فتنة في المساجد بسبب التهاليل والتكبيرات في صلاة العيد

عرفت مختلف المساجد الجزائرية، أول أيام العيد، فتنة كبيرة بسبب اختلاف في فتاوى التهليل والتكبير في صلاة العيد، وهو الأمر الذي أدى إلى نشوب عدد من المشاكل داخل بيوت الله، خاصة بعد تعنت بعض الأئمة الذين طالبوا المصلين بعدم رفع أصواتهم عند التهليل والتكبير والاكتفاء بالقيام بذلك في صمت . في حادثة جديدة انضمت إلى مجموعة الفتن والمشاكل التي تقع داخل بيوت الله في الجزائر، أمر عدد من الأئمة المصلين بعدم رفع أصواتهم أثناء التهاليل والتكبيرات خلال صلاة العيد، بدعوى أن الأصل في القيام بهذه الشعائر يكون القيام بها سرا وليس بالعلن، حيث عمد هؤلاء إلى إخطار المصلين ليلة العيد بعد صلاة العشاء بمنع التكبير بصوت عال داخل المساجد وفي المصليات، ففي مسجد بلال بن رباح في درڤانة ببرج الكيفان أمر إمام المسجد عشية يوم العيد المصلين بالتكبير والتهليل بصوت منخفض،وهو الأمر الذي استاء منه المصلون، حيث استند الإمام في فتواه إلى بعض المسائل السنية التي قال إنها ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام والتي ورد فيها أن الرسول الكريم لم يكن يكبّر ويهلل بصوت عال، وهي الفتوى التي اجتمع عليها مجموعة من الأئمة في المساجد.وفي السياق ذاته رفض عدد من المصلين الإنصات إلى هذه الفتاوى، ما جعلهم يكبرون بأصوات عالية، في حين قام آخرون بالتكبير سرا، الأمر الذي خلق نوعا من اللانظام داخل المساجد أفقد صلاة العيد الخشوع الذي تمتاز به. وبالعودة إلى الشريعة الإسلامية والمسائل التي ثبتت عن السنة النبوية والكيفية التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل بها في الأعياد، نجد أن مجموعة من الصحابة والأئمة الكبار أجمعوا على ضرورة التكبير جماعة لما ثبت عن الرسول، حيث قال الإمام الشافعي رحمه الله «يكبّر الناس في الفطر حين تغيب الشمس ليلة الفطر فرادى وجماعة في كل حال، حتى يخرج الإمام لصلاة العيد، ثم يقطعون التكبير». وفي صحيح البخاري روي أن عمر رضي الله عنه كان يكبّر في قبّته بمنىً فيسمعه أهل المسجد فيكبّرون ويكبّر أهل الأسواق حتى ترتجَّ منىً تكبيرا، و قال ابن حجر تعليقا على قوله ترتج «بتثقيل الجيم أي تضطرب وتتحرك، وهي مبالغة في اجتماع رفع الصوت». ومن بين الفتاوى التي رفضت تبديع التكبير بصوت عال نجد أن الشيخ العثيمين يقول إن التكبير ليلة العيدين إلى أن يأتي الإمام للصلاة سنة، وليس بواجب، والجهر به سنة وليس بواجب، فلو تركه الناس بالكلية لم يأثموا، ولو كبروا سرًّا لم يأثموا، ولا ينبغي أن يقع النزاع بين الناس في مثل هذه الأمور التي أكثر ما يقال فيها إنها سنة، ثم تحدث في هذا النزاع عداوات وبغضاء، وتضليل وتفسيق وتبديع وما أشبه ذلك، فلو أن الناس لم يكبروا، أو لم يرفعوا أصواتهم بالتكبير فإنهم لا يُعدّون آثمين، ولا ينبغي الإصرار على أن يرفع التكبير عبر مكبر الصوت من أجل التذكير بهذه السنة إذا كان هذا يحدث عداوة وبغضاء فإن ذلك خلاف ما تهدف إليه الشريعة، فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع أنه كان يرغب ذلك، وقال لعائشة رضي الله عنها «لولا أن قومك حديثوا عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم» فترك هذا من أجل أن لا تحدث فتنة، ولكن إذا لم يكن هناك فتنة في التكبير، وقيل للناس إننا نكل إلى شخص معين -المؤذن أو غيره– أن يكبّر التكبير المشروع عبر مكبر الصوت مت دون أن يتابعه أحد على وجه جماعي فلا أرى في هذا بأسا، لأنه من باب رفع الصوت بالتكبير والجهر به وفيه تذكير للغافلين أو الناسين، ومن المعلوم أنه لو كبر أحد الحاضرين رافعا صوته من دون مكبر الصوت لم يتوجه الإنكار عليه من أحد، فكذلك إذا كبّر عبر مكبّر الصوت، لكن من دون أن يتابعه الناس على وجه جماعي كأنما يلقنهم ذلك، ينتظرون تكبيره حتى يكبروا بعده بصوت واحد، فإن هذا لا أصل له في السنة.