه- محورا أساسيا في استراتيجية الثورة على الحدود من خلال الدعم اللوجيستيكي لجيش التحرير الوطني بإدخال الأسلحة، وهي الخرجة نفسها التي دعا فيها الشاذلي إلى إعادة النظر في كتابة تاريخ الثورة، إضافة إلى الخرجة هذه التي أدلى بها الشاذلي وهو في سن الثمانين والتي أثارت فتنة وسط الأسرة الثورية التي لا تزال على قيد الحياة، فإن الشاذلي ودائما ضمن خرجاته النادرة خلق فتنة أخرى أثارت نرفزة الجنرال المتقاعد خالد نزار، اعتبرها هذا الأخير بمثابة تصفية حسابات قديمة .

رؤساء ووزراء سابقون.. في احتياط الجمهورية.. كاش ما ينوب ربي

قال الحقوقي النشط، بوجمعة غشير، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، أن الرؤساء أو الوزراء السابقون لم يقدموا أي مبادرات سواء اجتماعية أو خيرية للوطن وذلك منذ تاريخ مغادرتهم للجمهورية إلى حد تاريخ اليوم، مرجعا ذلك إلى أن المسألة مرتبطة بالثقافة السائدة في المجتمع وثقافة الممارسة السياسية، لأنه عادة الطبقة السياسية تأتي من أناس لهم اهتمام بالشأن العام، غير أن الممارسة السياسية ببلادنا مرتبطة بشكل كبير بالجهوية والعلاقات الشخصية والولاءات، وعليه فإن مسؤولينا عموما ورؤسائنا وحتى وزرائنا يدخلون السلطة نتيجة ولاءات وحين يخرجون منها تجدهم لا يولون اهتماما للمجتمع لا من الناحية السياسية، ولا الاجتماعية ولا الثقافية، على اعتبار أنهم تمكنوا في وقت سابق من تحقيق غرضهم بالوصول إلى السلطة، غير أنهم ورغم ذلك تجدهم في حالة استعداد تام وترقب مستمر للعودة إلى السلطة ولو من بابها الضيق في حالة إذا تم استدعاؤهم لتولي مسؤوليات أخرى، حيث أضاف قائلا: ”وحين تتقرب من أي مسؤول سابق وتسأله بصريح العبارة ”وينك يا فلان”.. يجيبك ببرودة تامة كأنهم لم يكونوا يوما بالسلطة..”راني في احتياط الجمهورية كاش ما ينوب ربي”..و لهذه الأسباب  يضيف محدثنا- هؤلاء المسؤولين السابقين تجدهم يلتزمون الصمت فلا يعارضون ولا يناقشون ولا يتحركون ولا يتخذون أي مواقف سياسية لكي لا يسببوا لأنفسهم بعض الإحراج لدى الدوائر الحاكمة.. طمعا في الرجوع من جديد للسلطة.

