إعــــلانات

مجانين.. لكنهم مشاهير

مجانين.. لكنهم مشاهير
  • يرتدون ألبسة رثة وبالية.. يهيمون في الطرقات والأزقة الشوارع.. يتجولون بين المارة غير مبالين بمظاهرهم وهم شغثا غبرا.. كثيرا ما يقدمون على إذاية من حولهم، لكنهم أحيانا يكونون مسالمين، حتى أنهم في أحايين كثيرة يثيرون فضول المواطنين أو ينالون استعطافهم أو يحظون بـ “إعجابهم” لما يقومون به أو يتلفظونه من سلوكات وكلام أقرب بكثير إلى النوادر والطرائف.
  • هم مجانين الجزائر الذين تكاد تمتلئ طرقاتنا اليوم بهم، خصوصا الأزقة والشوارع الواقعة بالمناطق والأحياء الشعبية.. هم مجانين لا لوم عليهم، لكن الخوف منهم قائم في كثير من الأوقات، لكنهم مثلما يبدون برأي العديد من المواطنين مصدر قلق أو “خطر متنقل”، هم بنظر كثيرين بمثابة ضحايا أو عبر يستوجب أخذ التجربة منهم ومن قصصهم، مثلما هم أيضا لدى البعض الآخر من المواطنين نماذج في “الشهرة” ومضرب المثل في الكثير من المواقف، حتى أن الكثير ممن ينظر إليهم بعين العطف والتعاطف يستحضر كلما رأى أحدهم المثل القائل “خذوا الحكمة من أفواه المجانين“.
  • النهار” تحاول الخوض في عالم المجانين، عالم حاولنا استكشاف معالمه من زاوية منفردة ومتميزة، ومن جانب لا يخلو من الطرافة الممزوجة بالكثير من الدروس.
  • محلل سياسي يتابع الشؤون الدولية
  • هو شخص يكاد يكون معروفا لدى كل سكان ومواطني بني مسوس بالعاصمة، يتجول في شوارع المدينة دون أن يؤذي أحداً، شكله ملفت للنظر، كما أن الكثير من سكان الأحياء التي يجوبها، وبالأخص الشباب، يحاولون التقرب منه والتحدث إليه، وهو ما يكون لهم في كثير من الأحيان.. هو شخص يترجل في الشوارع بشكل طبيعي، دون أن يلفت نظر المارة، حتى أن من لا يعرف المنطقة لا يكاد يصدق أنه مريض أو مختل عقليا.. إنه نوع من المجانين “الفريدين” في الجزائر، حتى أن الكثير ممن يعرفونه يطلقون عليه اسم “المحلل السياسي”، وما أن يصادف هذا المختل الفريد أحد سكان المنطقة حتى يشرع في تبادل أطراف الحديث معه، لكن الكلام لن يكون إلا في السياسة وشؤونها وما تحمله من هموم وتعقيدات، وقد يكون لا يصدق عاقل إن قلنا أن تفاصيل تلك الأحاديث تكون مرتبطة في غالب الاحيان بالشأن الدولي والأوضاع السائدة في العالم.
  • وكثيرا ما يعبر هذا المختل عقليا عن آرائه ومعتقداته تارة بالتحليل والنقاش في مواضيع سياسية محضة، وفي أحيان أخرى بالتحدث عن آخر المستجدات الدولية، غير أنه أحيانا ما يميل إلى طابع العنف في “تحاليله”، حيث يشرع في الصراخ والهذيان بمجرد ما إن يلمس في محدثه طابع السخرية والهزل.
  • نفس المشهد يكاد يتكرر في حي المنظر الجميل بالقبة، أين “يتموقع” مجنون آخر بشكل شبه يومي بجانب محطة ركوب الحافلات.. “بطل القصة” هذه المرة هو شخص في الخمسينات من العمر، يرتدي ألبسة رثة نوعا ما لكنه هندامه عادة ما يكون من نوع بدلات “الكلاسيك”.. يوحي منظره وطريقة حديثة بأنه “مثقف تقطع آخر خيط في  عقله”، حيث أنه كثيرا ما يتكلم باللغة الفرنسية، زيادة على أنه يحمل بشكل دائم محفظة تبدو من مظهرها الخارجي أن بها كيلوغرامات من الوثائق المكدسة.
