إعــــلانات

لماذا لا يكون شهر رمضان فرصة للحلقات العلمية؟!

لماذا لا يكون شهر رمضان فرصة للحلقات العلمية؟!

سألت في إحدى المرات إماما، لماذا لا تنشّطون جلسات علمية ودينية دسمة، مكللة بالمواضيع الشائكة حول هموم هذا العصر، من أجل توعية الناس وحثّهم على فهم الدين؟، فكان ردّه جد سلبي بالنسبة لي، حين قال: «أنت مخطئ.. الناس الذين يترددون على المساجد ليسوا أهلا للمواضيع والجدالات التي تتخيلها في رأسك»، بعدها حزّت في نفسي عدة أسئلة، منها هل المسلم المعاصر لا يجيد ولا يفقه إلا الصلاة كسجود وركوع، ولا يعي الكثير من المسائل المتعلقة بالشريعة والحياة؟، ولماذا لا يطالب بدروس ومناظرات حول أهم المسائل والعوائق التي تمرّ بها حركية المجتمع؟، ولماذا لا يسأل المسلم ويكثر من الأسئلة حول مسائل لا يفهمها ولا يعرف مقاصدها؟، وهل هي فعلا كبيرة عليه؟، وهل هذا الإمام أراد القول إن نسبة الأمية والجهل لهما النصيب الأكبر بين الناس، وأن الفئة المتعلمة والتي يمكنها الفهم والاستيعاب قليلة جدا ولا تتعدى الخمسة أو العشرة من المئة؟!

لكن مع مرور الوقت، خلصت إلى حقيقة أخرى، وهذا مقارنة بما كان يحدث في سالف العصور، يوم كان للحلقات العلمية داخل المساجد من شأن عظيم، ومرابض حقيقية لتخرّج الكثير من أسماء الفكر والعلوم بمختلف أصنافها وألوانها، ذلك على الرغم من نقص أدنى الوسائل آنذاك، بل كانوا يتعاطون ذلك تحت ضوء الشموع، وكلهم عزم وحب للبحث عن كثير من مسائل وأمور الحياة، فتعددت الأسماء العارفة بعلوم الدين بين مشايخ وتلامذتهم.

المشكل الرئيسي اليوم ليس في تفشي الجهل كسبب رئيسي، بل في تشتت الحياة البدنية والنفسية وحتى العقلية للفرد، فهو مرهق جدا وغير مستقر ومشتت موزع، بل معلّق فوق ألف منبر، لذلك تجده مفصوم الشخصية ومضطربا ومتناقضا ومتسارعا ومتهافتا ومتلهفا حتى أثناء سويعات نومه، إلى درجة أن منهم من يدخل المسجد والحسابات تفور في رأسه، ولا شيء يبعده عن هموم الدنيا ومشاغلها إلا سويعات النوم أو المرض أو الموت.

إن المقصد من طرحنا لهذه الأسئلة، هو أن تكون المساجد مربضا لتثقيف الناس، ثقافة دينية محضة، حتى لا يقعوا في المحظور من الشرع والأصول المتفق عليها بالإجماع، وكذا الكبائر والموبقات، ويصبح بإمكانهم وفي حياتهم الحرة، أن يفرّقوا بين الحلال والحرام، من دون اللجوء إلى عالم جليل أو فقيه يستفتونه في الأمر دائما، لأن ما نراه اليوم من جشع للتجار وتهريب مبرح للسلع وارتكاب المعاصي وعدم تطهير المال وظلم وارتكاب للفواحش وعنف ضد النساء وجرائم ضد الأصول، هو نتيجة جهل أغلبية الناس،.

وفي الجزائر بالخصوص للثقافة الدينية خاصة في المسائل الحساسة عكس بعض الدول العربية الأخرى، المعروف عنها على أقل تقدير بأنها تبرمج وتنسّق بين عدة هيئات اجتماعية وتربوية تعليمية ومؤسسات ثقافية، الهدف منها تحذيق قدرات الفرد وجعلها قريبة للفهم العام والمشترك، وطبعا يشرف على كل هذا أناس متخصصون، وهذا للأسف ما نفتقده عندنا، وبالتالي ها نحن ندفع الثمن يوميا، ونجني ثمارا مُرّة، لأننا قتلنا الإرادة في قلوبنا وماتت في الأخير بداخلنا.

رابط دائم : https://nhar.tv/Su79h
إعــــلانات
إعــــلانات