إعــــلانات

محي الدين عميمور: المجاهد الراحل محمد الصالح يحياوي لم يكن رجلا عاديا

محي الدين عميمور: المجاهد الراحل محمد الصالح يحياوي لم يكن رجلا عاديا

رثى الوزير الأسبق محي الدين عميمور المجاهد الراحل محمد الصالح يحياوي الذي وافته المنية الجمعة الماضي عن عمر ناهز 81 سنة.

وقال عميمور في رثائه للمجاهد الراحل لعلّ أول ما يخطر ببالي عند الحديث عن محمد الصالح يحياوي. كلمات أحمد شوقي في رثاء حافظ إبراهيم:
قد كنت أوثر أن تقول رثائي * يا منصف الموتى من الأحياء
لكن سبقتَ، وكل طولِ سلامةٍ * قدرٌ ، وكل منية بقضاءِ
وأضاف، أعترف أنّني حاولت الفرار من هذا اللّقاء، لأنّني أكره لقاءات التأبين.
الّتي يتساوى فيها الإنسان العادي بقامات كقامة يحياوي.
حيث يسود منطق: اذكروا محاسن موتاكم، بينما تسترجع الأغلبية همسا أو سرا: “كي مات علقو له عرجون”.
وأنا ممن يدعون بأنّ الكثير من كلمات التأبين لا مصداقية لها، وعباراتها مهما كان إخلاصها وصدقها وجمالها وبلاغتها هشيم تذروه الرياح.
وقلّ من يوليها الإهتمام، ولكن وقفة الترحم أيا كانت النظرة لها هي ضرورة أخلاقية قبل أن تكون إجراءً روتينيا.
لرفع العتب أو لإرضاء الأهل والأحبة والرفقاء.
وتابع عميمور، “الحديث عن محمّد الصّالح يحياوي يطول ويطول، ولعلّ أروع تعبير ذكرنا به سعد بوعقبة”.
“هو قول محمد حسنين هيكل بعد لقائه بقائد الأكاديمية العسكرية بشرشال: إنه مثقف برتبة عقيد”.
و”لعله لم يكن يعرف أن يحياوي تخرج من مدرستين، مدرسة بن باديس ومدرسة أول نوفمبر”.
ومن واجب الوفاء، “أتذكر الرفيقين مصطفى هميسي والبشير حمادي، ومعهما استطعنا في نهاية الثمانينيات أن نذكر بأن يحياوي ما زال حيا”.
وذلك عبر الحوار المطول الذي نشر على يومين في صحيفة الشعب.
وهو الباب الذي عاد منه إلى الساحة السياسية أيضا عبد السلام بلعيد، وتمكن قياديون كثيرون من العودة إلى سطح الحياة السياسية.

بفضل مؤتمر جبهة التّحرير الوطني، الذي يعود الفضل الأول فيه للراحل عبد الحميد مهري.
الحديث عن سي محمد الصالح يطول ويطول، لأنه لم يكن رجلا عاديا، ولا أقصد بهذا تقديسا للرجل.
أو تجاوزا لدور آخرين في الوقائع والأحداث التي كان هو جزءا منها.
لأنّه، كما قلت في حياته، كان يجتهد في كل ما يقوم به، وله دائما أجر المجتهد.
ولن أتوقف عند مسيرة يحياوي المجاهد، والتي أترك الحديث عنها لرفاقه، وأكتفي بالقول أنه لو كانت الشظايا.
وطلقات الرصاص يمكن أن تنبت كالأشجار، لكان جسم محمد الصالح يحياوي مزرعة تنتج الأسلحة.

لكثرة ما فيها من شظايا المقذوفات، وأذكُر هنا مقولة خالد بن الوليد الرائعة: لَقَد شَهِدتُ مائَةَ زَحفٍ أو زُهاءَها.
وما في بَدَني مَوضُعُ شِبرٍ إلاّ وفيهِ ضَربَةٌ بِسَيفٍ أو رَميةٌ بِسَهمٍ أو طَعنَةٌ بِرُمحٍ.
وها أنذا أموتُ على فِراشي حَتفَ أنفي، فَلا نامت أعينُ الجُبَناء.
ولا أرى نفسي من القادرين على تأبين محمد الصالح يحياوي.
وسأكتفي بمجموعة من النقاط أريدها أن تظل عالقة في الأذهان، كلما جاء ذكر العقيد المثقف.
الّذي خسرته الساحة السياسية ظلما وعدوانا، ولم يجد إلا من رحم ربّك في الأيام الصعبة التي مرّ بها.
من تلك النقاط أن يحياوي كان يملك من عناصر العفة الأخلاقية والنزاهة السياسية .
ما منعه من أن يحاول الانتقام طوال السنوات الماضية ممن قتلوه سياسيا.

وكانوا السبب في خراب كثير أصاب البلاد نتيجة لتصفيته، هوَ ورجالات آخرين.
كانوا بالنّسبة لقيادة الدّولة آنذاك مرايا عاكسة تريها ما يحاول البعض إخفائه.
للسيطرة على فكره واتجاهاته، وعلى مصير الوطن وتوجهاته.
ولن أتوقف كثيرا عند الجهد الهائل الذي بذله العقيد في الأكاديمية، لتجسيد العقيدة القتالية الوطنية للجيل العسكري الصاعد.

استلهاما للانتماء العربي الإسلامي وتنفيذا للمبادئ التي رسمها بيان أول نوفمبر 1954.
وعندما اطمأن الرئيس الراحل لفعالية التكوين، والذي يجب أن يذكرنا دائما بمدارس أشبال الثورة.
أراد أن يكون لسي محمد الصالح وجود أكثر اتساعا ومجال لا يقل أهمية عن مجال تخصصه.
كان بو مدين يؤمن بأنّ أيّ مؤسسة سياسية لا يمكن أن تنجح إذا لم تتكامل مع المؤسسة العسكرية الوطنية.
ومن هنا أحسّ في 1977 بأنّ الوقت قد حان لبناء الحزب القائد، على ضوء المبادئ الّتي جاء بها ميثاق وطني.
وضعت مواده الأوليّة على ضوء التجربة العملية، وصادقت عليه الجماهير بعد مناقشته بكل حرية وموضوعية.
وهكذا لن يكون الخط العقائدي للمؤسسة السياسية بلاغيات طبخت في مخابر بعيدة عن مطامح الشعب وإرادة المناضلين.
وهنا انطلق سي محمد الصالح، بعمقه الجهادي وبتكوينه العربي الإسلامي.
في بناء المؤسّسة التي ستكون ضميرالأمّة وطليعتها، الساهرة على تنفيذ الأهداف.

رابط دائم : https://nhar.tv/UeFez
إعــــلانات
إعــــلانات