  • مجانين لتنظيم حياة العاقلين
  • غير بعيد عن حي منظر الجميل، وبالتحديد في القبة القديمة، يوجد مجنون آخر يصنع يوميات الحي بآخر خرجاته ونوادره، المميز في هذا الرجل هو أنه يعتقد بأنه شرطي مرور، حيث أن يداوم على الوقوف في مفترق الطرق الواقع قبالة المدرسة العليا للأساتذة، أين “يسهر” على تنظيم حركة المرور، مستعينا في ذلك بصفارة لا تكاد تفارق شفتيه.. ولا يكاد هذا المجنون يغادر “مركز عمله” حتى يعود إليه من جديد وبعض دقائق فقط، وإن كان ذلك فإنه لن يكون سوى في أحد المقاهي المجاورة لاحتساء كوب ماء يعيته على التتصفير من جديد.
  • هذه القصة تقودنا إلى أخرى مشابهة لكن هذه المرة في مدينة الجسور المعلقة، قسنطينة، أين يعرف بها أحد المجانين باسم “جمولة العاقل” الذي يعتبر أحد أبرز الاسماء من بين “كوكبة” المجانين في المدينة.
  • هذا الأخير يمارس أيضا “مهنة” تنظيم حركة المرور، حيث إنه يتواجد بشكل يومي بالقرب من المركز الثقافي محمد العيد آل خليفة الواقع بقلب المدينة، أين يقوم هناك بتنظيم حركة المرور بكل “تفنن وإبداع”، والطريف والغريب في الأمر هو أن الكثير من سائقي السيارات “ينصاعون” لأوامره، فكل من يأمره “المجنون” بالتوقف أو السير إلا ويطبق الأمر، حتى أن أي شخص يراه لأول مرة سيخاله حتما شرطي مرور “حقيقي” يمارس مهامه بالزي المدني.
  • الطريف أيضا في قصة “جمولة العاقل” هو أنه يحمل العديد من اكسسوارات السيارات والمفاتيح ولوازم الهواتف النقالة، فضلا عن بطاقات تحمل عبارات قف وللبيع يقوم ببيعها من حين لآخر. ومكمن الغرابة في أمر هذا المجنون هو أنه يعرف كل صغيرة وكبيرة عن التجارة وتفاصيلها، حيث من غير الممكن أن يحتال عليه أحد “الزبائن”، كما أنه يفرق بين العملات النقدية، الأمر الذي يدفع غالبا المواطنين إلى “اتهامه” بأنه غير مجنون، والجزم بأنه عاقل أكثر من العقلاء أنفسهم، وأنه يتظاهر بذلك من أجل ربح قوت 
  • يومه فحسب.
  • من يعرف جمولة منذ وقت طويل يقول أنه كان موظفا محترما بإحدى الشركات العمومية التي سرحت عمالها مع بداية التسعينات، الأمر الذي حز في نفسه وأثر فيه، حيث أصيب بانهيار عصبي أدى إلى فقدانه بعض قدراته العقلية.
  • رامبو” قسنطينة الذي اقتحم مركز الشرطة
  • الحديث عن المجانين وتوهمهم واعتقادهم بأنهم رجال شرطة مهمتهم تنظيم حركة المرور، يقودنا أيضا إلى ما يمكن وصفه بالعلاقة العكسية. وباختصار ووضوح نستحضر قصة أشهر مجانين قسنطينة على الإطلاق الذي كاد أن يتسبب في كارثة وخيمة في عاصمة شرق البلاد.
