مجزرة 5 جويلية.. من المسؤول

لم يكن أحد يتوقع أن تتحول فرحة المسامعية بالفوز على الغريم التقليدي مولودية الجزائر في الكلاسيكو العاصمي الذي ينتظره مناصري الفريقين بفارغ الصبر إلى حزن، بعدما توفي مناصران من اتحاد العاصمة، إثر انهيار مدرجات العليا رقم 13 بملعب 5 جويلية أمسية أمس الأول خلال متابعتهما لمواجهة الجولة الخامسة من الرابطة المحترفة الأولى أثناء مناصرتهما لفريقهما المفضل واحتفالهما بتقدمه في النتيجة على غريمه، لتتحول بذلك احتفالات المسامعية التي حضروا لها مطولا بعدما كرروا سيناريو المباراة النهائية لكأس الجزائر الموسم الماضي إلى مأتم . المناصران المتوفيان رحمهما الله سفيان عزيب البالغ من العمر 26 سنة من العمر وسيف الدين درغوم البالغ من العمر 21 سنة، كانا ضحية انهيار جزء من المدرجات رقم 13 المهترئة، لتحدث حفرة كبيرة هوى منها المناصران بعد عشر دقائق من انطلاق الشوط الثاني من المباراة، أين كان رفقاء الحارس زماموش متقدمون في النتيجة بهدف دون رد من توقيع قاسمي عن طريق ضربة جزاء في الشوط الأول، حيث لم تتحمل تلك المدرجات التي شيدت منذ سنة 1972، وقد سارع رجال الشرطة والحماية المدنية من أجل إنقاذ الشابين، اللذان كان ذنبهما الوحيد أنهما يعشقان اتحاد العاصمة، لينقلا على جناح السرعة إلى مستشفى بني مسوس، ورغم محاولات الطاقم الطبي للمستشفى لإنقاذ حياتهما، إلا أن القدر شاء عكس ذلك، إذ انتقل المناصر سفيان عزيب من حي ديار العافية بالقبة سهرة أمس الأول إلى رحمة الله، بينما دخل الثاني سيف الدين درغوم إلى غرفة الإنعاش بعدما نقل إلى مستشفى بني مسوس قبل أن يتوفى صبيحة أمس، ليرافق صديقه إلى جوار الرحمن، لنشهد مجزرة في الملعب، كان من المفروض أن يكون مهرجانا لأفراح الأنصار.
5 جويلية تحول من مفخرة الجزائريين إلى مقبرة تخطف أرواح الأنصار الأبرياء
ومرة أخرى، يكون ملعب 5 جويلية مسرحا للفضائح، فبعد فضيحة الأرضية التي تحولت إلى «مزرعة» خلال المباراة الودية للمنتخب الوطني أمام المنتخب البوسني الموسم الماضي، تحول هذه المرة إلى «مقبرة» الأنصار، بعدما كان معلم احتفالات الجزائريين وإنجازاتهم، على اعتبار أن المنتخب الوطني توج بالكأس الإفريقية الوحيدة في تاريخه على أرض الملعب ذاته سنة 1990، وقد تحول إلى مسرح لمجزرة حقيقية بمناسبة مواجهة الكلاسيكو العاصمي أمسية أمس الأول، ولكن من المسؤول عن ذلك؟ هذا هو السؤال الذي يشغل بال الكثيرين، خاصة وأن هذا الملعب كان قد تقرر إغلاقه في نهاية الموسم الماضي، عقب الفضائح التي تسبب فيها، ليلغى هذا القرار فيما بعد ويفتح أبوابه مرة أخرى أمام الأنصار ويحتضن مباريات العميد.. بعد أن وقعت الفأس في الرأس وخسر النادي العاصمي شابين من خيرة أنصاره، تقرّر مرة أخرى غلق الملعب إلى إشعار آخر.
