إعــــلانات

لماذا يستعمل هؤلاء الرقية في غير محلها ؟

لماذا يستعمل هؤلاء الرقية في غير محلها ؟

بيّنت عدة أشرطة وثائقية أن الغالب من الناس يتعاطون الرقية بأشكال سلبية؛ لأنهم لازالوا يعتبرونها العلاج لكل الأمراض، حتى للسل والإيدز والسرطان وعدم النجاح في المسابقات.

وهذا عين الخطأ، حينما يوظف المرء شيئا في غير موضعه، ويعتبره حلا لكل المشاكل المستعصية؛ لأنه وحسب عدد كبير من الفقهاء والأئمة يعتبرون الرقية أنواعا وسبلا، أي طرقا خاصة في الاستعمال، لذلك أخرجوا لنا مصطلح الرقية الشرعية.

وهذا يفسر بأنه في المقابل هناك رقية غير شرعية، تحيا وتتحرك بطرق فوضوية وتجارية مشبوهة، ويمتهنها كثير من الدخلاء الذين اتخذوها سبيلا سهلا وهينا لتحصيل الأموال، وهي التي تحتاج إلى نوع خاص من الرجال الأتقياء، تتوفر فيهم عدة ميزات، أولاها التقوى والطهر وحسن النية، وليس فقط حفظ القرآن وبعض التعاويذ.

في الجهة المقابلة، تجد كثيرا من الأشخاص على مختلف أعمارهم، يتخذون منها سبيلا للسطو على جيوب المساكين، خاصة من الشباب المتديّن حديثا.

في الشق الثاني تجد حضور الرقية، حيث الجهل متفشي عند الكثيرين، أغلبهم نساء، وكأن حياتهم أصبحت متعلقة بالرقية، فهم في رواح ومجيء بشكل دوري بحثا عن خلاص عاجل لمشاكلهم، التي لا تختلف عن العقم وعدم الإنجاب إلى العنوسة وعدم النجاح في البكالوريا، كذلك عدم الحصول على عمل قار وهلم جرا.

ومن بين المواقف التي عشتها شخصيا، هي أن زميلا لي كانت علاقته جد متوترة مع والده، وكنت أشرح له دوما بأن ذلك يُسمى تناطح الأجيال، وأن طموحات وتطلعات صاحبي تختلف جذريا مع تطلعات وطموحات والده، لذلك حدث الاصطدام، لكنه كان يتردد على الرقاة.

وهذه كلها مسائل كما أسردنا لها حلول عند صاحبها، ومن لهم علاقة بشأنها والمحيطين به؛ لأن جوهر وجود الرقية هو معالجة المصابين بالمسّ، حيث يعمل صاحبها على استخراج الجنّ إذا تأكد من ولوجه داخل نفس المريض، وليس تقريب العرسان من زوجاتهم الجدد العانسات، أو إصلاح العلاقة بين زوجين مقبلين على الطلاق.

إن العلماء والمفكرين، الذين تحدثوا عن العقل الخالص كانوا يقصدون بوجوب الخروج النهائي للإنسان كقيمة وقامة مبجّلة في الكتب السماوية ومغادرته الأبدية لعهد الخرافة والتقاليد البالية، والتي جعلته يتخبط طول الدهر بين براثن الجهل والبدائية المقيتة، التي غيّبت دور العقل فيه.

وبالتالي ناشدوا ما يسمى العقل العلمي، الذي يعتمد على المنطق وليس الأساطير ومحاكاتها، ثم إسقاط نتائجها على حياته بمختلف توجهاتها وتفرعاتها.

الرقية أو العلاج بالقرآن مفيد للنفس البشرية، كي تراجع حساباتها مع الخالق وتذكير بعظمة معجزات الكون، أو قل هي وسيلة هداية مفعولها محدود وليس مطلقا.

أي كما أشرنا، تعطينا حلولا لكل المشاكل بما فيها تلك التي رسمها لنا القدر لأن الإنسان غير السوي، هو فقط من يعيش من دون مشاكل وعقبات تواجهه، ولكن لكل ظرف وحالة وصفة ما، أو استخداما للعقل والتوجه نحو القوانين والإجراءات المتعارف عليها، لأجل إيجاد صيغ لائقة بتلك الحالة أو هذه، وليس وضعها جميعا في سلة واحدة، والبكاء على الحظ التعيس.

وهذا نوع من القنوط واليأس، اللذين يؤديان إلى الشرك والعياذ بالله، لذلك وجب على الإنسان أيا كان حجم همومه أو مصاعبه، أن يفكر في حلول عقلانية لكل الحواجز وليس اعتماد الرقية في مجملها.

رابط دائم : https://nhar.tv/2fPth
إعــــلانات
إعــــلانات