إعــــلانات

سجناء يطالعون الصحف، يشاهدون الفضائيات، ويخرجون في اجازة..سجناء لا تنقصهم الا..الحرية

بقلم س.ن
سجناء يطالعون الصحف، يشاهدون الفضائيات، ويخرجون في اجازة..سجناء لا تنقصهم الا..الحرية

شعور موحش أن تبقى بلا هاتف نقال ساعتين أو ثلاث من الزمن، وأوحش أن تكون داخل سجن

لكن احساسا غريبا بالارتياح والرغبة في الاكتشاف أكثر اعتراني وأنا أقتحم ما وراء أسوار سجن بوالصوف بقسنطينة الحديث لأول مرة، وزادت رغبة الفضول أكثر ونحن نكتشف عالم السجن المخفي والمبهم الذي لا نعرف عنه كجزائريين سوى ما تحتفظ به الذاكرة من لقطات أفلام عندما يرمى مساجين يكونون في العادة ابرياء وسط صعاليك السجن من مترمسي الاجرام واللصوصية.. في 2008 لم يبق السجن مجرد قضبان وأسوار بل صار مجتمعا حقيقيا يعيش ظروفا أكثر ملاءمة من ذي قبل، حتى أن النزيل اصبح لا ينقصه شيء..اللهم الا الحرية التي يراها الجميع على رؤوسنا تاجا..ونحن نتجول داخل أسوار السجن كان الكل يرمينا بنظرات الاستغراب وكثيرون كانوا يسألون أنفسهم عما جاء بنا الى هنا لأنه يفترض أن نستمتع بكل ثانية  خارج السجن ونستشق ملء أنوفنا عبيرها.. داخل السجن 1473 مسجونا 131 منهم بين مؤبد واعدام، كانت لنا فرصة للحديث مع عينة ممن حكم عليهم بالحياة وراء القضبان فاكتشفنا تمسكا منقطع النظير وأملا كبير فيها لا يملكه عدد كبير من الشباب الذين يرمون بأنفسهم في قوارب عرض البحر بحثا عن الحياة المريحة وراء الضفة الأخرى.

سجن 2008 لم يبق كسجن 1992
كل شيء نظيف داخل وخارج مؤسسة اعادة التربية بوالصوف، حتى أنه يخيل اليك وأنت تلج المؤسسة أنها ستدخل ادارة شركة عملاقة ، عندما تتوغل أكثر داخل السجن تشتم رائحة المستشفيات و تشعر في احساس آخر بأن الأمر يتعلق أيضا بثكنة عسكرية لا مؤسسة اعادة تربية، كل شيء يسير بريتم معين، النزلاء منضبطون في صف واحد، لا تسمع أي حركة غير عادية، وصولونا الى السجن تصادف مع نهائي دورة كرة القدم التي اقميت ترحما على روح الفقيد بولحديد مختار الذي توفي قبل سنوات داخل السجن ويقال أنه كان مثالا في التربية والأخلاق وحاز على شهادتي باكالوريا حيث  كان ممثلو الاجنحة وعددهم حوالي 200 بلباسهم الأصفر يناصرون فريق الجناح “أ” وقائده سفيان الذي له تشكيلة لا يقوى عليها أي جناح بما أنه قهر 35 فريقا في هذه الدورة، وفي الوقت ذلك كان أحدهم يلعب دور الممرض بكل تفان، اكتشفنا أنه ليس عاملا ولا سجانا بل أحد نزلاء المؤسسة ومتابع بعقوبة المؤبد رفض أن يسمي التهمة واكتفى بعبارة “أخطأت وندمت”، رغم ملامحه و ابتسامته المرسومة بشكل مستمر على وجهه الا أن (حسان.ب) عد  16 سنة بالأيام والدقائق والثواني بين 4 جدران ، يقول:” كنت مسؤول مصلحة في مستشفى الخروب، بحكم أنني تقني سامي في الصحة خطأ واحد وجدت نفسي ارتكبت جريمة، ما حدث قضاء وقدر وأتمنى أن تخفف العقوبة واستفيد من اجراءات العفو الرئاسي لأنه لم يمسنن، صحيح أننا نعيش أفضل بكثير مما كان عليه الحال سنة 1992 عام دخلت السجن لكن لا يوجد أفضل من الحرية” اعترافات كثيرة من قدامى السجناء أنهم صاروا يعيشون ظروفا افضل بكثير بعد 6 فيفري 2005 ومشروع الاصلاحات عندما تغيرت الأمور رأسا على عقب حيث صار لهم الحق في مطالعة الجرائد، ومشاهدة القنوات الفضائية والمباريات الكبيرة والافراج المشروط و الحصول على الاجازة من يوم واحد حتى 10 أيام والحرية النصفية  والرعاية الطبية المتوفرة التي أكد لنا مدير السجن السعيد زرب أنها لا تتوفر حتى خارج السجن الا أن كل هذا لا يمكن أن يغني في شيء عن الحرية.