تضامن من الشناوة وأنصار الأندية الأخرى ولاعبي الخضر مع المسامعية
وبعد هذه الحادثة الأليمة التي ألمّت بعائلة اتحاد العاصمة، بخسارته لشابين من أبرز أنصار الفريق، تضامن عدد كبير من أنصار الأندية الأخرى وعلى رأسهم أنصار غريمهم التقليدي مولودية الجزائر «الشناوة»، الذين استنكروا بشدة ذهاب أرواح مناصرين من الاتحاد ضحية سوء التسيير في المنشآت الرياضية، وأكدوا خلال المنتديات وصفحات التواصل الاجتماعي، أنهم يساندون المسامعية في هذه الفاجعة، كما سارع لاعبو المنتخب الوطني للتضامن مع أنصار سوسطارة وتقديم تعازيهم إلى عائلتي الفقيدين، وكان لاعب نادي ريال سوسييداد الإسباني أول من وجه تعازيه الحارة، وذلك عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، حيث أكد أن ما حدث كارثة وتمنى عدم تكرار مثل هذا المشهد في البطولة الوطنية.
ملاعب 20 أوت.. قصاب وبولوغين انهارت مدرجاتها ايضا في سنوات سابقة»
وليست هذه المرة الأولى التي تتسبب فيها الملاعب في بلادنا في خطف أرواح الأنصار، بل سبق وأن كانت هناك حوادث مماثلة، إلا أنها كانت لها أسبابها، حيث كانت هذه الحوادث بسبب الاكتظاظ والتدافع بين المناصرين، عكس ما حدث خلال الكلاسيكو العاصمي أمس الأول، أين توفي مناصرا اتحاد العاصمة بسبب اهتراء المدرجات، كما كان ملعب 20 أوت 55 بالعناصر في أكتوبر 1982، مسرحا هو الآخر لمجزرة، عندما لقي 10 مناصرين حتفهم بسبب انهيار جزء من المدرجات والعديد من القتلى، خلال المباراة التي جمعت مولودية الجزائر بنصر حسين داي، وكاد ملعب قصاب بسطيف منذ حوالي ثماني سنوات تقريبا أن يكون مسرحا لمجزرة حقيقية عندما انهارت إحدى مدرجاته خلال تدافع عدد كبير من الأنصار في داربي الهضاب العليا وفاق سطيف وأهلي البرج، أين خلّف مئات المصابين، وقبل إيجاد الحلول المناسبة التي يبدو أنها لا تزال بعيدة، يبقى السؤال مطروحا إلى متى هذه السياسة؟ وهل أن الملاعب في الجزائر لم تعد آمنة وإن كان مناصرا سوسطارة قد لقيا ربهما بعد انهيار جزء من المدرجات، فالكثير منهم يلقى حتفه لأسباب مجهولة مثلما يحدث في الكثير من الملاعب.
من المسـؤول..؟
سؤال لم نجد له جواب..من المسؤول على ما يحدث في ملاعب كرة القدم في الجزائر؟ في وقت يتفنّن أنصار النوادي الأوروبية في تطوير طريقة تشجيعهم لنواديهم المفضلة تخطف الكرة المستديرة عشاقها في بلد المليون ونصف المليون شهيد..ففي ظل تهرّب كل مسؤول من تحمّل هذه المسؤولية، فمدير الملعب رمى بالمسؤولية على المناصرين، حيث أكد أنهما توفيا بسبب القفز الذي أدى إلى انهيار الجزء الذي كانا جالسين فيه، أما قرباج رئيس الرابطة، فقد أرجع ذلك إلى قضاء الله وقدره، محملا الوزارة مسؤولية عدم غلق الملعب في بداية الموسم، بينما تكفل تهمي وزير الشباب والرياضة بفتح تحقيق في القضية لتحديد المسؤولين، وفي ظل كل هذا يبقى المناصر الجزائري الخاسر الأكبر الذي يدفع 300 دينار جزائري لشراء موته في ملاعب لم تعد آمنة أبدا وتحولت إلى مقابر، في وقت كان يجب أن تكون مسرحا للأفراح مثلما يحدث في الملاعب الاوروبية.