إعــــلانات

عاشور عبد الرحمان سحب 9 ملايير بعد 3 أيام من فتح حساب بمليوني سنتيم

عاشور عبد الرحمان سحب 9 ملايير بعد 3 أيام من فتح حساب بمليوني سنتيم

كشفت جلسة

محاكمة عاشور عبد الرحمان ومن معه في يومها الثالث، أول أمس، عن التواطؤ الكبير الذي شهدته الوكالات، المديريات الجهوية وكذا المركزية إلى جانب المفتشيات الجهوية، وهذا حسب المسؤوليات التي حددها المفتش العام والرئيس المدير العام إلى جانب محافظي الحسابات، حيث خصصت جلسة المحاكمة في يومها الثالث لسماع المسؤولين بالبنك الوطني المركزي.

صرح، أول أمس، مدير وكالة البنك الوطني المركزي بشرشال ”خ.ل” الذي خلف المدير السابق ”ب.مصطفى” أنه كان متخوفا من ردة فعل مسؤولين بهرم السلطة، والذين كانوا وراء حسابات عاشور عبد الرحمان التي فتحت بطريقة غير قانونية على مستوى الوكالة، وهو الشيء الذي منعه من تقديم تقرير عن غلق حسابات شركات عاشور عبد الرحمان بالوكالة إلى المفتشية العامة وكذا محافظة الحسابات. الشيء الذي مكنه من سحب أموال طائلة بعد تاريخ الغلق في 05 جويلية 2005 إلى غاية أكتوبر 2005.

وقال الرئيس المدير العام للبنك الوطني المركزي شيخي مراد، أمس في تصريحاته أنه لم يتلق أي تقرير بشأن الإختلاسات التي شهدها البنك رغم الرقابة الدورية المفروضة على كل وكالة، معتبرا ما حدث تواطؤا من طرف مديرو الوكالات البنكية لأنهم وحدهم القادرين على اكتشافها، إلى جانب موظفيها الذين يدعون بتطبيق تعليمات مسؤوليهم على حساب القانون، في الوقت الذي أرجع محامون الخلل في النظام الآلي البدائي الذي تتبعه مؤسسة البنك والتي لا تمكن المفتشين من الإطلاع على حسابات الزبائن.

وأجمع مفتشو البنك ومحافظو الحسابات الذين تم سماعهم أول أمس أن المسؤولية تقع على عاتق مديري الوكالات الذين كانوا يتعمدون طمس معالم الإختلاس، خاصة وأنهم أخفوا الصكوك البنكية التي تعود دون رصيد والخاصة بشركات مجمع عاشور عبد الرحمان، حتى لا يتم مراقبتها كما يتجنبون ختمها بعبارة ”لا تدفع” التي تسهل للمفتشين الوصول إليها، لأن هذه الأخيرة توضع جانبا بغرض تحرير بشأنها تقارير للمحافظة العامة، خاصة وأن عدد الشيكات وصل إلى 1956 شيك دون رصيد الدليل القاطع على هذا التواطؤ.

وشرع قاضي الجلسة، أول أمس، في سماع المتهم ”ب.علي” بعدما أكمل في وقت متأخر من مساء الأربعاء مع مدير وكالة شرشال ”ب.مصطفى”، الذي كان يتلقى صكوك شركات عاشور عبد الرحمان الموطنة لديه بالوكالة من طرف وكالة بوزريعة وذلك بغرض التأكد من وجود رصيد بها، إعادة الصكوك دون تقديم إجابة واضحة عن الهدف من وراء ذلك العمل، مما جعل سؤال القاضي يتمحور حول ذلك.

القاضي: ”لماذا لم تكن  واضحة إجاباتك على الصكوك رغم أن الإجابة واضحة وهي إدفع أو لا تدفع؟

المتهم: بل كنت أوضح إجابتي وهي أنني كنت أضع ختم إدفع على الشيكات التي يكون بحساباتها رصيد، في حين أعيد الشيكات التي ليس بها رصيد فارغة دون عبارة مما يوضح أنها بدون رصيد.

القاضي: لماذا سلمت لك الإدارة الختمين معا، أ مين أجل استعمال واحد دون الآخر، أم لأن لك أغراضا أخرى غير هذه، وماذا عن 200 مليون التي سلمها لك عاشور عبد الرحمان بغرض شراء فيلا والشاحنة التي أدخلتها للعمل في مجمعه؟

المتهم: أنا أتعامل مع كل الزبائن بطريقة واحدة ولا أعرف عاشور عبد الرحمان شخصيا حتى يسلمني 200 مليون سنتيم، ثم ما الذي استفاده مني هذا الزبون حتى يسلمني هذا المبلغ.