الزيارات المقربة..بلا حاجز ولا هاتف
الحياة في السجن تشعرك بالرغبة في الخروج من الذات لكن التعود عليها مثلما يقول (ق.علي) 43 سنة مدان في قضية مخدرات تجعل الانسان يألف ويقتنع بمصيره،  السجن لم يبق موحشا كذي قبل فسجناء بوالصوف والمؤسسات الأخرى ليس لهم الحق في زيارات عائلية من وراء الزجاج وحسب، بل لهم الحق حتى في الزيارات المقربة لأسباب انسانية وهذه الزيارات تسقط فيها كل الحواجز وتكون مباشرة مع الأهل والأحباب بالنسبة للمرضى و في المناسبات الدينية وعند ازديان مولود وحسب السيرة التي تعتبر الرتبة المعتمدة داخل السجن، الزيارات المقربة بلا فواصل هي احدى اصلاحات السجون وسبق لسجن بوالصوف أن جمع عائلات المساجين بصفة جماعية في ساحة المؤسسة مؤخرا ، كما يسمح للسجين بمتابعة دراسته حيث دخلنا مختلف الأقسام من محو الأمية الى الباكالوريا أين يرتدي المساجين المئزر فوق بذلة السجن الصفراء ، 3  مساجين فقط هذا العام بعد أن كانوا 20 سنة 2005 لهم حرية نصفية حيث يرتدون صباحا لباسهم المدني ويتوجون نحو مركز التكوين المهني المجاور وتمنحهم ادارة السجن مبلغا من نقودهم مصروف قهوتهم ونقلهم قبل العودة ليلا، حيث يخرجون دون حراسة، ومعلوم أن لكل مسجون رصيد نقدي لدى ادارة السجن له الحق خلال كل اسبوعين في افتناء ما يشاء منه مقابل مبلغ مالي لا يتعدي 800 دينار، المهم أن لا يشتري مادة سائلة يعجز السكانير عن تحليلها بما أن مدير السجن كشف لنا وجود محاولات لادخال الكيف مذوبا في المشروبات، كما يحق لكل سجين زيارة عائلية وقفة بشرط أن لا يتعدى وزنها 10 كلغ، كما له الحق في الاتصالات الهاتفية خاصة في الحالات الانسانية أين سخر المدير مرات هاتفه لنزلاء المؤسسة.

النزلاء يشاهدون الشام، أبو ظبي ،mbc ،لقاءات الوفاق ولاليقا الاسبانية
السجناء لهم الحق أيضا في الانخراط في مختلف الورشات حسب المستوى التعليمي، حيث هناك مصلحة اعادة الادماج التي تتلقى طلبات وتقوم بالتصنيف، على مستوى هذه المصلحة  أكثر من 1676 كتاب معظمها تعليمية، وفيها كتب متنوعة وروايات ولكل نزيل أن يستعير أي كتاب، ولمن تقل أعمارهم عن 35 سنة لهم أن يستفيدوا من حصص في الاعلام الآلي، كما يحق لأي نزيل مطالعة الصحف فالقانون سابقا كان يمنح للسجين حرية مطالعة الصحف التي تجلبها عائلته فقط خلال الزيارات، الآن تغيرت الأمور وصارت كل مؤسسة يوميا مطالبة بتوفير نسخة لكل 30 نزيلا، بمعنى حوالي 150 نسخة في مؤسسة بوالصوف، 7 عناوين توزع جريدتان بالفرنسية خصيصا للأجانب الذين يطلبونها، تحتوي مصلحة اعادة الادماج على ما يسمى القناة المصغرة التي تعتبر مركز البث حيث يتحكم مسؤولها فيما يعرض على النزلاء، حيث بامكانهم مشاهدة القناة الأرضية من زنزاناتهم بشكل دائم وأحيانا يتغير البرنامج و يسمح لهم بمشاهدة مسلسلات مدروسة جيدا مثل مسلسل زمن الأوغاد في الشام، وآخر من mbc وحصص في الكويت و أبو ضبي والليبية حسب برنماج هذا الأسبوع الذي كان معلقا على الحائط، مسلسلات تم اختيارها بدقة كبيرة لأن التعامل مع السجناء يتم وفق احتراز واحتياط كبيرين حتى أن الأفلام التي تعرض عليهم  يتم فصحها والتدقيق فيها وقص كل ما يخل بالآداء العامة وكذلك منع أي لقطة تحرض على التمرد في السجن، مدير السجن أكد أن حتى الجرائد التي تنشر أخبارا مماثلة عن تمرد أو حرق أو عمل خطير على  مستوى أي مؤسسة تمنع عنهم وهو القرار الذي اعتمد في اطار اصلاحات السجون التي كان من بين ما قررته استبدال الأغطية والأفرشة بأخرى غير قابلة للاشتعال، ويبقى أنه من حظ النزلاء أن المؤسسة تتوفر على بطاقتي اشتراك آرتي والجزيرة لا تتوفران الا لمحظوظين خارج السجن ما سمح لهم يوم زيارتنا بمتابعة مقابلة وفاق سطيف مساء أمام طلائع الجيش المصري حيث كانت التكهنات تصنع الحدث بين السجناء خاصة المعروفون بحبهم للوفاق من المناطق المجاورة لسطيف الذين راهنوا على فوز “الكحلة”.

