إعــــلانات

صحّـة الاعـتقاد .. في «الإبـانة عـن أصـول الديـانة»

صحّـة الاعـتقاد .. في «الإبـانة عـن أصـول الديـانة»

قال الإمام الأشعري رحمه الله: (إنا، نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبما جاؤوا به من عند الله .. لا نرد من ذلك شيئا)

قال الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري رحمه الله تعالى في كتابه «الإبانة عن أصول الديانة» (إنّا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبما جاؤوا به من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لا نرد من ذلك شيئا  ..).

وكتاب «الإبانة» كتاب عظيم في العقيدة، ألفه الإمام بعد رجوعه عن مذهب المعتزلة، حيث يقول غير واحد من أهل العلم إن هذا الكتاب هو آخر مؤلفات الإمام الأشعري رحمه الله، تضمّن كلاما مهما في إثبات الصفات الخبرية، وفي إثبات أفعال الله تعالى الاختيارية المتعلقة بمشيئته وإرادته سبحانه، من استواء الله على عرشه، ونزوله إلى السماء الدنيا، ونحو ذلك مما جاءت النصوص بإثباته بغير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تأويل، كما هو عليه علماء السلف من المتقدمين والمتأخرين، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم: «هلك المتنطعون» وقال الراوي كرّرها ثلاثا، وجاء في شرح الحديث للإمام النووي أن معنى «المتنطّعون» أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم .

وقال المؤلف رحمه الله في مقدمة كتابه «وجملة قولنا أنّا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبما جاؤوا به من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لا نرد من ذلك.. وأن الله تعالى مستوٍ على عرشه كما قال: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه/5]. وأن له وجها، كما قال: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن/27]، وأن له يدين بلا كيف، كما قال سبحانه: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) [ص/75]، وكما قال: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) [المائدة/64]، وأن له سبحانه عينين، بلا كيف، كما قال سبحانه: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) [القمر/14]»، ثم قال رحمه الله، بعدما سرد الأدلة على إثبات الصفات لله عز وجل الخبرية والأفعال الإختيارية: «ونصدق بجميع الروايات التي يثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا، وأن الرب عز وجل يقول: (هل من سائل، هل من مستغفر)، وسائر ما نقلوه وأثبتوه، خلافا لما قاله أهل الزيغ والتضليل، ونعوِّل فيما اختلفنا فيه على كتاب ربنا عز وجل، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وإجماع المسلمين وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله ما لم يأذن لنا، ولا نقول على الله مالا نعلم، ونقول: إن الله عز وجل يجيء يوم القيامة، كما قال سبحانه: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [الفجر/22]».

فقرر الأشعري في الإبانة إثبات الصفات الخبرية والأفعال الاختيارية، وإثبات علو الله تعالى، ونحو ذلك من المسائل المعروفة فيه، التي جاءت مخالفة لما استقر عليه علماء من بعده ممن ينفي عن الله عز وجل الصفات الخبرية، من الوجه واليدين ونحو ذلك، وكذا الأفعال الاختيارية كالاستواء، والنزول والضحك والعجب..، متأولين النصوص الصريحة التي أثبتت ذلك.

والأدلة على إثبات هذا الكتاب للإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله كثيرة منها النسخ الخطية المختلفة للكتاب والتي تجمع على نسبة الكتاب لأبي الحسن، وهي منتشرة بأكبر المكتبات في العالم، فضلا عن وجود علماء كبار سابقين نسبوا الكتاب إليه، وقد عُرفوا رحمهم الله بالانتصار له والتأريخ لسيرته كالإمام البيهقي والإمام ابن عساكر. وقد قال البيهقي رحمه الله في كتابه «الاعتقاد» صفحة (107): «وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا نَتْلُوهُ مِنَ الْقُرْآنِ بِأَلْسِنَتِنَا وَنَسْمَعُهُ بِآذَانِنَا وَنَكْتُبُهُ فِي مَصَاحِفِنَا يُسَمَّى كَلَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَلَّمَ بِهِ عِبَادَهُ بِأَنْ أَرْسَلَ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبِمَعْنَاهُ ذَكَرَهُ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِي كِتَابِهِ الْإِبَانَةِ»، مبينا بذلك أن الكتاب ألفه أبو الحسن الأشعري رحمه الله، وكذا الإمام أبو القاسم علي بن الحسن بن عساكر وهو أعظم المؤرخين للإمام الأشعري رحمه الله، وأشد الناس ذبا عنه وانتصارا له، حيث قال في كتابه «تبيين كذب المفتري» صفحة 28: «وتصانيفه بَين أهل الْعلم مَشْهُورَة مَعْرُوفَة بالإجادة والإصابة للتحقيق عِنْد الْمُحَقِّقين، مَوْصُوفَة وَمن وقف على كِتَابه الْمُسَمّى بالإبانة عرف مَوْضِعه من الْعلم والديانة» انتهى.

 

رابط دائم : https://nhar.tv/tLGMx
إعــــلانات
إعــــلانات