القاضي: أنت لم تسلمه شيء يذكر ولكنك أعطيته وكالة شرشال كلها فطلبك قليل جدا مقارنة بما أعطيته!

المتهم: إن الوكالة التي أعمل بها لم تخسر دينارا واحدا ولم تدفع دينارا واحدا لعاشور عبد الرحمان، فما ذنبي أنا إن كان الخطأ يكمن في وكالة بوزريعة التي كانت تدفع له بالملايير؟!.

النائب العام: ما ردك عن تصريحات نائبك بأنك كنت تستقبل شيكات دون رصيد من طرف شركات المجمع ولا تتخذ الإجراءات اللازمة لذلك؟

المتهم: تلقيت حوالي 10 شيكات دون رصيد، غير أنها كانت ستسوى لأن الزبون رجل أعمال وفي إمكانه تسديد مستحقاتها قبل الآجال المحددة، وقد كانت هناك رقابة داخلية على الحسابات والشيكات التي تتلقاها الوكالة يوميا، كما أننا تلقينا رقابة سنة 2003 من طرف المفتشية الجهوية وكانت النتيجة لصالح الوكالة، وطلبوا منا حينها فتح المزيد من الحسابات للزبائن.واستمرت جلسة المحاكمة مع المتهم ”ب.علي” موظف بوكالة القليعة على مستوى مصلحة مخالصة الشيكات، هذا الأخير الذي وجهت له أسئلة عن الطريقة التي تمكن بها عاشور عبد الرحمان من فتح حسابات بنكية بالوكالة، رغم أنه ضمن اللائحة السوداء للبنك المركزي، حيث تمت متابعته أمام العدالة من طرف البنك وتم الحجز على ممتلكاته.

القاضي: كيف تم فتح 08 حسابات لعاشور عبد الرحمان على مستوى وكالتكم بالقليعة، رغم أن القانون يمنع ذلك، وفتحت كل هذه الحسابات عن طريق وكالة قدمها عاشور عبد الرحمان لشركائه بغرض فتح حساب لشركاته؟

المتهم: لقد كان الطلب الذي تقدم به شركاء عاشور عبد الرحمان بغرض فتح حساب بنكي مدون عليه عبارة ”من معارف عماري” وهو المدير الجهوي لوكالات البنك المركزي بالمنطقة، ما شفع له بفتح حسابات بالوكالة.

القاضي: ما هي القيمة المالية التي كانت بحساب عاشور عبد الرحمان في اليوم الذي فتح فيه الحساب وكم سحب بعدها في أول عملية؟

المتهم: كان حساب الشركة لا يتعدى مليوني سنتيم حين فتح الحساب ليعود بعد ثلاثة أيام وحرر صكا بـ09 ملايير سنتيم على حساب شركة ”ناسيونال +  ” التي كانت موطنة بوكالة بوزريعة، حيث تم ذلك دون انتظار إشعار بالمصير الذي يؤكد امتلاك الشركة لهذا المبلغ في حسابها، وكان ينبغي طرح هذا السؤال عن مدير الوكالة الذي استفاد من انتفاء وجه الدعوى أمام قاضي التحقيق.

القاضي: أنت الآن أمامي وستحاسب على المسؤولية الموكلة إليك ولو كان المدير متهما لكان السؤال الموجه إليه غير الذي وجه إليك ولا يهمني الآن كيف استفاد من انتفاء وجه الدعوى.

لينتقل بعدها إلى نائب مدير وكالة شرشال الذي أصبح مديرا فيما بعد وقام بغلق حسابات عاشور عبد الرحمان بعدها، غير أنه استمر في تنفيذ خطة المتهمين الآخرين بعدم الإبلاغ عن غلق حسابات هذا الأخير.

القاضي: لماذا لم تبلغ الجهات المعنية بأن وكالتك قد قامت بغلق حسابات شركات عاشور عبد الرحمان رغم توافد الصكوك البنكية عليها من وكالة بوزريعة، كما أنك لم تكن تؤشر عليها بـ ”لا تدفع” على الأقل كخطوة احترازية؟

المتهم: لقد بلغت مديرة وكالة بوزريعة بذلك، الشيء الذي نفته هذه الأخيرة مع العلم أن المتهم صرح أمام قاضي التحقيق بأنه لم يبلغ عن غلق حسابات شركات عاشور عبد الرحمان بوكالة شرشال لأنني كنت متخوفا من ردود فعل مسؤولين كبار وراء هذا الأخير.