ياما في السجن..معاليم
ونحن نتجول داخل السجن والأقسام وجدنا (سعيد.أ) يلقي درسا في اللغة الفرنسية لطلبة البكالوريا لكنه تحت مئزره بذلة السجن، لم يكن استاذا في اطار عقود ما قبل التشغيل من بين 18 الموظفين ، بل اكتشفنا أنه نزيل تكلمنا معه فقال:”أنا طبيب قمت بدراسات باللغة الفرنسية، وبسبب نقص المدرسين في هذه المادة لجأت الي ادارة السجن وانا تحت تصرفهم”، سعيد الذي يبدو في حوالي الستين من عمره يملك شهادتي طلب عام وأخرى في طب النساء، رمت به الأقدار رفقة رئيس مصلحة في مستشفى الخروب وكذلك الشأن بالنسبة لـ (جمال.ب) كان رئيس مصلحة في مستشفى قسنطينة الذي يقضي عقوبة 10 سنوات هنا، حيث يتذكر بألم كبير أنه اشتبك مع احدهم وجعله الله سببا في وفاته.. هذا الأخير حصل على شهادتي باكالوريا في 5 سنوات قضاها في السجن، وغير هؤلاء كثيرون من الاطارات والمدراء الذين وجدوا أنفسهم على حد سواء وفي درجة واحدة مع البطالين بلباس موحد لا يفصل بين الجميع الا الانضباط و حسن السيرة ليتحول المثل المصري الذي تعودنا سماعه من “ياما في السجن مظاليم” الى “يا ما في السجن مظاليم”.

عبقري يبحث عن سادس باكالوريا ويناشد رئيس الجمهورية
ولم يكن من المعقول أن نزور سجن بوالصوف في مهمة عمل دون أن نصل الى العبقري (عبد السلام.ز) الذي حصل على البكالوريا 5 مرات، بمعدلات تتراوح بين 12 و14 حيث كان آخر معدل حصل عليه العام الماضي 14،10 بتقدير “جيد” ورغم ذلك لا يحق له الاستفادة من الحرية النصفية ومزاولة الدراسة خارج أسواء السجن لأن القانون يمنعه من ذلك ويسمح بالحرية فقط لمن تبقى من عقوبته أقل من سنتين في حين أكمل هو 14 سنة وتبقت له 6 سنوات، الأمر الذي دعاه عبر “النهار” ليوجه رسالة الى رئيس الجمهورية يطالبه فيها بتمكينه بالاستفادة من رخصة استثنائية لـ “الحرية المشروطة” انطلاقا من انضباطه ونتائج الدراسية وكذلك لأنه مريض، عبد السلام أكد أنه من شاهده من رعاية طبية لم يره في حياته خارج السجن ومع ذلك فانه يلتمس تقليص عقوبته من طرف القاضي الأول في البلاد، و قال أنه رغم شيء لا يتمنى أن يرى أي شاب في هذا المكان.. ما وقفنا عليه هو أن معظم من تحصلوا على الباكالوريا محكوم عليها أحكاما طويلة في تمسك منقطع النظير بالحياة واحتفاظ بالأمل لا يملكه الشباب الذين “يوجدون في نعمة ويكفرون بها” على حد تعبير نزيل يتجاوز الـ 60 سنة من عمره لنكتشف أن المزراع إلذى يكدح أمله في الحصاد، و التاجر التي يخاطر بالأسفار والمخاطر ومفارقة الأهل والأوطان، أمله في الربح، و الطالب الذي يثابت ويسهر أمله في النجاح، و المريض الذي يحبب إليه الدواء المر أمله في العافية، في حين تسمك السجناء بالحربة سببه الأمل الكبير في الحياة.

