إعــــلانات

ستين ساعة مع ''نينجا'' 2008

ستين ساعة مع ''نينجا'' 2008

هم شباب مفعم بالحيوية والنشاط، زادهم الخبرة والصرامة، شعارهم محاربة الفساد وقمع الإرهاب والجريمة الكبرى بشتى أنواعها، هدفهم النهائي والوحيد هو الدفاع عن الوطن ونصرة المظلوم وتأدية الواجب بأمانة وصدق والسهر على تطبيق القانون.

هم عناصر فرقة البحث والتدخل التابعين للمصلحة الولائية للشرطة القضائية لأمن ولاية الجزائر، الذين رافقتهم ”النهار” وكانت أول صحيفة تقتحم وتكشف أسرار ودواخل رجال شعار مهنتهم السريةوالخطر.

 

”النهار” قضت مع عناصر الـ ”بي. أر. إي” 60 ساعة، على مدار خمسة أيام، كانت نوعا ما كافية لننقل لكم الصورة كاملة.

 

أول مرة شاهدتهم فيها كانت في اليوم الثالث من شهر رمضان بمحكمة الحراش، يومها قاموا بتقديم 15 متهما وجهت لهم تهم الانخراط في جماعة إرهابية والتخطيط لتفجيرات البويرة، سعيت جاهدةإلى أخذ بعض المعلومات عن القضية، إلا أن صرامتهم وبنيتهم القوية وتطويقهم للمنطقة حال دون ذلك. حاولت معرفة من هم فقيل لي إنهم الـ ”بي أر إي” الفرقة الأكثر ”قوة وخبرة في مكافحةالإرهاب”.. الفضول والإعجاب بعملهم دفعني إلى العمل على التقرب منهم فكان لي ذلك.

 

في البداية، تقدمنا بطلب إلى المديرية العامة للأمن الوطني التي منحتنا موافقتها، انتقلنا بعد ذلك إلى مقر أمن ولاية الجزائر، حيث وقفنا على سير عمل فرقة البحث والتدخل، كما تعرفنا إلى بعضأفراد الفرقة، فضلا عن استقبالنا من طرف رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية، بعدها تم الاتفاق مع محافظ شرطة، حيث وعدنا هذا الأخير بالاتصال فور مباشرة التحقيق في القضية التي كانتمحل تحر منذ أكثر من شهر.. غادرنا المقر على أمل أن يتم الاتصال بنا بعدها. وبعد حوالي 10 أيام كان لنا ذلك، هاتفنا المحافظ وطلب منا الحضور إلى أمن ولاية الجزائر صبيحة يوم الثلاثاءالمنصرم على الساعة الثامنة صباحا.. لقد كان المستجد في القضية هو أنه تقرر السماح لنا بمرافقة عناصر فرقة البحث والتدخل المعروفين بصرامتهم وسريتهم الكاملة في البحث والتحري، وبالتالينقل الوجه الآخر لرجال يبدون للعامة على أنهم أشداء ويقال عنهم إنهم لا يبتسمون.

 

لا يأكلون ولا ينامون ويهجرون منازلهم لتأدية الواجب بصدق وتواضع

 

الساعات التي قضيناها برفقتهم بيّنت لنا جوانب مهمة من يوميات رجال اختاروا مهنة كل الأخطار.. رجال يعملون في سرية تامة، يؤدون الصلاة في مكاتبهم، يقضون يوما كاملا دون أكل بعيدا عنأهاليهم وأبنائهم، ليلهم كنهارهم، لا يغمض لهم جفن لكنهم يشعرون بالارتياح والفرحة بعد تأدية واجبهم.