النائب العام: وماذا عن المنزل الذي استفدت منه ومبلغ 40 مليونا التي قلت أنك تلقيتها من طرف عاشور عبد الرحمان؟

المتهم: أنا لا أملك أي منزل ولم أتلق أي إعانة من طرف عاشور عبد الرحمان وإلا فكيف أعرقل سير حساباته في الوكالة حين كان المدير السابق وكنت أحثه على ضرورة التبليغ عن الشيكات الكثيرة التي كانت تصدر دونه رصيد.

واستمر الإستجواب مع الرئيس المدير العام للبنك المركزي الجزائري شيخي مراد، حيث سأله القاضي: كيف حدثت كل هذه الكارثة دون علمك وأنت المسؤول الأول عن البنك ولك أرمدة من الإطارات من مفتشين ومراقبين؟

المتهم: إن الأمر ليس بالبساطة التي يراها غير أهل الإختصاص فهناك 170 وكالة بنكية تابعة للبنك و19 مديرية مركزية، 17 مديرية جهوية و3 مفتشيات عامة، زيادة على ذلك فالمراقبة الدورية للوكالات مستمرة وتسير بشكل عادي، إلا أن اكتشاف الكارثة التي حلت بالبنك كان يتطلب مراسلة خاصة من طرف المديرين، مع تمكين المفتشين من كل الصكوك التي دخلت الوكالة، غير أن الذي كان يحدث هو أن هؤلاء كانوا يخفون الصكوك التي طالها الإختلاس، حتى لا يتمكن المفتشين من معاينتها.

النائب العام: إن الإختلاس استمر لمدة ثلاث سنوات كاملة، هل يعقل أن لا يعلم صاحب المال بأن أمواله تسلب منه، رغم أن الرقم ليس بالهين بحيث يمكن القول بأنها لا تظهر؟

المتهم: أنا أعلم جيدا كم كانت أموال البنك المركزي منذ دخولي إلى إدارته، كما أنه لا يمكن للمدير العام متابعة الحسابات، بل يأخذ بما يقدم له من تقارير وأنا لم أتلق أي تقرير بشأن عمليات الإختلاس ولو حدث ذلك لكان التدخل فوري.

القاضي: الأمر لا يتعلق بالتواطؤ بل بانعدام الصرامة في تطبيق المسؤولية؟

المتهم: بل كنت أسير البنك بطريقة جيدة، غير أن الذي حدث خارج عن طاقتي وحتى عن مسؤولية المفتشين العامين والمراقبين، خاصة إذا كان التواطؤ والخيانة من أصحاب المال أنفسهم فهم الأعوان الذين كان عليهم حفظ هذا المال، وقد وظفت حوالي 180 مفتش على المستوى الوطني بمعدل مفتش واحد في كل وكالة بما يمنع حدوث تسرب للمال العام بالطرق غير القانونية وبذلك أكون قد اتخذت كل الإجراءات اللازمة لحفظ المال العام، مشيرا إلى أنه كان بصدد تغيير نظام التعامل الآلي داخل البنك لإعطاء المفتشين فرص أكبر لاكتشاف التلاعبات البنكية التي تهدف إلى خرق القانون.

واستمع رئيس الجلسة، أول أمس، أيضا لثلاثة أعوان بمحافظة الحسابات إلى جانب المفتش العام للبنك الوطني المركزي، حيث قال هذا الأخير بأن المسؤولية في سرقة المال العام في هذه القضية تعود بالدرجة الأولى إلى مديرو الوكالات، المسؤولين الجهويين والمفتشية الجهوية خاصة وأنه اتضخ من خلال تصريحات محافظو الحسابات أن الوكالات المعنية بالإختلاس لم يتم مراقبتها منذ 2003، بالنسبة لشرشال، في حين لم يتم مراقبة وكالة القليعة وبوزريعة منذ أن فتحت حسابات عاشور عبد الرحمان، إذ برر بعضهم ذلك بالخطة التي تضعها المديرية العامة المختصة بالمراقبة الدورية للوكالات، والتي كانت تبرمج وكالات غير هذه الوكالات في كل مرة.

وذهب البعض الآخر إلى تفسير الكارثة بالمستوى الثقافي لمديري الوكالات البنكية، حيث لا يتعدى مستوى مدير وكالة شرشال الثانية ثانوي، مشيرا إلى أن هؤلاء لا يمكنهم استيعاب النظام البنكي الحالي الذي يعد في تطور مستمر، كما ذهبوا إلى القول بأن انعدام التكوين والدورات التكوينية مكن من اتساع الهوة بين هؤلاء والمحيط الذي يعملون به. 

رابط دائم : https://nhar.tv/sJ0tI
إعــــلانات
إعــــلانات