سفيان قائد الجناح “أ” اشتاق السي.آس.سي و “المخالطة” سببه
ولم تكد تشير عقارب الساعة تشير الى الحادية عشر والنصف حتى كان نهائي الدورة الكروية قد اختتم بفوز منتظر لفريق سفيان قائد الجناح “أ” الذي لا يقهره أحد، سفيان بلباسه الرياضي الذي يحمل الرقم 10 وبشارة القائد ودون أن يستحم مباشرة كان له حديث مع “النهار” بنبرة ملؤها الحزن أكد أنه محكوم عليه بـ 10 سنوات سنجن قضى منها 4 سنوات وأشهرا في قضية سرقة موصوفة لكنه طعن واستأنف في الحكم لهذا لا يحق له الاستفادة من تدابير العفو، أكد لنا أنه ابن حي الأمير عبد القادر و أنه اشتاق لشباب قسنطينة الذي يعشقه كما اشتاق مكانه في المدرجات مع الأنصار لكنه لا ينسى أنه قبل دخوله السجن تابع آخر مباراة للفريق في القسم الثاني أمام 60 ألف مناصر قبل 4 سنوات “عندما يسند الأمر لغير أهله انتظر الكارثة وهذا ليس في السي.آس.سي فقط ولكن في الكرة الجزائرية ككل” قال سفيان الذي لم اغتاض لما وصله فريقه ولم ولم يمانع أن نذكر اسمه الكامل مؤكدا أن سبب ما هو فيه هي “المخالطة” التي رمت به في المكان الذي لم يكن ينتظر أن يجد نفسه فيه وهو الذي لا يتجاوز 24 سنة.

البترول بـ 112 دولار، والشعب كله صار في “حرية مؤقتة”
ولأن الجرائد تصل السجناء بشكل يومي كما أن هناك 140 تلفزة في السجن بمعدل تلفزيون في كل زنزانة فان المساجين مطلعون على ما يحدث خارج الأسوار بشكل مستمر حيث أن أول رد فعل عند حديثنا عما يوجد خارجا قال سجين يبلغ من العمر 45 سنة ” البترول وصل 112 دولار والحياة بقيت نفسها، لا شيء تغير الشعب لا زال يعيش الفقر ويأكل من المزابل، نتمنى أن تتحسن الظروف، ان لم تكن من أجلنا فمن أجل هذا الشعب الذي يجمعنا معه وطن وعلم واحد”، وطنية المساجين لم نفهمها فقط من خلال كلامهم بل من خلال تحية النشيد الوطني على هامش نهائي دورة كرة القدم وكأنهم جنود فيما كان أحدهم يضع يده على قلبه، السجين ( ف.علي) يقول:”ارحموا الباب يا مسؤولين، البطالة تلتهمهم والفراغ يقلتهم والسجن يترصدهم، اعتبر  معظم الشباب في حرية مؤقتة وخطأ واحد ولو كان صغيرا قد يأتي بهم الى هنا ليقاسمونا المكان، الشباب لو وجد اهتماما أكبر لما رمى بنفسه في أعماق البحر حتى أن كلهم يقولون يأكلني الحوت أفضل من الدود”، المنتخب الوطني وكرة القدم تستهوي نسبة عريضة من النزلاء الذين لم يهضموا ما وصله حال المنتخب الوطني من تردي في النتائج أحدهم قال لنا: ” اعتقد أن المحترفين يتلاعبون فقط بنا ففريق 1982 تأسس بلاعبين معظمهم محليون، يجب على سعدان مراجعة سياسته التي قد تجعلنا نغيب عن المونديال مرة أخرى” وهي عينة من المواضيع التي يتداولها الجميع أوقات الفراغ التي لم تبق طويلة كما كانت من قبل.