فضلت العيش بباريس ومواصلة مشوارها المهني

أنيسة بومدين: ”لم تكتب حتى مذكرات زوجها

غادر الرئيس الراحل هواري بومدين ”أحمد خروبة” العالم، دون أن يورث عائلته ثروة أو مالا، بل رحل طاهرا من أي فضيحة مالية، عاش زاهدا في الدنيا ولم يكن يعرف عليه حياة الترف والرفاهية، وقد خلفته زوجته أنيسة بومدين وهي سيدة مثقفة حاصلة على دكتوراه درجة ثالثة من جامعة السوربون الجديدة بباريس، وكانت تشتغل في سلك المحاماة. ولها العديد من الإصدارات بالفرنسية: الليل والنهار وهو ديوان شعري صدر لها سنة 1980 ورواية ”نهاية العالم” الذي أصدرتها سنة 1992. يبدو أن حظ الزعيم الراحل هواري بومدين في هذه الدنيا كان ضعيفا جدا، مع أن المكانة التي يشغلها الرئيس بومدين في قلوب الجزائريين مميزة، فلم تعنى لا الحكومات المتعاقبة على الجزائر ولا عائلة الفقيد، وعلى رأسهم زوجته المثقفة تخليد ذكرى هذا الزعيم العربي، ورغم أن عقيلته مثقفة وتجيد أكثر من لغة، إلا أنها لم تكلف نفسها عناء كتابة مذكرات هذا الرجل الذي ساهم في تسطير ملامح العالم الجديد، خاصة تأثيره على دول عدم الانحياز ومساهمته في أزمة البترول العالمية والحرب العربية الإسرائيلية، حيث فضلت أرملة الرئيس الجميلة الاستقرار في العاصمة الفرنسية باريس، حيث أنهت دراساتها العليا واشتغلت في مهنة المحاماة وألفت العديد من المؤلفات، إلى جانب وسامات شرفية ودبلوماسية في العديد من العواصم العربية والعالمية، دون أن تخصص لزوجها جمعية خيرية أو مؤسسة كما هو حال جميع عقيلات الرؤساء في العالم، أو تخصيص جزء بسيط من حياتها لذكرى الرجل وكتابة مذكراته وترجمتها للغات الحية، حتى يفهم العالم فكر هذا الرجل الذي قاد العالم الثالث لعقد من الزمن.   ومن سوء حظ الرئيس أيضا، أن مشروع الفيلم التاريخي والذي سيعتمد إمكانيات ضخمة، والذي من المرتقب أن يشرع في تصويره مطلع الشهر المقبل، أسند للأجانب كتب السيناريو ”بومدين.  

سامي سي يوسف

كارتر”، ”بلير” وغيرهم.. مسؤولون رفضوا التخندق بعد انتهاء مهامهم

كثيرا ما يعود رؤساء الدول والحكومات والوزراء في البلدان المتقدمة إلى النشاط الجمعوي والحقوقي بعد انتهاء مهامهم، ويساهم هؤلاء بحكم معرفتهم لخبايا الحكم في حل مشاكل شعوبهم والمساهمة في حل مشاكل أوطانهم والنهوض بها وترقية سمعتها على المستوى الدولي.في الولايات المتحدة الأمريكية، يساهم الرئيس الأسبق ”جيمي كارتر” بقوة في النشاط الحقوقي والسياسي، خاصة وأنه لم يتوقف عن النشاط منذ انتهاء عهدته عام 1982، حيث عاد كارتر إلى مسقط رأسه في بلينيز بجورجيا وأسس مركزا يحمل اسمه، مهمته الدفاع عن حقوق الإنسان. لقد قامت جمعية كارتر إلى غاية اليوم بأعمال خيرية في 65 دولة، كما كان كارتر في خدمة الولايات المتحدة الأمريكية طوال المدة التي قضاها بعد رحيله، حيث كلفته الحكومة الأمريكية بالعديد من المهام الدبلوماسية في كوريا وهايتي والشرق الأوسط وإفريقيا. ويشارك الرئيس الأمريكي الأسبق أيضا من خلال كتبه ومؤلفاته، حيث قام بتأليف 14 كتابا منها ما تناول مذكراته خلال فترة حكمه، ولا يزال الرئيس الأمريكي الأسبق ينشط كأحد دعاة السلام، وهو المنحى الذي تسير فيه مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة التي وافقت مؤخرا على الالتحاق بمجلس المراقبة التابع لمعهد الأبحاث والتعليم الجديد في لاهاي، ويدعى رسميا معهد العدالة الدولية وسيمنح هذا المعهد شهادة مرموقة في السلام، الحقوق والأمن العالمي وذلك بالتعاون مع جامعة لايدن.وعلى غرار كارتر وأولبرايت في الولايات المتحدة الأمريكية، نجد طوني بلير في بريطانيا وهو الذي استقال من رئاسة الوزراء في 27 جويلية 2007 لكنه لم يتوقف عن ممارسة السياسة.                  

محمد. ب

رابط دائم : https://nhar.tv/f5354
إعــــلانات
إعــــلانات