إعــــلانات

قصة بدأت بالميثاق الغليظ  وتوجّت بالحب الأكيد وإستمرّ فيها الوفاء حتى بعد الوفاة

قصة بدأت بالميثاق الغليظ  وتوجّت بالحب الأكيد وإستمرّ فيها الوفاء حتى بعد الوفاة

في مكالمة وردتني في مركز الأثير للإصغاء، أجبت فيها على سيدة ظننتها من نبرة صوتها فتيّة في العشرين، كلماتها تأسر القلوب، بلباقة نادرا ما صرنا نجدها في وقتنا الحالي. خاطبتنا لتبثّ بين يدينا حيرتها، إلا أنّنا نحن من وجدنا أنفسنا نستخلص العبرة .قصّة وفاء جمعت بينها وبين رفيق دربها، والذي بالرّغم من أنه غاب عن الحياة، إلا أنه يسكن وجدانها ويحيا إلى جانبها

إتّصلت بنا  بغرض أن تفسّر حلم، وإذا بها تسرد علينا تفاصيل أجمل من أي حلم، إمرأة في العقد السابع من العمر، أسر الوفاء قلبها نحو زوجها المرحوم الذي تراه وتحيا معه أجمل عبرة وفاء

“لقد كان أطيب مخلوق على وجه الأرض، توّجني أميرة على عرش قلبه، منحني الحب والسكينة، وعشت معه أجما أيام عمري، لم أحسّ يوما بالغضب منه أو الإمتعاض من غيرته وتحكّمه، فقد كان رحمة الله عليه يخاف الله فيّ، وكان يخبرني من أن الله سيسأله عنّي يوم القيامة، صانني، حفظني في الضّراء قبل السّراء، أفيعقل أن لا يكون نصيبه مني الوفاء؟

إرتبطت به وأنا في ربيع العمر، وبالرّغم من ظروفه المادية الصعبة بدأنا حياتنا بتقاسم الأعباء وتوزيع المسؤوليات وكان كل شيء على قلبي مثل العسل الصافي، ساندته وسندني ولم أكن متطلبة على حسب ظروف زوجي وإلتمست له الأعذار، وهو بدوره لم يبخل عليّ وأغدقني بالحبّ والتّقدير، عشنا نربي أبناءنا على ظل مكارم الأخلاق وصفاء السريرة، إلتمسنا أن يكونوا ذخرنا وفخرنا في المستقبل والحمد لله والمنّة أصبحوا كذلك وحققنا مقولة “أحسن خلف لخير سلف”.فقط لم أخل يوما من أنّه سيرحل ليتركني وحيدة ، عشت دائما على أساس أننا سنحيا معا طويلا، إلّا أن مشيئة الله أرادات غير ذلك ، حيث فارقتني  الرّوح التي كانت تسكن روحي إلى الأبد، ولولا الرضا بقضاء الله وقدره لما كنت إصطبرت على رحيل زوجي

الميثاق الغليظ

قد تظنّون أنّني نسيته، أو أنّ طيفه فارقني  بمرور أيّام العزاء والعدّة، أبدا لم يكن الأمر على هذا النّحو، فروح زوجي تحيا معي كما لم تحيا معي من قبل، في كلّ يوم،وفي كل دقيقة وفي كل تفاصيلي وروتيني. أحسّ بأنه راض عني، وأحسّ بأنّه يحميني ويحرسني. يقال أن الأرواح جنود مجنّدة، وروحي معلقة بروح زوجي في علاقة لا يعلم إلا الله قدسيّتها وسموّها. أريد أن تكون قصّتي هاته عبرة لبنات هذا الجيل، جيل قد يكون تعلّقه بالمظاهر وسفاسف الأمور أكبر من أن يتعلّق بصفو المشاعر. أنا وأنا في هذا العمر أستمد قوتي من زوج كان لي خير الرفيق، صحيح أنّه تركني ورحل إلّا أن حسن معشره وحبه الذي لفني به دعامتي بعده “

أكملت من أسرتنا مكالمتها وأقفلت الخط، ولم تدري أنها تركت فينا بصمة كبيرة، إنه الوفاء يا سادة شيمة النبلاء والخيرين من الناس النادرين في هذا الزمان. زمان كثر فيه الخداع والنفاق وبيع الغالي بالرخيص، إرتأينا أن تكون قصتنا التفاعلية هاته بداية عبرنا في هذا العام الجديد الذي نتمنى أن يزدان بأجمل صور الحب والأمل ، فدمتم قراءنا أوفياء لنا على الدوام

رابط دائم : https://nhar.tv/pjYWK
إعــــلانات
إعــــلانات