6 أجانب، سجين عمره 82 سنة وآخر بعمر  المؤسسة
لا يضم السجن أي شخص متابع بتهمة تتعلق بالجماعات الارهابية، لكنه في المقابل يتضمن 6 أجانب حيث وجدنا نيجيريا ضخم الجثة يتابع دروسا في اللغة الفرنسية علمنا فيما بعد أنه محكوم عليه بتهمة عدم تقديم مساعدة لشخص على حافة الموت، كما يضم مغربيا متابعا في قضية مخدرات وفرنسيا من بين المتابعين في قضية السلاح الذي دخل عبر ميناء سكيكدة في أخطر شبكة حيث لا زال التحقيق جاريا في القضية التي لم يحاكم فيها هذا الرعية الذي يطلب بشكل مستمر تزويده ببعض الصحف الجزائرية الناطقة بالفرنسية لعله يطالع خبرا يعيد له الأمل ويقرب موعد محاكمته، ويضم السجن فضلا عن هذا عبر أجنحته السبعة أكبر سجين وهو (السعيد.ب) الذي يبلغ من العمر 82 سنة ويبدو أنه عميد السجناء على المستوى الوطني متابع بجناية القتل العمدي، ويضم أيضا سجينا بعمر المؤسسة التي افتتحت يوم 6 فيفري 2002 وتهمته السرقة الموصوفة ويتعلق الأمر بـ (رضوان.م)، في حين أصغر سجين هو (رشيد.ق) من مواليد 1988 حكم عليه بأربع سنوات نافذة بتهمة السرقة الموصوفة أيضا ويغادر في جانفي 2011، في حين أحدث سجين دخل المؤسسة هو (جمال الدين.خ) الذي حول 24 ساعة قبل وصولنا من سجن عين البيضاء ومتهم بالقتل العمدي.

زنزانات تقسم حسب مستوى الاجرام،السن والمستوى
لم نكن نعتقد في يوم ما أن نجد كل تلك الرعاية الطبية داخل السجن بشكل جعل مؤسسات أخرى تحول حالاتها الى مؤسسة بوالصوف التي تتوفر على طاقم طبي تترأسه السيدة قنون حيث يكفي للسجين أن يملء ورقة يطلب فيها موعد مع الطبيب أو جراح الأسنان، أو حتى الطبيب النفسي ليستفيد مما يريد وهي الرعاية التي لا توجد حتى عند  من هم خارجا، سجناء وجدناهم يحلقون لحاهم لبعظهم البعض لأن هذا من حقهم مرة واحدة في الأسبوع، في حين من حق الجميع حمامين في الأسبوع وقد يصل المعدل 3 في خاصة في الصيف لأن الماء متوفر يوميا، الكل يتحدث عن المعاملة الجيدة من طرف حراس السجن بخلاف سجون أخرى في الجزائر حتى أن سجينا مر على 3 مؤسسات عقابية أكد أنه لم ير سجنا كهذا في حياته، الجميع يشكر الخدمات المقدمة لكن لا أحد يمكن أن يستغني بكل مال الدنيا عن الحرية التي تقيدك وتجعلك تصبر على سيجارة حتى الخروج الى الفناء وتجعلك تفقد الدفء الأسري والجلسات العائلية التي لا يعوضها شيء، حتى وان كان المساجين كونوا صداقات الا أنها مؤقتة تنتهي بمدة العقوبة لأن الكل سيضع خطا أحمرا على هذا المكان الذي يشعرة بالذنب و بالحرية المغتصبة، ويشعره أيضا بالرحمان حتى من سرير فالاكتضاظ الذي تعيشه المؤسسة لن يوصل معدل سرير واحد لكل سجين الا عند افتتاح سجن في تبسة وآخر في أم البواقي فزنزانات 32 سريرا تضم 40 نزيلا أو ما يزيد بعظهم يفترش الأرض، في حين زنزانات 4 يسكنها 6 وهكذا..هذا ما دعانا لمعرفة الطريقة التي يقسم بها المساجين حيث نتذكر فقط لقطات من أفلام عادل امام عندما يرمى وسط صعاليك السجن حيث عرفنا أن المبتدئين أي الذين يدخلون السجن لأول مرة يكونون وحدهم، ويلعب المستوى الثقافي والسن دورا في توزيع السجناء الذين يحق لهم المطالبة بتغيير الزنزانة في حين الانفرادية فقط لأصحاب العزلة الطبيبة الذين يشكون أمراضا معدية والمحكوم عليهم بالاعدام وهو الحكم الذي لا يقع قانونا بما انه ألغي في الجزائر منذ سنة 1993 حيث ينتظر أصحابه تخفيضا لتحول عقوبتهم الى المؤبد ويسمح لهم بالانصهار والاحتكاك مع الآخرين، وكانت “النهار” قد تجولت قرب زنزانات هؤلاء ورأت الضحكة في بعض الوجوه مثلما لم ترها في وجوه شباب قدموا استقالتهم من الحياة.

رابط دائم : https://nhar.tv/AMzSD
إعــــلانات
إعــــلانات