 

لسنا نبالغ في هذا التقديم، لكننا نحاول قدر المستطاع نقل حقيقة لمن لا يعرفونها، عن من قادوا أكبر عمليات التحقيق والتحري في كبريات الفضائح المالية وتمكنوا بنجاح من إحباط عمليات إرهابيةوتفكيك شبكات الدعم والإسناد وكانوا وراء توقيف مسؤولين كبار في قطاعات عمومية مختلفة، مثل قضية مدير الخدمات الاجتماعية شرق، وقضية الرشوة التي تورطت فيها المديرة الجهوية للجماركالتي أدينت مؤخرا بـ12 سنة سجنا…

 

”النهار” كانت أول صحيفة ترافق عناصر فرقة البحث والتدخل، حيث رافقنا وعلى مدار خمسة أيام كاملة عناصر فرقة يظنها الكثير من العاصميين بأنها ”فرقة النينجا” طبعة ,2008 نسبة إلىزيهم الأسود المُهاب.

 

حصل على وظيفة وشقة بموقع ”عدل” فطلبوا منه 65 مليون مقابل قرار الاستفادة

 

كان اليوم ثلاثاء، وكانت عقارب الساعة تشير إلى الثامنة والنصف صباحا. موعدنا كان بمقر أمن الولاية، وتحديدا في الطابق الأول، دخلنا مكتب فرقة البحث غرب، كان عناصرها بانتظارنا، تلقيتشروحات عن حيثيات القضية لوضعي في الصورة، تلا ذلك ما يعرف بـ”البريفينڤ” وتم من خلاله وضع النقاط الأساسية وتوزيع المهام. كما تم تقسيم الأفراد إلى خمس فرق كل فرقة يرأسهاضابط.

 

كانت الساعة التاسعة و20 دقيقة صباحا عندما انطلقت العملية، ركبنا السيارة وسلكنا الطريق المؤدي إلى موقع ”عدل” بعين النعجة. في هذه الأثناء قامت باقي الفرق بالانتشار في المناطق التي تمتحديدها لمراقبة المتورطين في القضية من دون أن تثير انتباه أحد، خاصة وأن التحريات توصلت إلى أن كلا من الضحية والمتهم قد اختارا موقع عين النعجة للالتقاء لاستلام مبلغ مالي قدرت قيمتهبـ65 مليون سنتيم. بقينا هناك ننتظر لساعات، اتصالات مكثفة بين محافظ الشرطة وباقي عناصره، تمر ساعة، اثنتان، ثلاث ساعات، إلى أن رن هاتف المحافظ :”بروسات، هل أنتم متأكدين، سنلتقيهناك في الحين، اتصل برفقائك وأعلمهم”، يتحدث إلينا المحافظ ويقول ”لقد غيروا الخطة سيتم اللقاء في منطقة بروسات بحسين داي لاستلام الأموال”.

 

بسرعة البرق انتقلنا إلى المكان المحدد للقبض على المتهم وهو في حالة تلبس، خاصة وأن القضية تتعلق بقضية رشوة راح ضحيتها مواطن استفاد من ”سكن إلزامي” تابع لوكالة عدل بعدما تمتوظيفه كحارس لبناية بموقع عين المالحة الكائن ببلدية بئر خادم، حيث وبعد مرور 15 يوما على التحاقه بالمنصب تقدم أمام المقاول الذي قام بتوظيفه من اجل استلام قرار الاستفادة، ليتفاجأ الضحية أنهذا المقاول الذي لعب دور الوسيط رفقة كل من مناوب مكلف بصيانة المصاعد على مستوى الوكالة، رئيس بلدية باب الزوار الأسبق، وعون أمن بموبيليس ببئر توتة، بمعية متورطين آخرين عملوابالتواطؤ مع مدير التسيير العقاري لدى وكالة ”عدل” الذي عمل في وقت ليس ببعيد كاطار بالمفتشية العامة للمالية، يطلب منه دفع مبلغ 65 مليون سنتيم مقابل بقائه في منصبه ويهدده بالطرد منالمسكن ومن الوظيفة إذا لم يدفع القيمة المحددة، حتى أنه طلب منه إحضار صديقه على أن يدفع هو الآخر نفس المبلغ لتصل بذلك القيمة المالية إلى 130 مليون.

