عنـدك ضرســـة.. احملهـــا واسكـــت

آلام فظيعة لا تطاق، نزيف حاد بسبب قلع الأسنان، كلّها تعقيدات صحية، لا يمكن علاجها إلا من خلال طبيب الأسنان، ولكن للأسف السّاعة متأخرة جدّا، ولسوء الحظ لايوجد أي طبيب مناوب، ومن هنا تنطلق رحلة البحث الطّويلة عن طبيب أسنان، يخفف عن المرضى معاناتهم الكبيرة، لينتهي بهم الأمر بتعاطي المسكنات، وتعريض صحتهم لما لا يحمد عقباه .ما من جزائري، إلاّ وتعرّض لنوبة آلام أسنان حادة في ساعات متأخرة من الليل، أو في عطلة نهاية الأسبوع، من هنا تنطلق رحلة البحث المريرة، عن الراحة والسكينة، بسبب حدة الآلام، ولكن ما يلاحظ في مستشفياتنا هو أن كل الأطباء يقومون بالمناوبة الطبية في كل المصالح، عدا أطباء الأسنان، الذين يطالبون بنفس حقوق الأطباء، ولكنهم في المقابل لا يؤدون نفس الواجبات، شأنهم شأن زملائهم في المصالح الأخرى.وعند الوصول إلى طريق مسدود، يلجأ المرضى المغلوب على أمرهم، إلى الطرق التقليدية، على غرار القرنقل، أو معجون الأسنان، وفي بعض الأحيان، يقومون باقتناء العجينة المسكنة من الصيدليات، في انتظار بزوغ الفجر أو انقضاء عطلة نهاية الأسبوع.
مستشفيات العاصمة.. مناوبات جراحي الأسنان في خبر كان
وتكفي جولة خفيفة بمستشفيات الجزائر العاصمة لاكتشاف عدم وجود جراح أسنان مناوب واحد، إذ إن كل مصالح جراحة الأسنان، مغلقة في وجه المرضى، الذين يجولون كافة أرجاء العاصمة، علّهم يجدون من يخفّف عنهم معاناتهم الكبيرة، وفيما عدا بعض العيادات متعددة الخدمات في بلوزداد، فلا من منقذ سوى مسكنات الألم التي أصبحت الحل الوحيد، لتوقيفها بشكل مؤقت في انتظار الفرج، وانقضاء.
الأطباء الخواص يقبلون على المناوبة في عياداتهم بسيدي بلعباس
ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد، يجد جراحو الأسنان الخواص ضالتهم، حيث يعاني الكثير من المرضى بمعظم مستشفيات سيدي بلعباس، من نقائص كبيرة بخصوص جراحة الأسنان، ولاسيما الحالات المستعجلة في الفترات الليلية التي يجد فيها المريض نفسه مرغما على التوجه إلى الأطباء الخواص من أجل تلقي العلاج، خاصة في المناطق النائية والجنوبية.وفي مستغانم، وعلى الرغم من برنامج المناوبة المسطر من قبل مديرية الصحة لولاية مستغانم، خلال العطل الأسبوعية، غالبا ما يكون المتضررون من آلام الأسنان الأكثر توافدا على المؤسسات الاستشفائية، إلا أنّهم يصطدمون بعدم وجود طبيب الأسنان، الذي غالبا ما يستغني عن دور المناوبة على غرار باقي المصالح الأخرى، التي من المفروض أن تكون متواجدة طيلة فترة المناوبة، مما دفع بالعديد من الأطباء الخواص إلى استغلال الفرصة وفتح عياداتهم للحالات الاستعجالية في ظل غياب التكفل التام بالمؤسسة العمومي.
مصلحة طب الأسنان مشلولة ليلا منذ 15 سنة بقسنطينة
تعيش مصلحة طب الأسنان بالمستشفى الجامعي قسنطينة، شللا تاما في الفترة الليلية منذ ما يقارب الـ 15 سنة كاملة، لأسباب غير معروفة على الرغم من الحاجة الماسة للمرضى لهذا القسم ليلا. ولا يقتصر الوضع على ذلك فقط بل يتعداه إلى عدم توفر الخدمات نهاية كل أسبوع، ولا يقتصر نشاطها إلا على الفترة الصباحية، أين يتم استقبال المرضى لخلع الأسنان، على أساس أن تتولى عيادات الصحة الجوارية في الفترات الليلية على مستوى الأقسام التي خصصت بها مداومات من أجل العناية بالمرضى فيما يتعلق بالأسنان، إلا أنّ هذه العيادات هي الأخرى وبشهادة مواطنين، لا يوجد بها أي رعاية لمرض الأسنان، على غرار العديد من الأقسام الأخرى في مناطق متفرّقة، الأمر الذي يجبر المريض على الانتظار إلى الصباح مهما كانت درجة خطورة إصابته من أجل الحصول على العلاج.
