صرخة واستشارة كيف أحيا الاستقرار وسط كل هذا الانكسار؟

أنا كتلة من العواطف والأحاسيس، وهبني الله الفراسة وسرعة البديهة لأميّز بين الطيّب والخبيث، لقّنني والداي تربية صالحة.
مكّنتني والحمد لله من أن أنال لقب المثالية وصاحبة المبادئ،إلا أنني وجدت نفسي أصدم،في تصرفات وردود أفعال من هم حولي.
فالسواد الأعظم لا يشبهني في شيء، وأغلب من أحيا إلى جانبهم لا يكنّون لي ما أكنّه لهم من مودّة واحترام.
جلّ المعاملات اليومية التي أحياها تجعلني أتأكّد من أنني من طينة فريدة من نوعها: كذب، افتراء، نفاق، نميمة وحب للذّات.
اصطياد في المياه العكرة وروح خبيثة تعكسها نظرات أخبث..هذا ما جعلني في دوامة كبيرة.
دوامة تجعلني في كل مرة أخمّن: أليس هناك من يشبهني؟،أسئلة كثيرة أطرحها في قرارة نفسي:لماذا الجميع بهذا القدر من الوضاعة؟.
لماذا لا يحب الآخرون الخير للغير؟،لماذا لا نتعاون حتى نحيا في وئام؟،لماذا ننافق بدل أن نفارق،من لا تروق لنا صحبتهم؟.
لقد بـتّ أفضّل معانقة الوحدة عوض أن أحتكّ بمن يبدون الحب وهم في الخفاء أشدّ وساخة من الوسخ نفسه.
أنا في دوامة كبيرة وقلبي يكاد ينفطر، فهل يعقل للطيبة والأخلاق الطيبة أن يحيا أصحابها مثل هذه المواقف؟.
التائهة “م.فايزة” من العاصمة.
الرد:
ما أحوجنا اليوم دون غيره إلى أخلاق الإسلام نمارسها سلوكا في الحياة في زمن طغت فيه المادة.
وضعفت فيه القيم وفهمت على غير مقاصدها وغاياتها، وقد تنافس الكثير من أبناء هذه الأمة.
على الدنيا ودبّ الصراع بينهم من أجل نعم زائلة، أو لذّة عابرة أو هوى متبّع.
ما أحوجنا إلى الأخلاق أختاه ونحن نرى التقاطع والتّدابر والتّحاسد على أبسط الأمور وأتفهها.
ما أحوجنا إلى الأخلاق،ونحن نرى جرأة كثير،من الناس على سفاهة الأخلاق،والوقاحة،والأعراض من دون وجه حق أو مسوّغ،من شرع أو قانون.
نحن في أزمة أخلاق أختاه، وما قلته ليس إرهاصا أو مجرد فكرة تحيينها لوحدك.
فمثلك من هم في حيرة مما بلغته العلاقات الاجتماعية وقبلها العلاقات الإنسانية التي انهارت كليا بفعل تناقص الحس.
وغياب الضمير وسواد الأفكار التي تبثّها سموم الحسد والغيرة والبغض.
لقد كانت الأخلاق في حياة المسلمين سببا رئيسيا في عزّتهم وقوتهم، فعاشوا حياة يسودها الحب والتعاون والاحترام المتبادل.
فنتج عن ذلك الإخلاص وتقديم النفع وحب الخير.
إن الفساد الأخلاقي في الأرض إجرام، نهى عنه الله جلّ وعلا،والمؤمن الكيّس لا يرضى مثلك أختاه،أن يحيا على هامش الحياة.
حيث أنه صاحب رسالة يترجمها عملا وقولا، صدقا وعدلا وقيّما.
لست مطالبة بالتغيّر أو الانجراف مع من اتّخذ من الوضاعة عنوانا لحياته.
وليس لك أن تنتكسي لمجرّد أنك تحسين أنك لوحدك ومن أنّ الآخربن هم الأغلبية.
أسمي بأخلاقك وعيشي بشفافية تاركة للآخرين إثم ما يفعلون ويظنو.
وإذا كان السواد بعتمته هو اللون الأغلب، فإن قبسا من اللون الأبيض يشعّ فيه نورا.
ستجدين من هم مصلك حتما في معترك الحياة، أناس طيبون همّهم في الحياة العيش بسلام.
فلا تنغلقي على نفسك ولتكن لديك مناعة قوية تقيك من تأثير من لا يخافون الله.
وتأكدي من أن البعد على سيئي الأخلاق غنيمة، كما أن التجاهل أفضل وسيلة للتعامل مع من هم دون المستوى.
ثقي في نفسك ولترفعي من هامتك واجعلي قدوتك في الحياة سيد الخلق أجمعين.
سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم”، الذي إصطفاه الله ليتمم مكارم الأخلاق وكان الله في عونك.