إعــــلانات

قضية الخرما 2

قضية الخرما 2

فأجابت أن استنادي الوحيد

هو معرفتي أن المنحة استمر دفعها دون انقطاع، ثم أضفت مبديا أن استنادي هذا لم يكن كافيا، فإنفيصلا وبعثته كان ما يزال في لندن وفي وسعه أن يصادق على مقادر الصحة في قولي. وكان ماقلته صحيحا بطبيعة الحال، كماأن الحكومة قررت بحكمة وتعقل بالنسبة للظروف، أن لا “توقظ الكلاب النائمة”، وأن تستمر على الدفع لضمان سلامة الحسين،حيث أن الاستمرار على الدفع كان يعني هذا. ولم أكتشف ما وقع بالفعل في هذا الشأن، إلا بعد مدة من الزمن، فإن برقية شهرأيار سلمت إلى ويلسن شخصيا، عندما كان خارجا من مكتبه للتمشي، فقرأها ثم طواها وأودعها في جيبه فضيعها. عند ويلسنبراعة في التملص من الشؤون المعوجة، ليتحاشى وقوع الإضطراب، ولم تتوصل الجهات المختصة إلى قرار  نهائي بشأنمستقبل الخرما وتربة، غير أن وضع “الأمر الواقع” لهاتين المنطقتين كجزء من ممتلكات إبن سعود لم يصبه أي تحد.

إضطراب الحالة في العراق

وكانت خططي ما تزال مشوشة حينذاك، لكنني كانت عندي أسباب وجيهة لتأخير عودتي إلى الهند، فإن الأحوال كانت تدل علىأن العراق كان يتمخض بالحوادث الخطيرة التي كانت تضرم نيرانها آمال الوحد التي كانت تختلج في نفوس الحزب الشريفيالموجود في سورية، وتغذية الملك فيصل بالمال، الذي كان يقبضه من بريطانيا، لتلك العناصر الموجودة  في العراق، وعلىحدوه التي كان يعتمد عليها في إحداث أكثر ما يمكن من القلاقل لنا، كما أن حكم ويلسن الذي كان يزداد ديكتاتورية، كان منالعوامل المساعدة على ذلك أيضا.

وكان يرأس الدائرة التابعة لوزارة الهند المختصة بهذه الشؤون وغيرها جون شكبرغ السكرتير المثالي في نظر كرزن، وقد كانحاضرا في المؤتمرات التي عقدت من أجل البت في قضية الخرما، كما سمحت لي الظروف، أن أتصل به كثيرا بمناسبة بعثةفيصل السعود، وعندما انتهيت من هذه المهمة، راجعته في نهاية كانون الأول، وقد أفضيت له أثناء تحدثي إليه بوجه عام بمايللي:” أنني في الحقيقة ليس في وسعي أن أفهم ما هو رأيكم أنتم هنا بشأن ما يجري في العرق، ألا ترون أن البلاد بأجمعها مقدمةعلى الثورة؟” فأجابني بقوله:” إن ما تقوله يافيلبي لا يكاد يتفق إلا قليلا مع التقارير التي تردنا من ويلسن، وعلى كل فعلينا أننصدق الرجل المختص الموجود هناك، وإذا أعجبك الإطلاع على برقيته الأخيرة هذه، فيمكنك أن تأتييني اليوم”.

والحقيقة هي أن ويلسن قد تجول في جميع مناطق العراق بالطيارة في الأسابيع القلائل الأخيرة، وقد حياه الناس في كل مكانبحماس وتظاهر، فاقتنع بأن الأهالي كانوا يرغبون في الحكم البريطاني الحازم ويحتاجونه، بينما كان أولئك الذين كانوا يؤيدونمشاغبات الشريفيين عبارة عن شرذمة قليلة لايعتد بها، ولم يكن الوضع بحالة مرضية منذ إنتهاء الحرب حتى اليوم، مثل ماهوعليه الآن. لكن شيئا من الجهد يجب أن يبذل في “الوطن” لقمع الحملة الصحفية، التي تدعو إلى ترك البلاد والجلاء عنها، حيثأن عدم استقرار السياسة البريطانية، له تأثير كبير على استقرار الأمور في العراق.

وبعد أن أتممت قراءة البرقية قلت له: “أنني أفهم جيدا أنكم يجب أن تهتموا بالرجل المختص هناك وتأخذوا بأقواله، لكن أموراكهذه لا يمكن أن ينخدع بها أحد، حيث أن ويلسن يتعمد الأشغال ضد روحية السياسة البريطانية المصرح بها، لينهك الشعورالوطني الذي يشجع الآن من سورية تشجيعا تاما، وسوف لاينتهي هذا الموضع، إلا بحدوث إضطراب خطير، وليس ذلك عليناببعيد”.

رابط دائم : https://nhar.tv/TujOd
إعــــلانات
إعــــلانات