 

كمين بدأ في عين النعجة وانتهى بحسين داي

 

 

تعرضه للمساومة والابتزاز رغم أن وكالة ”عدل” أقرت بضرورة استفادة كل حارس بناية من سكن إلزامي كما يخوله القانون دون أن يدفع أي مبلغ مالي، أدى بالضحية إلى التقدم أمام فرقة البحثوالتدخل للتبليغ على أن عمليات التوظيف والحصول على سكن في ”عدل” تتم بصفة مشبوهة بإشراف إطارات الوكالة، ليتم الاتفاق بينه وبين عناصر فرقة البحث والتدخل للإطاحة بسلسلة المتهمين منخلال نصب كمين أفضى إلى توقيف كامل المتورطين في ظرف أسبوع بعد أن رسم أفراد الـ ”بي أر إي” خطة محكمة بفضل مهاراتهم وخبرتهم في مكافحة الفساد والإجرام بشتى أنواعه.

 

انتظروا قدوم المقاول، بعدها حضر الضحية وصعد على متن سيارة من نوع ”سيتروان ساكسو” ملك للمتهم، وبعد حوالي نصف ساعة من التضليل وتغيير المواقع تمت عملية استلام المبلغ المالي،وفور تلقيه لمبلغ 65 مليون سنتيم قام عناصر الفرقة بمحاصرة السيارة، حيث بدأوا في استنطاق المقاول وتوصلوا لتفكيك المخطط الذي انتهجته شبكة المحتالين، إذ قام المقاول بالكشف عن شريكه وهوبطال” اعتاد الاحتيال والنصب والذي كان من المفروض أن يلتقيه المقاول مباشرة بعد تسلمه للمبلغ، هذا الأخير قام بدوره بالتبليغ عن باقي شركائه الذين تم إلقاء القبض عليهم الواحد تلو الآخر، منبينهم مدير التسيير العقاري بوكالة ”عدل”، ورئيس بلدية باب الزوار الأسبق الذي أكد من خلال التحقيق معه أن مدير التسيير العقاري أعطى الضوء الأخضر لتوزيع السكنات مقابل الرشوة. ”

 

مقاولون، مدير التسيير العقاري  و”سمساران” رهن الحبس

 

أودع قاضي التحقيق بالغرفة الثانية على مستوى محكمة حسين داي، مدير التسيير العقاري بوكالة تطوير السكن ”عدل” بمعية مقاول إلى جانب مناوب مكلف بصيانة المصاعد على مستوى مواقععدل” رفقة سمسارين، أحدهما ينحدر من ولاية تبسة الحبس المؤقت، بعدما وجهت لهم تهم سوء استغلال الوظيفة، الرشوة والنصب والاحتيال، التزوير واستعمال المزور. فيما أمر بوضع كل منالرئيس الأسبق لبلدية باب الزوار وكذا عون أمن بشركة موبيليس ببئر توتة تحت الرقابة القضائية. ”

 

وعن ملابسات القضية التي عايشت ”النهار” كل مراحلها، فإنها تتعلق بالتلاعبات التي طالت السكنات الخاصة بوكالة ”عدل” المخصصة لحراس المباني وكذا المنظفات الذين تمنح لهم شققا علىمستوى كل موقع، إلا انه صادف وجود محتالين، منهم إطارات استغلوا الفرصة للربح السريع عن طريق طلب رشوة مقابل كل شقة تقسم على كل واحد من الوسطاء كل حسب مهمته، إلا أن يقظةالضحية كان وراء كشف التلاعبات بالتلبيغ عنهم لدى مصالح الأمن الذين أوقعوا بالمتهمين السبعة.
رابط دائم : https://nhar.tv/MiEFJ
إعــــلانات
إعــــلانات