  • تفاصيل قصة “كبير” مجانين قسنطينة تتلخص في قيام اسماعيل، وهو اسم مختل عقليا معروف بكونه عنيف جدا، وغير مؤتمن الجانب، باقتحام أحد مقرات الأمن الحضري بقسنطينة، قبل أن يقوم بعد ذلك بالسطو على سلاح ناري رشاش من نوع كلاشنيكوف كان معبأ بالذخيرة الحية، ليتجه فيما بعد “رامبو قسنطينة” إلى الشارع محدثا موجة من الرعب والهستيريا لدى المواطنين، خصوصا وأن شهرته كبيرة جدا في أوساط مواطني عاصمة الشرق الجزائري حيث يشتهر بتجوله بوسط المدينة والأحياء المجاورة لها مرددا كل الأغاني الشرقية لمختلف المطربين المصريين والمشارقة والتي يحفظها عن ظهر قلب، قبل أن يتم تدارك الأمر وتجنيب المدينة كارثة وشيكة.
  • وفي “أرشيف” نوادر إسماعيل، يحكى أنه اتجه يوما إلى محل لبيع الحليب ومشتقاته قبل أن يطلب من صاحبه قليلا من الحليب، لكن التاجر رفض تلبية طلبه، فما كان من المجنون اسماعيل إلا أن شرع في ترديد أغنية معروفة ومشهورة لفرقة راينا راي، وهي “أغنية طيل طايلة”.. لكن الغريب في هذه الحادثة هو أن مطربنا أدخل تغييرات جديدة على رائعة بلابل مدينة سيدي بلعباس، حيث راح ينشد ويشدي “طيل الطايلة وتحما القايلة ويقل اس اللبن”… وهو الأمر الذي لم يفهمه اللبان إلا بعد زمن غير قصير.
  • أقوى من آلة الجيش الأمريكي..
  • حالات المجانين ذوي الأمزجة والطباع العنيفة ليست مقتصرة فقط “على “الشاب إسماعيل”، بل هي موجودة في كثير من المناطق ويمكن استحضارها من خلال العديد من الامثلة والحكايات، كقصة مختل معروف بحسين داي بالعاصمة، يقال أنه فقد عقله بعدما جرى إبعاده من إسبانيا نحو الجزائر بتهمة الإقامة غير الشرعية على التراب الإسباني.
  • هو معروف باسم “المو” لدى سكان حسين داي، يقضي معظم أيامه في التجول وسط الأحياء والشوارع أين يعرفه الكل هناك.. سبب شهرة “المو” يعود إلى كونه صاحب مزاج عكر ومتقلب، حيث أنه كثيرا ما يحاول كسر زجاج السيارات وتهديد المواطنين، وهو يردد دائما كلمة “حتى الجيش الأمريكي ما يسلكش”، في إشارة إلى أنه لا يمكن لأي أحد الإفلات من قبضته وبطشه.
  • المو” ليس الوحيد الذي يثير الخوف في شوارع العاصمة، بل إن هناك من “يزاحمه” و”ينافسه” على تاج المجنون الأكثر إثارة للرعب.. إنه أحد مشاهير مدينة الشراقة، هوايته ضرب النساء، حيث أنه لا يمكن لامرأة أو فتاة أن تمر بالقرب منه دون أن يضربها أو ينهال عليها بالسباب والشتائم.
  • موستيكا” تبحث عن نصفها الآخر.. و”لاينيقر” مثلما ولدته أمه
  • غير بعيد عن ظاهرة عنف المجانين، وغير بعيد أيضا عن مدينة الشراقة، تتربع “موستيكا” على عرش مجانين مدينة الدويرة الكائتة غرب العاصمة.. “موستيكا” وهي فتاة مختلة عقليا تجلس دائما بمحطة النقل الحضري، وكلامها لا يخرج عن دائرة الزواج
  • يوميات “موستيكا” معروفة لدى الجميع وهواياتها كذلك، فهي مشهورة بحبها اقتناء مستحضرات وأدوات التجميل لتظهر دائما حسناء ومثيرة، على حد قولها، والسبب يكمن في رغبتها إثارة أحد الشباب قصد الزواج به.
