إعــــلانات

مجاهدة تعيش رفقة ابنها وحفيدتها المعاقين داخل كوخ منذ الاستقلال

مجاهدة تعيش رفقة ابنها وحفيدتها المعاقين داخل كوخ منذ الاستقلال

3 آلاف دينار منحة العجز هي الدخل الوحيد للعجوز فاطمة

 تتخبط عائلة مشري ببلدية المريج الحدودية، 50 كلم شمال عاصمة الولاية تبسة، في وضعية مزرية يعجز اللسان عن وصفها ويجف القلم عن التعبير على عمق المعاناة والبؤس  .تقيم العجوز فاطمة التي تبلغ من العمر 96 سنة، رفقة ابن أخرس ومعاق ذهنيا وحركيا بعد تعرضه لانفجار لغم مضاد للأفراد تم زرعه خلال الحقبة الاستعمارية، أدى إلى بتر ساقه منذ كان صغيرا، وابنة تعاني كذلك من إعاقة ذهنية وخرساء هي الأخرى، وغير مسجلة على مستوى مصلحة الحالة المدنية، في كوخ حقير يفتقر لأدنى ضروريات الحياة، وسط صمت مطبق من طرف السلطات المحلية والولائية وتهميش يندى له الجبين، ويثير استياء كل من يعلم بقصة العائلة التي تعيش على ما يجود به الجيران من أكل وبعض الملابس، خاصة وأن مصدر الرزق الوحيد هو 3 آلاف دج تمنح للعجوز شهريا تعرف بـ«منحة العجز»، حسب ما صرحت به المعنية خلال الزيارة الميدانية التي قادت «النهار»، أول أمس، أين وقفنا على حالة يندى لها الجبين ولا يمكن تصديق أنه يوجد في جزائر الاستقلال عائلات تعيش بعيدة كل البعد عن وصف «الكرامة». الكوخ الذي تقيم فيه العائلة لا يتوفر على أي شيء، ورغم وقوعه في وسط البلدية وأمام أنظار الجميع، إلا أنه ولا أحد زارهم ولا أحد سأل عن أحوالهم أو حاول فعل شيء من أجل رفع القليل من الغبن والفقر والمعاناة عنهم، فالابن الذي يبلغ من العمر57 سنة، يعيش مقيدا منذ أكثر من 30 عاما، بواسطة سلسلة حديدية وقفل في غرفة مظلمة ليس فيها أي شيء ومعرض لكل أهوال الطبيعة وما تفرزه الفصول من قساوة، وما زاد في بشاعة وضعه تحول الغرفة بفعل التراكمات وما يخلفه جراء قضاء حاجته البيولوجية في فراشه الرث والمهترئ، إلى شبه مفرغة عمومية صغيرة، حيث الروائح الكريهة والحشرات تغزو المكان الذي لا يدخله أحد إلا والدته التي لم تتمكن من تركه أو التخلي عنه، فهي الوحيدة التي تصارع الزمن والكبر ومعهما حاجة الابن إلى الأكل والاهتمام، ونفس الشيء بالنسبة للابنة الخرساء التي توجد هي الأخرى في وضعية مزرية حيث لا تتحرك ولا تقوم بفعل أي شيء ما عدا انتظار ما تقدمه لها الوالدة من أكل يكون في أحسن الأحوال بعض الكسكسي المسقي بحليب الأكياس. الجيران عبروا عن عميق تذمرهم من السلطات المحلية، التي لم يقم أي فرد منها بزيارة للعائلة ولم يبحث عن طريقة في إخراجها من دائرة المعاناة ولو بمكان يأويهم خصوصا إذا علمنا أن الكوخ الذي يصبح كالشارع أثناء تساقط الأمطار، ليس ملكهم، وخالتي فاطيمة ونظرا لعجزها وكبر سنها وما ألحقه الزمن من معاناة بها، لم تقدر على التعبير الجيد، إلا أنه ومن خلال كلماتها البسيطة فهمنا أن كل حسرتها على ما سيلحقه الزمن بفلذات كبدها بعد وفاتها، هذا، وقد علمنا أن زوجها توفي متأثرا بانفجار لغم من وضع الاستعمار أثناء احتلال الجزائر فيما يعرف باسم خطي شال وموريس ولم يتم تسوية وضعيته، حيث لم تقبض أي فلس ولم تنل الاعتراف الرسمي بوفاته، بينما تجمع كل الشهادات التي حصلنا عليها، على أنها مجاهدة وقدمت الكثير للثورة حيث كانت تقوم بطهي الطعام للمجاهدين بعد أن حولت منزلها إلى مركز يقصده الثوار كلما سنحت لهم الفرصة، وتعينهم على التنقل إلا أنها مثل زوجها لم تنل الاعتراف ولم تسوّ وضعيتها الإدارية نظرا لقلة حيلة اليد وجهلها بالقوانين وعدم وجود أي سند أو مُعين عمل على مساعدتها في مواجهة محن الزمن وتنظيم وثائقها الإدارية مما يسمح بحفظ القليل من الكرامة ويضمن لها العيش رفقة أبنائها على الأقل مثل باقي البشر. ويبقى أمل العائلة في التفاتة جادة وعاجلة من المحسنين من أجل مساعدتها على تحمل بعض قسوة الحياة، خصوصا وأننا في فصل الشتاء، أين تفعل برودة الطقس الشديدة فعلتها في أجساد هزيلة منهكة تُحرك الجماد لو رآها.

 

 

رابط دائم : https://nhar.tv/pShS3