إعــــلانات

ما قاله صدام حول هجمات سبتمبر 2001

ما قاله صدام حول هجمات سبتمبر 2001

ولكن المشارِك لديه مساهمة حيوية واحدة على الأقل يسجّلها التاريخ: سيكون على علم بأيّ واحد من الاعتبارات العديدة المحتملة التي أثرت بالفعل في القرارات التي ساهم في اتخاذها.

سيكون على علم بالوثائق التي تعكس الحقيقة التي كان يرتئيها. سيكون في وسعه استذكار تلك الآراء التي نالت قَبولا جدّيا، وتلك التي تمّ رفضها، وأنماط التأمل الكامنة وراء الاختيار… ولو تمّ بشكل مجرد، فربما ستساعد مذكرات المشارك مؤرخي المستقبل في الحكم على حقيقة مظهر الأمور، حتى - أو ربما خصوصا – لو أسفر مرور الزمن عن توفر المزيد من الأدلة حول جميع أبعاد الأحداث.

@ هنري كسنجر، 1979

يمثّل التطرّف الإسلامي في العراق تحت راية داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) بشكل خاص، فاجعة ما كانت الولايات المتحدة ستواجهها لو كانت مستعدة للتعايش مع صدام حسين الآيل إلى الكهولة والعزلة، لست راغبا قي التنويه بأن صدام كان بريئا من التهم التي وجّهت إليه عبر السنين. كان «دكتاتورا» عديم الرحمة، واتخذ أحيانا قرارات أقحمت منطقته في الفوضى وسفك الدماء، ولكن، ومع مراجعة أحداث الماضي، فإن تأمل صدام حسين وهو في السلطة، يكاد يبدو مطمئنا بالمقارنة مع الأحداث الشنيعة والجهود الضائعة التي بذلها شباب وشابات القوات المسلحة الأمريكية، ناهيك عن مبلغ ثلاثة آلاف مليار دولار الذي أنفق حتى الآن لبناء عراق جديد.

في ديسمبر 2003 وجانفي 2004، كنت أول أمريكي يجري استجوابا مطولا لصدام حسين بعد أن قبضت عليه القوات الأمريكية، كنت محلل قيادات أقدم لدى وكالة الاستخبارات المركزية، وكنت قد أمضيت السنوات الخمس السابقة لذلك في دراسة العراق وإيران. لقد شعرت لدى المباشرة في جلسات الاستجواب أنني أعرف صدام، ولكن الأسابيع التالية، جعلتني أدرك أن الولايات المتحدة كانت قد أساءت فهمه وفهم دوره كعدو حازم للتيارات الراديكالية في العالم الإسلامي، بما فيها التطرّف السني.

ومن المفارقات أن صدام مع بذل المحافظين الجدد الأمريكيين قصارى جهودهم في الربط بينه وبين أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتنظيم «القاعدة»، أعتقد أن الهجمات على برجي مركز التجارة العالمية ومبنى «البنتاغون»، ستجعل الولايات المتحدة تتقرب من نظامه، إذ كان صدام يعتقد أن العراق والولايات المتحدة كانا حليفين طبيعيين في الحرب ضدّ التطرّف، وكما كرر مرارا خلال استجوابه، لم يتفهم عدم اتفاق الولايات المتحدة معه في ذلك التوجه. كان صدام سنيا وكان حزبه البعثي رمزا للقومية العربية والاشتراكية، وكان يعتبر التطرّف السني مصدر تهديد لقاعدة سلطته. كان صدام يتظاهر بأنه لا يعرف الخوف أبدا، ولكنه فاجأني حين قال إنه كان يخشى نهوض التطرّف في بلاده. كان يدرك مدى صعوبة استخدام أجهزة قمعه السنية في محاربة عدو يتخذ من الأصولية السنية قوة دافعة له.

من بين ملاحظات الباحث الإسرائيلي «آماتزيا بارام»، أن صدام أدرك دائما خطر النخب المنافسة مهما كانت ميولها الدينية أو العلمانية، وأعتقد ألّا مكان لغير قائد واحد، وقال: «عليك أن تفهم أن العراقيين يتآمرون عليك على الدوام، خصوصا الشيعة».

لو نظرت إلى تاريخ العراق منذ سقوط النظام الملكي في 1958، لكان عليك أن تقرّ بأن صدام كان محقا في ذلك، فالنشاط السياسي مبتلى بفئات متناحرة كثيرا ما يهاجم بعضها بعضا. في كثير من الأحيان، وُصف صدام خطأ بأنه ملحد أو بأنه يستخدم الدين في الترويج لأهدافه السياسية، ولكنه لم يكن في الواقع معاديا للدين بحد ذاته، بل كان يطالب بالسيطرة على أيّ نشاط ديني في العراق. كان صدام مؤمنا وفق شروطه الخاصة، وقام في عام 1991 وبعد انتهاء حرب الخليج، بإدخال الدين والرموز الدينية بدرجات متزايدة في الحياة العامة في العراق، غير أن تسامح صدام الديني كان له حدوده الواضحة، فكما قال لي أثناء استجوابه:«قلت لهم لا مانع في ممارستهم للدين، ولكن عليهم ألّا يدخلوا العمامة في السياسة، فلن أسمح بذلك». كان صدام يتحدث عن الشيعة، ولكن ذلك المنع كان يشمل الأصوليين السنة أيضا، في هذه الحالة، كان يشير بالتحديد إلى زعماء الدين الشيعة، مثل محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر، اللذين اختارا معارضة صدام وكانا يهددان نظامه بثورة إسلامية، على غرار تلك التي أطاحت الشاه في إيران في العام 1979 فأمر بقتلهما.

رابط دائم : https://nhar.tv/sFd8e
اقرأ أيضا
إعــــلانات
إعــــلانات