  • وفي العاصمة دائما، وبالتحديد في الكاليتوس، نجد أن “سعيد لاينيقر” هو أحد المجانين المهوسين الذين عادة ما يشكلون خطرا على الأمن العام، ليس لكونه عنيف وعدواني، وإنما لأنه يفضل التجول بالشوارع عاريا كما ولدته امه، حتى في طقس شتوى بارد.
  • سعيد لاينيقر” يكاد يكون دائم التواجد بشوارع القصر الأحمر، أين أطلق عليه سكان المنطقة هذا الإسم الغريب، الذي يقال أنه كان بسبب شعره الطويل وثيابه البالية والوسخة إن ارتداها.. ومع أن منظره يثير الاشمئزاز، إلا أن تواجد سعيد لاينيقر” بين المارة بشعره الطويل والوسخ وتعرّيه بينهم هو حدث يتكرر على مدار أيام السنة، ومع ذلك لا يوجد من يضع نهاية لهذا المشهد.
  • تتسول على طريقة البراح
  • هناك صورة أخرى لمجانين يمارسون طقوس جنونهم، وهو ما يجعلهم يتميزون عن غيرهم من فاقدي العقل.. من هذا النموذج نجد “منوبة”، وهو اسم يعرفه الكبار والصغار بقسنطينة، وهي متسولة مجنونة على طريقة البراح، تنتقل بشوارع وسط المدينة على غرار حي 19 جوان، ري دو فرانس، ولها مع كل يوم جديد مطالبة جديدة تتجه بها نحو من تسألهم الصدقة والمساعدة.
  • الغريب في قصة “منوبة” هو أنها تطالب المارة احيانا بتمكينها من شراء الخبز وأحيانا اخرى الشكولاطة ومختلف أنواع الحلويات، أو حتى دجاجة. أما فيما يخص النقود التي تتسولها فالغريب في هذه المجنونة التي يشهد لها كل من يعرفها أنها من طراز خاص هو أنها تطلب من المارة مبلغا من المال على طريقة “التبراح“.
  • في حالات أخرى لا تقل غرابة عن سابقاتها، قادتنا إلى وهران، نجد مختل عقليا يتطوع لتنظيف شوارع وأحياء وهران، وآخر “يحرس” ممتلكات قاطني بلدية السانية ليلا، وهو العمل الذي يقوم به هذا المجنون منذ الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة من الليل.. وهو ما يوحي بسلامة عقلهما أو يدفع البعض ممن يعرفونهما إلى الضحك والفرجة عليهما.
  • شارلوكهومز” وهران
  • المختل الأول الذي يمارس “هواية” تنظيف الشوارع أخذ على عاتقه مسؤولية تنظيف كافة أزقة وهران التي يمر عبرها بإزالته للقاذورات والأوساخ بطريقة منتظمة، ثم بعد انتهائه من جمعها في ركن واحد يقوم بملئها في كيس بلاستيكي يسده بإحكام بواسطة خيط، بعدها يواصل مسيرته وعمله “التطوعي” بأحياء وشوارع أخرى يزيل منها كل البؤر السوداء التي يرمي بها ذو العقول السليمة عن قصد
  • وفي الحالة الثانية لمجنون السانية، نجد أن هذا الاخير خريج جامعة وهران، اتخذ من الشارع مأوا له بعد تخلي عائلته عنه.. “مهمته الإنسانية” لا تختلف كثيرا عن الحالة الأولى وهو ما أكسبه صفة “البطل”، حيث يسهر على أمن وسلامة القاطنين بهذه المنطقة المعزولة، إذ يقضي لياليه في حراسة ممتلكاتهم، حتى أن شهادات عديدة تفيد بأنه قام بالإبلاغ عن هوية عصابة قامت بسرقة سيارة أحد المواطنين، بعد تعرفه على أفراد العصابة التي تمكنت مصالح الأمن من القبض على عناصرها، في اليوم نفسه من تلقي البلاغ، وقد أسفرت تلك العملية الناجحة لمصالح الامن بمساعدة هذا المختل عن استرجاع الأشياء المسروقة.
رابط دائم : https://nhar.tv/8gLeD
إعــــلانات
إعــــلانات