إعــــلانات

فضائل العفو

فضائل العفو

في الكثير من مجتمعاتنا العربية أزمة حقيقية عنوانها الإستهانة بالعفو كمبدأ أخلاقي عظيم يساهم في تعزيز روح المحبة بين الناس، وتثبيت الوحدة الوطنية للدول.

من الأسرة الصغيرة، إلى الأسرة الوطنية ككل، يوجد أناس يرون في العفو علامة ضعف، ويتوارثون الأحقاد والثارات، ويتخذونها عقيدة في الحياة الشخصية أو في العمل السياسي. وهذا خطأ كبير تدفع مجتمعاتنا ضريبة باهضة بسببه.
كم عائلة تمزقت وتشتتت لأن الوالد رفض أن يصفح عن ابنه المراهق الذي تجاوز وأخطأ في لحظة طيش. كم من طلاق حل فجأة بأسرة كانت تعيش سعيدة مطمئنة، بسبب فورة غضب طارئة وقرار  متسرع طائش. وكم من بلدان دخلت في أتون حرب أهلية طاحنة لأن الحكومة لم تفكر أبدا في العفو كوسيلة من وسائل الصلح الوطني، أو لأن المتمردين فقدوا الوازع الأخلاقي للعمل السياسي واستبدلوه براية الثأر والإنتقام.
للذين نسوا فضيلة العفو أكتب مقالة اليوم، وأدعوهم ونفسي إلى التأمل في هذه القيمة الأخلاقية العظيمة التي نحتاجها في بيوتنا وفي مجتمعاتنا. ألا ترون مكانة العفو في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومواعظ كبار العلماء والمصلحين؟
قال تعالى: “فاصفح الصفح الجميل”. (الحجر: 58) وقال سبحانه في وصف عباده المتقين: “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين”. (آل عمران: 134) وقال عز وجل: “وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين”. (الشورى: 40)  وقال تعالى: “ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور”. (الشورى: 43)
وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت قصورا مشرفة على الجنة، فقلت يا جبريل لمن هذه؟ قال: للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس”.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه. وجاء في بعض الروايات عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: من كان له على أجر فليقم. فلا يقوم إلا العافون عن الناس، وتلا قوله تعالى “فمن عفا وأصلح فأجره على الله”.
وقال أحد خلفاء بني العباس: لذة العفو يلحقها حمد العاقبة، ولذة التشفي يلحقها ذم الندم. وقال رجل لرجل سبه: إياك أعني، فقال له: وعنك أعرض.
وقيل: كان الأحنف رحمه الله تعالى كثير العفو والحلم، وكان يقول: ما آذاني أحد إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث: إن كان فوقي عرفت له فضله، وإن كان مثلي تفضلت عليه، وإن كان دوني أكرمت نفسي عنه.
العفو مبدأ أخلاقي واجتماعي عظيم الشأن، به نحارب كأفراد ومجتمعات ثقافة الحقد والكره والبغضاء.

رابط دائم : https://nhar.tv/KfFCR
إعــــلانات
إعــــلانات