استعجالات طبية ومصحات جوارية تفتقر إلى جراحي الأسنان في تبسة
تشهد الاستعجالات الطبية والجراحية والعيادات الجوارية عبر مستشفيات ولاية تبسة، ندرة كبيرة في المداومات الطبية الليلية، خاصة ما تعلق بجراحة الأسنان، وهو ما وقفت عنده “النهار”، من خلال شهادات المواطنين، الذين تفاجئهم آلام الأسنان خلال ساعات متأخرة من الليل، إذ يلجأون إلى أقسام الاستعجالات الطبية فلا يجدون مختصا في طب الأسنان، ليتكفل بهم أطباء عامون يكتفون بتقديم المسكنات فقط. وفي سكيكدة، لاتزال مصالح الاستعجالات عبر جميع مراكز القطاع الصحي، لا تتوفر على طبيب أسنان مناوب، حيث يضطر جميع المرضى الذين يتعرضون للوجع المفاجئ للأسنان، إلى اعتماد المسكنات التي توصف لهم من قبل أطباء عامين غير متخصصين في جراحة الأسنان، أو قضاء ليلة بيضاء تحت تأثير الوجع، إلى غاية الصباح من أجل الاستنجاد بطبيب مختص في أمراض الأسنان.
البروفيسور عبد الحميد بوقايس، متخصص في جراحة الفم بمستشفى بني مسوس: الاستهلاك المفرط لمضادات الانتفاخ في علاج الأسنان يتسبّب في الوفاة في ظرف أسبوع
من جهته، أكد البروفيسور عبد الحميد بوقايس، متخصص في طب وجراحة الفم والأسنان بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية، لبني مسوس، أن مشكل المناوبات الطبية الخاصة بجراحي الأسنان، مطروحة بشدة في الأوساط الاستشفائية، إذ لا يجد المواطنون أطباء مناوبين في الاستعجالات الطبية.وذكر البروفيسور، أنّ المرضى يضطرون إلى التوجه إلى أقرب صيدلي، يجدونه في طريقهم، وهنا تقع الكارثة، حيث يتم منحهم مضادات للألم مرفقة بمضادات حيوية، لا تكون مناسبة لوضعهم الصحي الذي يزداد تعقيدا، وقد ينتهي بهم الأمر بالوفاة.وذكر الأستاذ، أن وصف مضادات الانتفاخ، يتسبب في انتشار المرض على نطاق أوسع، يصل إلى درجة التعفن الكامل، وفي ظرف أسبوع يمكن للمريض أن يقضي نحبه بسبب تعقيدات المرض، وطول انتظار الكشف عند طبيب الأسنان، خاصة إذا تزامنت مع عطلة نهاية الأسبوع.وأشار البروفيسور إلى أن دراسة قام بها المركز الاستشفائي لبني مسوس في 2010، تمت على نحو 85 مريضا، كانوا يعانون من تعقيدات أسنان، استلزمت دخولهم مصالح الإنعاش، حيث تم إنقاذ 80 مريضا، فيما لقي الخمسة الباقون مصرعهم بسبب مضادات الانتفاخ التي قضت عليهم، حيث كان المرضى يزيدون من جرعة الأدوية تلقائيا.
الدكتور رشيد شعرواي، عميد جراحي الأسنان:آلام الأســـنان غــير مصنّفة فـي خانـة الاستعجالات رغـم خطورتهــــا
وفي سياق متصل، أكّد عميد جراحي الأسنان، الدكتور رشيد شعراوي، أن آلام الأسنان تصنف دوليا في المرتبة الثالثة، بعد الآلام الناتجة عن داء السّرطان وأمراض الكلى، مشيرا إلى أنّه وعلى الرغم من ذلك، فإن المستشفيات لا تتوفر فيها مناوبات طبية خاصة بجراحة الأسنان.وقال الدّكتور في اتصال مع «النهار»، إن الأطباء الخواص تلقوا مؤخرا تعليمات من أجل ضمان المناوبات الطبية على مستوى العيادات الخاصة، من دون تحديد الميكانيزمات الخاصة بها.وأضاف ذات المتحدث، أنّ القطاع العام تنعدم فيه المناوبات الطّبية الخاصة بجراحة الأسنان، لعدم توفر الوسائل، وهنا يلجأ المريض إلى الصيدليات الذين يضطرون للعمل وبيع الدواء من دون التقيّد بوصفات طبية.