إعــــلانات

 عندما يتحوّل الكذب إلى آلية دفاع تحقق لصاحبها الانتصار!

 عندما يتحوّل الكذب إلى آلية دفاع تحقق لصاحبها الانتصار!

آفة اجتماعية أم ذاتية؟!

التعريفات العلمية التي خاضت في موضوع الكذب من أجل تفسيره وإعطاء المسببات الحقيقية لتفشيه وتغوّله، مع مرور الحقب والقرون، عجزت عن إيجاد علاج شافٍ ووافٍ، لأن الكذب هو نتاج منظومة فكرية مركّبة ومعقّدة دافعها ومحرّكها الباطني والأساسي هو المصلحة بمختلف ألوانها وأنواعها، سواء المادية أو المعنوية.

وهذا حسب الظرف والحالة وطبيعة الموضوع، وكذلك حسب الأهداف؛ لأنه يستحيل أن يكذب المرء من دون غاية، ولا بد أن تفسر حسب استعمال عدد الأدوات هي في الغالب من استعمال الأذكياء وبعض المرات يُنعتون بالخبثاء، أما القادرون على مراقبة كل هذا وذاك، فهم علماء النفس ورجال المباحث والتحقيق والصحافيون والأطباء.

ليس شرطا أن يكون الكاذب ضحية في جميع المراحل، ففي بعض المرات يكون متهما، وفي آن آخر يكون في كلتا الحالتين، وبخفية منه يستطيع أن يتنقل بين الحالتين.

ظاهرة الكذب تخرج للعلن بين منحيين، الأول هو في حالات الضيق أو العسر والمآزق، وهذا ما بعث وجعل الكثير من العلماء يلتمسون الكثير من الأعذار لهذه الفئة، أما الكذب الحر فله دوافع شتى، أهمها وعصبها الفخر والتفاخر وحب تأكيد الذات.

وقد فسّر المتخصصون الكذب بأنه وُجد منذ بدء البشرية، وهو ملتصق بالحالة النفسية للفرد وعلاقته بالطبيعة والمحيط، وفي ظل التطور المستمر والمتقدم، صارت لهذه الآفة خنادق ومنعرجات كبرى، بحجة تنوع وانتشار ظروف الحياة الصعبة والمعقدة.

وليس شرطا أن نلتجئ إلى واحد مثل «فرويد» الذي فسّر هذا السلوك على أساس أنه نابع من ذات تعشعش فيها طبقات من الصدمات المكبوتة، بل السؤال الوجيه هو: كيف كان الأمر قبل «فرويد»؟، أي في تاريخنا العربي مثلا ومع مختلف الحضارات السابقة؛ لأن الكذب لم يكتشفه هذا العالم فقط، بل هناك في التراث قصصا وحكايات تبرز الكثير من الأحداث المليئة به.

كما ذهب في ذلك صاحب كتاب «أخبار الحمقى والمغفلين» أبو فرج بن الجوزي، الذي جاء فيه بأن الذين يكذبون ليسوا فئة الحمقى فقط، بل حتى الأذكياء والساسة والمسؤولون والأدباء، وخلُص في النهاية عن أنه مسألة أخلاقية صرفة بحتة، تتعلق بثقافة الشخص وتربيته بل نشأته منذ طفولته، وهي من العادات السيئة التي تبين بشكل أو بآخر أغراض وطموحات صاحبها، فلماذا يمارس هذا النوع من السلوك المقزّز؟، وما الذي أراد الوصول إليه من خلال امتهانه هذا التصرف والمضي في طريقه؟، إذا الخلاصة الرئيسية، هي أن الكذب معضلة حضارية واجتماعية ونفسية في نفس الوقت؛ لأن جميعهم يصب في الآخر ويشترك معه في الدور والعلاقة المتبادلة، ولا يستطيع الآخر أن ينفصل عن نظيره، مهما كانت الظروف.

رابط دائم : https://nhar.tv/JK3zP
إعــــلانات
إعــــلانات